أعلان الهيدر

الجمعة، 23 فبراير 2007

الرئيسية لنتذكر الفيتناميين وشبح العامل البرتقالي

لنتذكر الفيتناميين وشبح العامل البرتقالي


المهندس أمجد قاسم


شهد القرن الماضي اندلاع حروب عالمية ضخمة قادتها الدول الغربية وكان أتونها شعوب العالم النامية والمتخلفة صناعيا وتكنولوجيا ، وبالرغم من بشاعة تلك الحروب وويلاتها الكثيرة ،والتي ذهب ضحيتها الملايين من الأبرياء ، إلا أن آثارها ما زالت ماثلة للعيان لغاية اليوم وستمتد خلال القرن الحالي.
ويمكن القول أن من ابشع تلك الحروب هي  الحرب الفيتنامية التي امتدت ما بين عام 1962 إلى عام 1972 والتي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية على دولة فيتنام الفقيرة ، واستخدمت خلالها جميع الأسلحة المتاحة ، التقليدية وغير التقليدية – باستثناء السلاح النووي- دون أي اعتبار للقيم الأخلاقية والإنسانية والدينية ، بل يمكن القول أن القادة الأمريكان تفننوا في تلك الحرب القذرة في ابتكار أساليب القتل والتعذيب وإبادة السكان الأبرياء المسالمين في تلك الدولة الفقيرة والمعدمة ، بل لم يتورع قادة الحرب في تلك الدولة المتقدمة من تكريس كل التقدم والتطور العلمي الذي حققته البشرية لتصنيع أدوات ووسائل للقتل والتعذيب والتشويه ، وإمعانا في القسوة والهمجية والقتل والدمار لجأت الولايات المتحدة الأمريكية إلى القضاء على المحاصيل الزراعية والأشجار والغابات والتي كان يتخذها الثوار الفيتناميين والسكان المحلين للاختباء ولتفادي نيران القصف الأمريكي المركز عليهم ، فعمد الجيش الأمريكي إلى استخدام طائراته لرش الأشجار والغابات ببعض المركبات الكيميائية العالية السمية والتي تعمل على تساقط أوراق الأشجار والقضاء على الغطاء النباتي في تلك الدولة ، ولإنجاز هذه المهمة استخدم مبيد فتاك يتكون من مركب D-2,4  و مركب T-2,4,5 والذي يعرف باسم العامل البرتقالي.
لقد دلت الأبحاث العلمية أن هذا المبيد القاتل يحتوي على أحد أهم وأخطر المركبات الكيميائية السامة وهو TCDD ( تترا كلورو داي بنزو دايوكسين ) وأن هذا المركب يتسبب في حدوث بعض الأمراض القاتلة لدي من يتعرض له ، كالسرطان والتشوهات الخلقية والجنينية ، وأن فترة تأثيره تمتد إلى عشرات السنوات .
هذه النتائج خلص إليها باحثون متخصصون ، وتم نشرها مؤخرا في مؤتمر خاص حول التلوث عقد في باريس ، وجاء ضمن أوراق المؤتمر أن العامل البرتقالي يؤثر بشكل حاد على حيوانات التجارب ضمن تراكيز أقل بكثير من تلك التراكيز التي استخدمتها الولايات المتحدة الأمريكية في فيتنام ، وانه قد لوحظ إصابة حيوانات التجارب بالأورام الخبيثة والسرطانات القاتلة وكذلك الموت السريع للكثير من هذه الحيوانات .
يجدر الإشارة هنا إلى أن المسوح الصحية في دولة فيتنام المنكوبة مازالت تظهر بشكل واضح ولادة الآلاف من المشوهين سنويا جراء إصابة آبائهم بطفرات وراثية مدمرة نتيجة تسممهم بالديوكسين.
إن نتائج مؤتمر باريس السابق الذكر تعتبر أمرا هاما للغاية ، فبعد حرب فيتنام شنت الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها إسرائيل الكثير من الحروب في منطقتنا العربية ، وقد استخدمت في تلك الحروب الكثير من الأسلحة غير المعروفة لنا ، والتي يدخل في بعضها الفسفور واليورانيوم المنضب وبعض المركبات الكيميائية المجهولة الهوية والتي سيكون لها تأثيرها على منطقتنا العربية وعلى سكانها خلال السنوات القليلة القادمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه

يتم التشغيل بواسطة Blogger.