أعلان الهيدر

الجمعة، 19 يونيو 2015

الرئيسية الإسلام والحث على المحافظة على الموارد المائية

الإسلام والحث على المحافظة على الموارد المائية


الأستاذ فاروق محمد أبو طعيمة

البيئة في اللغة اسم مشتق من الفعل الماضي باء وبوأ وبوأ له منزلاً هيأه ومكن له فيه (1) وتعني البيئة مكان الاقامة أو المنزل المحيط به (2) وجاء في الوجيز: ما يحيط بالفرد أو المجتمع ويؤثر فيها (3)أما البيئة في الاصطلاح : فهي مجموعة النظم الطبيعية والاجتماعية التي يعيش فيها الانسان والكائنات الاخرى و التي يستمدون منها زادهم ويؤدون فيها  نشاطهم   (4) وفي عام1972  عرفها مؤتمر ستوكهولم : بانها كل شىء يحيط بالانسان (5) والبيئة ايضا الاطارالذي يحيا فيه  الانسان ويحصل منه على مقومات حياته ويمارس فيه علاقته مع  بني البشر (6) في حين  عرفها قانون البيئة المصري لسنة 1994    بالمحيط الحيوي الذي يشمل الكائنات الحية  ومايحويه من مواد  وما يحيط بها من هواء  وماء وتربة  وما يقيمه الانسان  من منشئات (7) اما ا التعريف  الا سلامي للبيئة الموضع الذي يرجع اليه الانسان فيتخذ فيه منزله وعليه فالبيئة كل مكونات الوسط الذي يتفاعل فيه الانسان مؤثرا ومتأثرا بشكل يكون معه العيش مريحا فسيولوجيا ونفسيا 8 اما ا التعريف  الا سلامي للبيئة الذي  يمكن استباطه من  القرآن الكريم : كل ما يحيط بالانسان من أرض وماء وهواء ومباني وحدائق وغابات  وما يعيش عليها  من حيوان وزروع وأشجار )

البيئة في القرآن الكريم

وردت اشتقاقات البيئة في القران الكريم في عدة سور كريمةففي سورة الاعراف (وبوأكم  في الارض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا ) آية / 74 وفي سورة يونس (واوحينا الى موسى واخيه ان تبوءا لقومكما  بمصر بيوتا ) آية / 87 وفي نفس  السورة (ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوء صدق ) آية/ 93 وفي سورة النحل (والذين هاجرو في الله من بعد  ما ظلمو لنبوئتهم في الدنيا حسنة) آية / 41 وفي سورة الحج ( واذ بوأنا لآبراهيم  مكان البيت)  آية /26

الماء في القرآن الكريم

يعتبر الماء العنصر الأول من عناصر النظام البيئي في القرآن الكريم  ولأهمية هذا العنصر للأنسان وسائر الكائنات , فقد ذكره القرآن الكريم  بما يزيد  عن اربعين مرة يقول  تعالى  في سورة الانبياء (وجعلنا من الماء كل شىء حي ) آية / 30 و الماء الذي تتحدث عنه الآية  الكريمة هو الماء النقي  الذي يشتمل على المكونات الأساسية  دون أية  شوائب أو ملوثات تغير من خصائصه الكيميائية أو الغير الفيزيائية أو الحيوية ,ويتصف بخلق الكون أو الطعم أو الرائحة (9) وتوكد  الآية التاسعة من سورة (ق) هذه الخصائص  والصفات التي يتصف  بها الماء (وأنزلنا من السماء ماء مباركا ) والناظر في كتاب الله العزيز يجد أن مصادر الماء الخمسة : الأمطار و الأنهار  والبحار  والعيون  ولآبار  الجوفية .

