أعلان الهيدر

الاثنين، 24 سبتمبر 2007

الرئيسية التغذية أساس الحياة

التغذية أساس الحياة

الدكتور الصيدلاني إسماعيل عصام زيد الكيلاني *

الإنسان منذ القدم يبحث عن البقاء والخلود لأطول فترة ممكنة في هذه الحياة . و اكتشف باكراً أن الغذاء هو من أهم مصادر هذه الحياة ، فهو كان على علم ٍ كافٍ بأن الحصول على مصادر الغذاء السهل الغير منقطع هو مصدر الحياة الرئيس . فنرى مثلاً جميع المناطق التاريخية تكون ذات مقومات غذائية جيدة، حيث أن أراضيها كانت خصبة و تكون قريبة من مصادر المياه ، سواء أنهار أو بحار أو ينابيع أو آبار ، وكانت المهن الأساسية للناس آن ذاك هي مهن غذائية ، مثل الزراعة و الصيد و تجارة هذه المواد و ما يلزم لتحضيرها بشكلها النهائي ( الطعام ).
و لعل كل المشاكل و الحروب التي حدثت في العالم و صراع البقاء الذي نراه في الإنسان والحيوان لهذه اللحظة هو البحث عن حياة كريمة سهلة أي البحث عن أساس الحياة، الذي يتمثل بالتغذية السهلة دون عناء شديد و دون حدوث مخاطر . فكان المجتمع القوي يأخذ من المجتمع الضعيف مكان سكنه الإستراتيجي الذي يوفر له غذائياً مناسبا ، إذاً الموضوع كله هو البحث عن حياة أفضل وهذا يعني تغذية أسهل و أفضل .
و بدأت الحياة تتطور والعلم يتقدم ، فبدأنا نرى العديد من أنواع وأشكال الأغذية الجديدة  ، و بدأ هناك تطوير للزراعة و الصناعة و تغير في الجيناتلبعض الأنواع من الأغذية لكي تنمو وتزداد أفضل، و حدث تطوير في صناعة الأدوية المكافحة للجراثيم والطفيليات التي تسبب الهلاك للمحاصيل، و بالتالي أصبح الحصول على الغذاء بشكل أكبر و أكثر سهولة ، و بدأ هناك تطوير للأدوية البيطرية فجعلت المحاصيل الحيوانية تزدهر، و اكتشفوا أدوية و هرمونات تعمل على التسريع في نمو المحاصيل الزراعية و الحيوانية، وأسمدة تجعل الأراضي البور خصبة خضراء  ،و أنواع أعلاف وأتربة كيماوية مصنعة . حتى نظام الري أصبح مختلفاً فلم يعد الإنسان ينتظر المطر أو الأنهار لتسقي محصوله، فإن نظامه الجديد يجعل الدنيا تمطر متى يشاء سواء بالرشاشات أو باستخدام المياه العادمة أو بالأمطار الصناعية. و لم يعد ينتظر النهار لتطلع الشمس لكي يحصل على بيضة جديدة من دجاجته ،فهو يضيء المصباح الكهربائي للدجاج فيبيضوا له متى هو يشاء. و لم تعد الدجاجة تحظى بفترة أمومة أو حضانة و لا وليدها الصوص أيضاً وليس لديها الوقت أصلاً لتجلس على البيض أو تبحث عن القش لتعمل عشاً طالما هناك فقاسات كهربائية للبيض. و لم يعد العجل يشرب حليب أمه بل يشرب هو الأخر حليب بالرضاعة مثل طفل الإنسان خوفاً من أن يعيق أمه العاملة عن عملها أو أن يشرب أكثر بقليل. وكذلك البطيخ لم نعد نمل من بذره و لم يعد للصبر شوكاً أو بذراً للعنب وأصبح الدراق أحلى وأقصى و لم يعد له فرواً. و المانجا أصبحت بذرتها أصغر، و لم يعد الفطر يبحث عن صخرة أو مغارة لينموا بداخلها فقد تبناه الإنسان و رباه عنده، وأعطوا البقر أدوية كيماوية لكي يبقى حليبها مستمر مدى السنة . و بدأت مصانع الأغذية بتصنيع أنواع أطعمة جديدة صنعها و طورها الإنسان، و أصبحت ألذ و أشهى. و مع المنافسات بين الشركات أصبحت هذه المواد التي كانت في السابق تعتبر نوعاً من أنواع الرفاهية و حكراً على المجتمع الغني و الراقي ، أصبحت مواداً أساسية عند الجميع ،الفقير قبل الغني و لايمكن للإنسان الحديث الإستغناء عنها و لو ليوم واحد. و أصبحت تمثل الحضارة و التطور والرقي. و طبعاً نحن المجتمع العربي المستهلك الأول لهذا التطور العظيم . و طبعاً نتجت أمراض عديدة من هذا التطور السريع لعل من أهم هذه الأمراض هو وباء السمنة.
 
