أعلان الهيدر

الاثنين، 27 أكتوبر 2008

الرئيسية نظرة تاريخية على ظاهرة الانحباس الحراري

نظرة تاريخية على ظاهرة الانحباس الحراري

المهندس أمجد قاسم
كاتب علمي

          مما لا شك فيه أن ظاهرة الانحباس الحراري وما نجم عنها من تغيرات مناخية حادة ، تعتبر قضية القرن الحادي والعشرين ، و لا يكاد يمضي يوم دون أن تتناولها وسائل الإعلام العالمية وينشر حولها دراسات مختلفة تبين تأثيرها على كوكب الأرض وعلى التوازن البيئي العالمي وعلى صحة وحياة الإنسان .
          لقد اختلفت مسميات هذه الظاهرة ، فهي تارة تدعى بالتغير المناخي أو ظاهرة البيت الزجاجي أو الدفء الكوني أو ظاهرة الانحباس الحراري الكوني ، وغيرها من المسميات التي تصب في معين واحد ، وهو أن هناك ارتفاعا ملحوظا لدرجة حرارة كوكب الأرض بشكل عام .
         
          ظاهرة مناخية جديدة ذات جذور قديمة
          تدل الدراسات البيئية والجيولوجية ، أن مناخ الأرض قد تعرض لتغيرات حادة خلال آلاف السنوات الماضية ، وتؤكد تلك الدراسات أيضا أن ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض ، أمر ليس بالجديد ، بل إن الشواهد والأدلة التي تمكن الباحثون من جمعها ، تؤكد أن درجة حرارة سطح الأرض قد تعرضت لموجات متباينة من الارتفاع والانخفاض .
          لقد لعبت البراكين سابقا وزيادة نشاط الشمس وغيرها من الظواهر الطبيعية دورا كبيرا في إحداث تغيرات في درجة حرارة الأرض ، كما ساهمت نشاطات الإنسان الزراعية ومنذ أكثر من 8000 عام في إحداث تغيرات في مناخ كوكب الأرض ، ومن أهم هذه النشاطات ، استصلاح الأراضي وإزالة الغابات وحرق مساحات شاسعة من الأراضي المزروعة لغاية التوطن أو لغاية تدميرها أثناء الحروب والصراعات الدامية والحصار بهدف تدمير الأعداء والقضاء عليهم .
          وعملية إزالة الغابات ، شهدت في الواقع تسارعا كبيرا خلال الفترة الممتدة بين 700 قبل الميلاد إلى نهاية القرن الأول الميلادي ، حيث تم قطع وإزالة عدد كبير جدا من الأشجار بهدف بناء السفن وصنع الآلات الحربية وبناء المساكن والبيوت ، وقد واجهت الأرض خلال العصور الوسطى ولغاية القرن الثالث عشر ارتفاعا ملحوظا في درجة حرارتها عرف بإسم الدفء الروماني ، وأعقب ذلك فترة من انخفاض الحرارة امتدت لغاية القرن التاسع عشر ، حيث كان نهر التايمز في تلك الحقبة الزمنية يتجمد سنويا وتقام عليه مهرجانات التزلج على الجليد ، وبعد ذلك بدأت حرارة الأرض بالارتفاع مجددا .
          هذه التغيرات المتعاقبة التي شهدتها الكرة الأرضية خلال تلك الفترة ولغاية مطلع القرن التاسع عشر ، أسهمت قوى الطبيعة وبشكل كبير في إحداثها ، لكن ومع زيادة التقدم الصناعي ، وما أسفرت عنه الثورة العلمية التي حدثت بعد ذلك ، جعلت نشاطات الإنسان اليومية تلعب دورا حاسما في إحداث الكثير من التغيرات المناخية بشكل عام .
            
          انعكاسات الثورة الصناعية على البيئة
          في بداية عصر الصناعة ، اعتمد الإنسان على الفحم الحجري لتوليد الطاقة وتسير المحركات البخارية ، وقد نجم عن ذلك إطلاق ملايين الأطنان من الغازات الملوثة والسامة في الغلاف الجوي ، ثم أعقب ذلك زيادة عمليات اكتشاف العالم ، والبحث عن الثروات الطبيعية ، واستغلال الخامات المختلفة من أجل رفد العمليات الصناعية بحاجتها من تلك المواد ، أضف إلى ذلك أن زيادة أعداد السكان فرضت على الإنسان ضرورة استغلال كافة الثروات الطبيعية لتلبية حاجاتهم اليومية وتوفير الغذاء والكساء لهم ، مما نجم عنه استنزاف غير مسبوق للموارد الطبيعية وتلويث للبيئة بالمخلفات الصناعية الخطيرة التي أحدثت خلالا واضحا في التوازن الأيكولوجي لكوكب الأرض.
          إن تعاظم التصنيع بكل أشكاله وزيادة السكان بشكل هائل خلال السنوات القليلة الماضية ونشوب الحروب الطاحنة والنزاعات العنيفة بين الدول واستخدام الكثير من الأسلحة الخطيرة في تلك النزاعات وما نجم عنها من مخلفات كيميائية مدمرة للبيئة واستنزاف للموارد الطبيعية بشكل مفرط ، واستخدام الأدوية والأسمدة الكيميائية والرعي الجائر وقطع للأشجار ، كلها عوامل أدت إلى تدمير توازن الكوكب الأزرق وبالتالي أصبح هذه الكوكب الجميل عرضة للتغيرات المناخية الحادة  ، التي قد تمتد آثارها السلبية لقرون طويلة من الزمن وقد نصل وقتها إلى مرحلة يستحيل عندها إعادة النظام البيئي إلى ما كان عليه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه

يتم التشغيل بواسطة Blogger.