أما ماء  المطر يقول تعالى في سورة الرعد(أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها ) آية 17  وفي سورة النحل (هو الذي انزل من السماءماء لكم منه شراب ومنه شحر فيه تسيمون ) آية / 10أما ألأنهار فقد جاء في سورة البقرة (وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار ) آية / 74 وفي ذلك  إشارة  علمية لطيفة إلى منابع ألأنهار التي تنبع  معظمها من الجبال  والهضاب  فعلى سبيل المثال  فنهر النيل ينبع من هضبة فكتوريا و الفرات من هضبة أرمينيا  ودجلة من جبال طوروس والأمازون من جبال الآند في البيروأما العيون فقد جاء في سورة يس (وجعلنا  فيها جنات من نخيل  وفجرنا فيها من العيون ) آية /34 ووردت لفظة البئر في سورةالحج (فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية  على عروشها  وبئر معطلة وقصر مشيد ) أية /45 أما الآبار  الجوفية  وما يسمى باخزانات الجوفية جاء في سورة الزمر (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الارض ) آية/21 وفي سورة  الحجر (فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أتنم له بخازنين ) آية /22 وفي سورتي الكهف والملك لفت القرآن الكريم أنظار المؤمنين الى ظاهرة خطيرة وهي عدم استقرار  المياه الجوفية , ففي سورة الكهف : (أو يصبح ماؤها فلن تستطيع له طلبا ) أية / 41 وفي الملك (قل أرايتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأنيكم بماء معين ) آية/ 30 يقول الأستاذ سيد قطب- رحمه الله – الماء الغور : الغائر الذاهب في الأرض لايقدرون عليه (10) ويذكر القرآن الكريم البحار  في مواطن عديدة  فيذكر صفاتها وأحيائها وللدلالة على أهميتها أستخدمها القرآن الكريم كوسيلة محسوسة للتعبير عن قدرته وعظمته سبحانه وتعالى جاء في سورة الكهف (( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثه مددا ) آية (109) ويتحدث القرآن الكريم في سورة النور عن صفات البحر وخصائصه: أو كظلمات في بحر لجيٍ يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلما ت بعضها فوق بعض  اذا أخرج يده لم يكد يراها) آية (40) ويذكر القرآن الكريم فوئد البحر وخاصة الملاحة  ففي سورة البقرة (والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس ) آية (164) وما تزال هذه النعمة من أضخم النعم التي  أنعم الله سبحانه وتعالى بها على الانسان فيسرت له أسباب الحياة والانتقال والرفاهية والكسب (11) ويعتبر البحر مصدرا رئيسيا للغذاء الصحي كما أشارت اليه سورة النحل (وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا) آية14 فنعمة البحر وأحيائه تلبي ضرورات الانسان  وأشواقه فمنه اللحم الطري من السمك وغيره من الطعام (12) والبحر مصدر هام للحلي والجواهر والمعادن  الثمينة  التي تلبي متطلبات الانسان الاقتصادية والتنموية ( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) الرحمن آية 22 وفي سورة فاطر(وتستخرجون حلية تلبسونها) آية12أما في سورة  الروم يخبرنا القرآن الكريم عن خطريتربص بالبحر وأحيائه يتمثل بالتلوث البحري  يقول تعالى في سورة الروم( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت  أيدي الناس ) آية41 (14)

