أعلان الهيدر

السبت، 20 يونيو 2015

الرئيسية الإنسانية سمة الإسلام

الإنسانية سمة الإسلام


الأستاذ فاروق أبو طعيمة *

تعتبر الإنسانية سمة رئيسة من سمات الإسلام عقيدة وشريعة وأحكاما، ويجد المتأمل في  تاريخ الدعوة الإسلامية  أن الإنسانية  ركيزة أساسية من ركائز الدعوة الإسلامية التي جاهد الرسول (ص) من أجل ترسيخها وتثبيتها في عقول وقلوب المؤمنين وقد أمر الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم (ص) منذ الأيام الأولى للدعوة أن تكون دعوته  إنسانية لأن الإنسان مخلوق لله  سبحانه وتعالى له مكانته ودوره وشأنه في هذه الحياة ،وقيمة الإنسان في الإسلام لا ترتبط بما يملكه من مالٍ أو نفوذ أو عشيرة، بل أن قيمته بما يملكه من إيمان وإحسان وعمل صالح.

يقول تعالى في سورة الكهف : "وأصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا   قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا " آية /28 ، فالإنسان مخلوق من أكرم المخلوقات التي خلقها الله عز وجل وهو الذي أختاره ليكون خليفته في الأرض ، ولا تعني الخلافة في الارض أن يكون الخلفاء من طينة ذات صفات تحددها عقلية البشر وتفكيرهم الناقص والمحدود.

فانظر اخي المسلم الظلم الذي حل بالبشرية عندما أخضع الإنسان مفهوم الخلافة إلى مقاييس و معايير بشرية، فقد ذبح و يذبح آلاف النفوس البشرية التي خلقها الله تعالى و أحلها مكانة عظيمة فكم من الملايين التي هلكت في القرن المنصرم ؟ فأين الإنسانية التي تدعي بها الأفكار والمبادئ والقوانين الأرضية ؟ وهل ستلقى البشرية في الألفية  الثالثة ما لاقته في القرن المنصرم ؟ لاشك ان الإنسانية ستلاقى ظلماً و فتكاً و امتهانا اشد مما لاقته سابقاً فيزداد شقاء الإنسان وتذبح الإنسانية يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة لذا لابد للمؤمن أن يأوي الى كتاب الله وان يبرز ما فيه من تقدير واحترام للانسان و الانسانية فهو الكتاب الوحيد الذي يذكر الانسان بما يزيد عن  ثلاثمائة مرة فالانسان  في القرآن مخلوق متميز كرمه الله بالعقل والارادة والروح فهو خليفة الله في أرضه وهيأه بالعقل والعلم ليتصرف في خيراتها وينتفع بها مصدقاً لقوله تعالى في سورة البقرة " وإذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الارض خليفة " آية  30 وتكمن الإنسانية في استخلاف الانسان بذلك التكريم الرباني الذي نزل على صورة مشيئة عليا تريد أن تسلم لهذا الكائن الجديد في الوجود زمام هذه الارض وتطلق فيها يده وتسند إليه إبراز مشيئة الخالق في الابداع ولتكوين والتحليل والتركيب والتحوير والتديل واكتشاف ما في الارض من قوى وطاقات وكنوز وخامات والانسان المعاصر بأفكاره ومناهجه الارضية رغم ما حققه من اكتشاف واستغلال لم يتمكن من الحفاظ على إنسانية الانسان بل قتل وسفك ودمر وخرب وشرد لإنه ا لم يعمل بمقتضيات الخلافة بشكل متصل بل بشكل منفصل فاستغل الطاقات والامكانات والكنوز والثروات وغفل الجانب الاخلاقي الانساني  المتمثل بتطوير الارض وترقيتها وتعديلها وهذا ما أشارت إليه تتمة الآية 30 من سورة البقرة " قال إني أعلم ما لا تعلمون " وفي ذلك اشارة واضحة إلى أهمية دين الله الاسلام في حل هذه المعضله التي تعاني منها البشرية في عصرنا هذا.

وخلق الإنسان في أحسن صورة مظهر آخر من مظاهر التكريم الانسانية جاء في سورة التين " لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم " فاختص الإنسان بحسن التركيب وحسن التقويم وحسن التعديل مما يدل على أنه ذو شأن عند الله وله وزن في نظام الوجود فالله تعالى تفضل على الانسان بهذا المظهر الجسمي والعقلي والروحي وأسبغ عليه الإنسانية فالأولى به أن يكون إنساناً يرحم أخاه الانسان ويرفع سوطه عن إنسانية أخيه الإنسان وأخيراً يطلب الخالق من الإنسان ان يكون إنساناً مع نفسه يقول تعالى " يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك " الإنفطار / 6-7 ليلفت نظر الإنسان إلى إنسانيته  التي اخذ الانسان يسلبها عن نفسه ويجعل من نفسه عبدا للرغبات والشهوات الباطلة , وختاما يجب  على المسلم المعاصر أن يفخر بدينه وأسلامه الذي تتجلى انسانيته في جوانب عديدة وكثيرة في العقيدة  والشريعة كالنظام الاسري  والاقتصادي والعقوبات   والقضاء وغيرها من وجوه


* باحث وكاتب في القضايا العربية والإسلامية المعاصرة والبيئة والتربية
farouqselawee@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه

يتم التشغيل بواسطة Blogger.