 
إن السمنة في حد ذاتها تعتبر مشكلة صحية و نفسية كما أنها تمثل عاملرئيس للإصابة بالعديد من الأمراض مثل السكري والأمراض القلبية الوعائية و الشرايين و الدهون بالدم و أمراض العظام و المفاصل والسرطانات . و لعل من أهم هذه الأمراض الناشئة عن السمنة هو مرض السكري. وهناك نحو 16 مليون إنسان مصاب بالسكري في منطقة الشرق الأوسط . ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى نحو 43 مليون بحلول عام 2025. و لقد أصبح المجهود الرياضي نشاطاً ترفيهياً، والناس يركبون السيارات المكيفة في جميع تنقلاتهم البسيطة ، ويشترون أغذيتهم من الأسواق في أن واحد فلا يوجد مشي و تعب للبحث عن كل سلعة في منطقة مثل السابق ،فكل السلع تباع في مكان واحد أو أماكن قريبة من بعضها . ويركبون المصاعد حتى في صعود القليل من الدرج ، و أصبح الأولاد يشاهدون التلفزيون و الصور المتحركة و الإنترنت طوال اليوم، فلا يوجد مجال للحركة أو حتى اللعب أو التعب و حتى ألعاب الأطفال القديمة أصبحت تراثاً من الماضي يتذكره الكبار و لا يعرفه الصغار . و حتى العمال و المزارعون لم يعودوا يتعبون مثل السابق بفضلوجود ألآت و ماكنات حديثة تعمل عملهم , وبنفس الطريقة تغيرت أيضاً العادات الغذائية للجميع تغيراً كبيراً. فقد ازداد استهلاك الدهون والسكريات استهلاكا هائلاً في هذه السنوات القليلة ، وأصبحت الأكلات السريعة موجودة في كل مكان و زمان ، و أصبح الجميع يتناولون أغذية مصنعة في كل وجبة من الوجبات مثل المشروبات الغازية و الشوربات المصنعة و الكتشب و المايونيز ... طبعا ناهيك عن مضار المواد الحافظة و الملونة والكيماويات الموجودة في هذه الاطعمة المصنعة .

إذاً المعادلة من هذه الحياة المتطورة تكون كالأتي :
الكثير من الطاقة + الكثير من الكيماويات + القليل من الحركة = ؟؟؟

* بكلوريوس صيدلة / تركيا -  ماجستير تغذية / أمريكا
عضو جمعية التغذية الأمريكية
AMERICAN SOCIETY FOR NUTRITION

هناك تعليقان (2):

  1. الشكر للدكتور اسماعيل الكيلاني الذي احاط بموضوع التغذية ومصادرها وتطورها وعلاقة السمنة بها مع متغيرات العصر الحديث وبيان ان الغذاء ليس هو السبب الاساسي بالسمنة انما ترافق تناول المزيد من الغذاء مع قلة النشاط الحركي او انعدامه احيان لما توفره وسائل الحياة العصرية من اساليب راحة بمختلف مناحي الحياة........

    وللاخ المهندس امجد الشكر الجزيل لهذه المدونة التي تحتضن جميع الاراء والافكار العلمية التي تهمنا بمختلف مناحي الحياة

    وتحياتي للجميع


    ردحذف
  2. شكرا كثير لصديقنا الدكتور اسماعيل الكيلاني على تواصله الدائم معنا ومقالاته المتميزة للغاية

    ايضا شكرا لك أخت منى على التعليق السابق

    الى اللقاء

    ردحذف

ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه

يتم التشغيل بواسطة Blogger.