مشاكل الموارد المائية
قبل الخوض في الموارد المائية لا بد من تعريف القاريء الكريم بكميات الماء على الكرة الارضية  فمن حيث المبدأ تغطي المياه (70.8%) من سطح الكرة الأرضية أي (358) مليون كم2  من مساحة الكرة الأرضية البالغة (510) مليون كم2  في حين تبلغ مساحة اليابسة ما نسبته 29.2% أي حوالي 152 مليون كم2  ويقدر العلماء حجم الماء في الكرة الارضية حوالي (1.4) بليون كم3  منها حوالي (1360) مليون كم3ماء مالح في البحار والمحيطات أي بنسبة (97.7) %   في حين تبلغ كمية الماء العذب  حوالي 40مليون كم3 أي بنسبة 2.8%  الا أنّ حوالي ثلاثة أرباع هذا الماء العذب يوجد على هيئة جليد في مناطق القطبين والمرتفعات الجبلية ( 2% من مجمل المياه في العالم أي حوالي 28 مليون كم3 ) في حين تبلغ نسبة الماء السائل العذب الصالح للاستخدامات البشرية والزراعية والصناعية والعمرانية  حوالي 08% أي حوالي 12 مليون كم3  تتوزع ما بين الأنهار والبحيرات  وباطن الأرض
وتعاني الموارد المائية من مشاكل كثيرة من أهمها التلوث ويعني التلوث المائي :  تغير يطرأ على العناصر الداخلية في تركيبه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بسبب نشاط الانسان الامر الذي يجعل هذه المياه أقل صلاحية للاستعمالات الطبيعية المخصصة لها أو لبعضها( 15) وتصبح المياه ملوثة

اذا تغيرت صفاتها الفيزيائية أو الكيميائية أو البيولوجية فتصبح مضرة بالصحة العامة أو السلامة العامة أو النفع العام (16) وتتعرض الموارد المائية في عالمنا المعاصر الى ثلاثة أقسام  من الملوثات :

أولا : التلوث الاشعاعي

لقد تزايد خطر التلوث الاشعاعي بفعل النشاط النووي الذي طرأ مؤخرا  بفعل محاولات التخلص من النفايات النووية  , وغالبا ما تتسرب الاشعاعات النووية الى المسطحات المائية  مع الغذاء الى الحيوانات وعن طريق مختلف مستويات  السلسلة الغذائية التي تمتصها الكائنات الحية  وتنقلها الى الانسان فتحدث فيه تأثيرات في الجينات الوراثية (17)

ثانيا : التلوث الكيميائي

وهويعني وجود مواد سامة كيميائية في الماء  وهو من اهم واخطر المشاكل التي تواجه الانسان المعاصر  وقد يكون التلوث الكيمياءي عضويا أو غير عضويا  حسب المادة المسببة لذلك  وتقسم الملوثات الكيميائية الى نوعين : نوع قابل للأنحلال  زنوع قابل للتراكم والتجمع في الكائنات الحية التي تعيش في الماء  وهذا النوع من الأنواع الأشد خطرا  وتنتمي اليه المعادن الثقيلة والمبيدات الحشرية  والمنتجات النفطية  والمواد العضوية المركبة كاللدائنوالزئبق والرصاص والكادميوم والباريوم (18)

ثالثا : التلوث الفيزيائي

يقصد بالتلوث الحراري الغيرات الحرارية الواضحة غير الطبيعية التي  في الاوساط البيئية وتكون ضارة بالأحياء ونتيجة التدخلات الانسانية  ويحدت التلوث الحراري للمياه عندما يستخدم الانسان المعاصر المياه في عملية التبريد في محطات القوى الكهربائية وخاصة في حالات المفاعلات النووية  والتي تحتاج الى كميات كبيرة من المياه لتبريد المفاعلات فتؤخذ مياه التبريد من مضدر مياه طبيعي وهي في حالة البرودة  ثم تعاد الى المصدر الذي أخذت منه حارة في درجة الغليان  وتظهر خطورة هذا التلوث بأنه يفقد الماء  قدرته على الاحتفاظ بعنصر الأوكسجين الذائب الأمر الذي يشكل خطورة مباشرة على النشاط الحيوي للأحياء المائية التي لا تستغني عن هذا النوع من الأوكسجين الذائب (19 )

رابعا : التلوث البيولوجي
يعني وجود احياء دقيقة مثل البكتيريا والفيروسات والطفيليات  واحياء نباتية كالطحالب وغيرها تسبب الامراض للانسان (20) والمصدر الوحيد لهذا التلوث الضار هو فضلات الانسان والحيوان الي تنتقل الى الماء عن طريق شبكات الصرف الصحي أو مياه الصرف الزراعي  التي قد تؤدي الى اصابة الانسان بالامراض (21 )

ادارة الموارد المائية في الاسلام

الناظر في كتاب الله تعالى وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم  يلمس بوضوح مجموعة من القواعد والتشريعات والتدابير التي من شانها المحافظة على كميات المياه العذبةالقليلة والشحيحة  من جهة والمحافظة على المخزون الاستراتيجي للمياه خاصة المياه التي هي على صورة كتل ومسطحات جليدية وتعتمد هذه الادارة على المرتكزات التالية :

أولا :  ترشيد استهلاك الماء في كافة الاستخدامات والاستعمالات البشرية وغيرها من استعمالات  ويتخذ الترشيد صورا عديدة كالاستخدام في الشرب مثلا  وقد يستغرب البعض من ذلك قائلين : هل يستيطع الانسان او الحيوان الاستغناء عن الشرب ؟ الجواب لا ولكن المقصود من كلامي هذاهو عدم هدر الماء حتى في الشرب فمن المشاهدات التي نراها في حياتنا اليومية ان احدنا قد لا يستخدم عند الشرب اناء فارغا أو كوبا بل يستخدم كفيه مثلا لاخذ الماء النقي من مورد الماء سواء اكان ذلك ثلاجة في الشارع أو المدرسة أو المؤسسة او المسجد أو أي مكان يتواجد فيه الماء فمثل هذالسلوك الخاطيء من شأنه اهدار كميات كبيرة من الماء غالبا لا ننتبه اليها تقدر باهدار ما يقارب50% من الماء فالانسان يشرب مثلا ربع لتر فيفقد بتلك الطريق ربعا آخر من الماء وهو لا يدري . ويذهب بعض الباحثين  المحدثين الى ابعد من هذا في الحفاظ على تلك المادة الثمينة كتحريم أية صناعة محرمة شرعا تقوم على الماء كصناعة الخمور التي تستخدمها مجتمعات انسانية أكثر من استخدام الماء في عملية الشرب في الحياة اليومية  وكذلك عدم المبالغة في انشاء البرك السباحة والغدران وتجديدها بالماء العذب الدائم الذي يذهب هدرا على حساب الانسان والحيوان والنبات والتربة وغيرها من الأنشطة الانسانية التي تؤدي الى هدر ملايين الامتار المكعبة سنويا من الماء العذب الذي يحتاجه الانسان في حر الصيف اللاهب حيث تتزتيد الحاجة الى الماء في هذا الفصل اكثر من غيره من الفصول  (22 )

ثانيا :  الترشيد والاعتدال في الوضوء والطهارة للعبادات  ( 23) لقد أمرنا الله تعالى في سور عديدة من كتابه الكريم بوجوب الكف عن التبذير بصورة عامة كقوله تعالى في سورة الأنعام ( ولا تسرفوا انه لايحب المسرفين ) آية /141 وفي سورة الاسراء : ولا تبذر تبذيرا انّ المبذرين كانو اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا ) 26 – 27  وفي سورة الفرقان : والذين اذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ) آية / 67
وقد حرمت السنةالنبوية  الاسراف في الماء فقد مر الرسول صلى الله عليه وسلم على سعد وهو يتوضأ , فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ما هذا السرف ؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم  لا تسرف  فقال سعد : أفي الوضوء اسراف ؟ قال:  نعم ولو كنت على نهر جار) اخرجه البخاري  في كاب الوضوء ورواه مسلم في باب كتاب الحيض) ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم خير قدوة في هذا المجال فقد كان مثالا متميزا في الترشيد والتوسط والاعتدال في وضوئه وغسله وطهارته ففي حديث  أم سعد قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يجزيء في الوضوء مد  وفي الغسل صاع لان الصاع اربعة أمداد وسيأتي قوم يستقلون ذلك فأولئك خلاف سنتي ) أخرجه البخاري ومسلم وروى جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يجزيء في الوضوء المد ومن الغسل من الجنابة الصاع فقال رجل : ما يكفيني  فغضب جابر حى تربد وجهه ( تغير الى الغبرة) ثم قال : قد كفى من هو خير منك وأكثر شعرا ) رواه ابن ماجة في باب الطهارة ويعني ذلك انه صلى الله عليه وسلم  كان يستهلك لترا واحدا في وضوئه وحوالي ستة لترات في استحمامه وفي ذلك ارشاد نبوي عظيم  لملايين المسلمين في جميع أنحاء العالم الذين يتوضأون في اليوم والليلة خمس مرات الى وجوب الترشيد في استعمال الماء حتى لو قام أحدهم الى تأدية أعظم وأشرف العبادات وهي الصلاة فعلى سبيل المثال  فلو توضا مليون مسلم يوميا لاحتاج هؤلاء يوميا خمسة ملاين لتر بينما يحتاج هذا العدد ماء للوضوء حسب الطريقة التي نتوضا بها في هذه الايام ما يقارب من عشرين مليون لتر يوميا او يزيد فلو قمنا بحساب الفرق بين الطريقتين لوجدنا ان ما يقارب من خمسة عشر مليون لترا يمكن  توفيرها من عملية الوضوء  وقس على ذلك الاستحمام بالطريقة العصرية وما يهدر للاغراض المنزلية والصناعية ونحوها

 ويرفض الاسلام رفضا  قاطعا ذلك السلوك السلبي في استخدام الماء فلا يجوز للأنسان  أيا كان دينه اضاعة  كميات  ضخمة من الماء  مصيرها المجاري أي الاعدام خاصة عندما تختلط  بالصابون في حين يستطيع كل واحد منا ان يستحم بعشرين لترا او ثلاثين واعلاه اربعين لترا فلماذا نهدر  ضعف هذه الكمية او ضعفين او اربعة اضعاف؟

 ان الاقتداء بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في حسن استخدام الماء في الوضوء او الاستحمام او الزراعة او الصناعة ونحوها من اغراض يوفر يوميا ملايين اللترات يوميا  وبالتالي توفير ماء عذب نقي لملايين الاشخاص في العالم وبناء وعلى ضوء النصوص القرآنية الكريمة والنصوص النبوية الشريفة  تنهض في الاسلام احكام  فقهية  تحرم التصرفات والسلوكيات المؤدية  الى تبديد الثروة المائية فرسالة الاسلام انسانية تحمل في ثناياها قيما حضارية كالحفاظ على الماء ذلك العنصر الحيوي فالحضارات الانسانية لا تقوم ولم تقم الا بالقرب من مصادر الماء وهذا ما يقصده  القرآن الكريم في سورة الانبياء ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ) اية 30 حياة الانسان والحيوان والنبات والمدنية فالناظر الى وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم  في الحفاظ على الثروة المائية يجد ان الاسلام يسعى الى تحقيق امن مائيا للانسانية جمعاء والانسانية في الالفية الثالثة احوج الى الاخذ وتطبيق منهج الاسلام في حماية الثروة المائية خاصة ان نسبة الماء العذب السائل التي تصل نسبتها الى 8% تعاني من مشاكل التلوث الخطيرة الامر الذي يعني ان معاناة الانسان المعاصر لن تكون في شح الماء وقلته بل ستعاني هذه الكمية القليلة من الماء من مصادرالتلوث الخطيرة

ثالثا: النهي عن تلويث مصادرالمياه

للاسلام منهج متميز في مكافحة تلوث مصادر المياه الأمر الذي يجعلنا كمسلمين في الألفية الثالثة نشعر بالعزة والفخار بأن منّ الله تعالى علينا بهذا النبي الأمي الذي ما من متأمل وممعن في سنته النبوية المطهرة الا ازداد حكمة وعلما في زمن التقدم والتطور العلمي وغزو الفضاء  يقول تعالى في سورة الجمعة ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويعلمهم الكتاب  والحكمة  وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) آية /2 فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الاغتسال في الماء الدائم أي الواقف الذي لا يجري ولا يتجدد  حتى لايتلوث بما يكون على سطح الجسم من أوساخ وافرازات وبالتالي الجراثيم والميكروبات  والتي غالبا ما تنتقل الى الانسان أو الحيوان عن طريق الشرب أو أية اسخدامات انسانية (24 ونمو الطفيليات ( 25 ) يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب فقالوا كيف ؟ قال : يتناوله تناولا  ) رواه مسلم والنسائي واخرجه مسلم في الطهارة باب النهي عن الاغتسال في الماء الراكد ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن التبول في الماء الدائم والراكد  أخرج البخاري ومسلم في رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : لا يبولنّ أحدكم في الماء الدائم الذي لايجري ثم يغتسل فيه ) اما رواية الترمذي والنسائي : لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه ) لأنّ تلوث الماء ببول الانسان قد يكون واسطة للعدوى بداء البلهارسيا وبأمراض الجراثيم المطروحة مع البول في الماء وغيرها من الامراض الطفيلية ولهذا يجب على المصاب بتلك الأمراض أن يتجنب تلويث المياه بغمس أعضائه المريضة أو السباحة أو الاغتسال فيها وخاصة اذا كان الماء قليلا أو راكدا  (26 )

ونهى الاسلام عن التبرز في الماء  روى الامام مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه  أنّ  رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتقوا اللعانين ) قالوا : وما اللعانان يارسول الله ؟ قال : الذي يتخلى في طريق الناس وظلهم ) (27)  وفي رواية ابي داوود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اتقوا الملاعن الثلاثة البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل ) (28)  فالقاء فضلات الانسان وروث الحيوانات في المياه  تتكاثر الميكروبات في الماء وخاصة البكتيريا  التي تهاجم أعضاء الجسم  وفرز سوائل ومواد سامة  تدمر الكبد والقلب الكلى  والجهاز التنفسي  الى غير ذلك من الأضرار والآثار المدمرة (29) ومن جهة أخرى فانّ  تصريف مياه الصرف الصحي ومياه المجاري في الأنهار والبرك والترع يؤدي الى تلويث مياه هذه الموارد المائية بالطفيليات والفيروسات الروائح الكريهة وعلاوة على ذلك يتسبب وجود البراز والمواد العضوية في الماءالى استهلاك الأوكسجين الذائب في الماء وذلك أثناء عملية التحلل البيولوجي التي تقوم بها بعض أنواع البكتيريا الموجودة في المياه  ويؤدي استنزاف الأوكسجين من مياه المسطحات المائية الى التأثير على حياة الكائنا الحية كالأسماك  التي تعيش فيها كما أن المواد العضوية المكونة للبراز وموجودة في مياه المجاري تؤدي الى ازدهار أنواع عديدة من البكتيريا والكائنات الأولية (البروتوزا ) ولطفيليات التي تسبب تلوث الماء (30) ومن الملوثات الخطيرة التي تتعرض لها الموارد المائية المخلفات الزراعية والأسمدة ومخلفات  العمليات الصناعية وبقايا المنتجات الثانوية التي لا تجد الصناععة سبيلا لاستخدامها ثانية (31) وممارسات ناقلات النفط وفصل الماء المملح عن زيت النفط الخام ومياه الصرف الصحي (32)

رابعا : زراعة الأشجار والمحافظة على الغابات

تعتبر االأشجار عنصرا هاما من عناصر المحيط الحيوي لما لها من دور كبير في عملية التوازن البيئي  وتشير الدراسات الى أنّ الغابات لاتغطي الآن سوى 24 مليون كم2  من مساحة اليابسة بينما كانت مساحتها تجاوز 37 مليون كم2  ولما كان للأشجار ذلك الدور العظيم في التوازن البيئي وجدنا أن القرآن الكريم قد تحدث باسهاب عن الغطاء النباتي وكذلك السنة النبوية المطهرة فقد بلغ اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالشجار وزراعتها والعناية به حدّا لم تبلغه الديانات السماوية السابقة والديانات غير السماوية

فعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من مسلم يغرس غرسا الا كان ما أكل منه له صدقة  وما سرق له منه صدقة  وما اكل منه السبع منه فهو له صدقة  وما اكلت منه الطير فههو له صدقة ولا يرزؤه ( ينقصه ويأخذ منه ) أحد الاكان له به صدقة ) رواه مسلم في باب المزارعة فاللأشجار دور هام في حفظ البيئة من التلوث  اذ تقي البيئة من الملوثات الفيزيائية الكيماوية وتعمل على امتصاص الموجات الصوتية والاشعاعات وامتصاص ثاني أوكسيد الكربون  وحماية التربة من الانجراف والتعرية بالرياح والاعاصير والسيول  كما تعمل الأشجار على زيادة المياه الجوفية عن طريق الاستفادة من مياه الأمطار  والثلوج التي تسقط  هناك (33)

المراجع المعتمدة في البحث
1 – مختار الصحاح
2- المنجد في الإعلام
3- الإنسان والبيئة الكارثة والأمل د. راتب السعود  ط   2000 ص14
4-  كيمياء التلوث البيئي الكيميائي عدنان مساعدة ط  1997 ص 23
5- المصدر السابق ص23
6- الإنسان والبيئة د. راتب السعود  مصدر سابق ص15
7-  قانون حماية البيئة في ضوء الشريعة د. ماجد الحلو دار المطبوعات الجامعية  ص31
8- التربية البيئية د. محم الصباريني  د. رشيد الحمد 1994 ص 33 + لاسلام والبيئة د . هشام الخطيب ط1 2003 ص 4-6 )
9- كيمياء التلوث البيئي مصدر ثابت ص 127
10- في ظلال القرآن  سيد قطب ط 1980  ج 6/ 3684
11 – المصدر السابق ج 6 / 3454
12- المصدر السابق  ج 4/2163
13- الإنسان و البيئة  مصدر سابق د. السعود  ص /85
14 - البيئة مفهومها ومشكلاتها وحمايتها د . راتب السعود ص 83 )  التربية البيئية  د . احمد عبد الجواد ص 384 - 385
15 - قضايا البيئة من منظور اسلامي  د . احمد السايح د . أحمد عوض 2004 ط
16 -  الاسلام والبيئة  د هشام الخطيب ص 22
17 - البيئة الفاعوري ص 74
18 -  الاسلام والبيئة د هشام الخطيب ص 24
19- البيئة وملوثاتها د حسين العروسي ص  221
20 -  الاسلام والبيئة د هشام الخطيب ص 24 
21 -  البيئة الفاعوري ص 76 
22 - الاسلام والبيئة د ياسين الغادي 2004 ص 169) 
23 - الاسلام والبيئة د ياسين الغادي 2004 ص 169
24 - لاسلام والبيئة  د هشام الخطيب ص 39 )
25 - الماء والاصحاح في الاسلام د عبد الفتاح الحسيني ص 8
26 - الاسلام والبيئة  د هشام الخطيب ص 40 )
27 – مختصر صحيح مسلم  د مصطفى ديب ص 49
28-  الماء والاصحاح في الاسلام د عبد الفتاح الحسيني ص 8
29 – الاسلام والبيئة د السيد الجميلي ط1 1997 ص 29
30- الاسلام والبيئة  د هشام الخطيب ص 41 )
31 – قضايا البيئة من منظور اسلامي د . أحمد السايح ط 2004 ص 133
32- تلوث البيئة السلوكيات الخاطئة د . حسن شحاتة ط 1 / 2000 ص 97 - 100
33- الاسلام والبيئة  عبد العظيم  أحمد عبد العظيم 1999 ص 54 – 55



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه

يتم التشغيل بواسطة Blogger.