مدونة ثقافية تعنى بالإبداع والابتكار والتنمية البشرية

اخر الأخبار

Post Top Ad

الثلاثاء، 22 يوليو 2025

عندما وقفت أذكى امرأة في التاريخ ضد العالم… وكانت على حق!

 


في عام 1990، تعرضت مارلين فوس سافانت Marilyn vos Savant ، المرأة التي سجلت أعلى معدل ذكاء في التاريخ (228)، لموجة هائلة من السخرية بسبب إجابة رياضية بسيطة… لكنها كانت الإجابة الصحيحة.

 

من هي مارلين فوس سافانت؟

وُلدت مارلين في عام 1946، وظهرت عليها علامات النبوغ منذ سن العاشرة، حين كان مستوى ذكائها يعادل شابًا بعمر 22 عامًا. حاول والداها حمايتها من أضواء الشهرة، لكن عبقريتها لم تبق في الظل طويلًا. بحلول ثمانينيات القرن الماضي، دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية بكونها أذكى إنسان حي.

شهرتها قادتها لتكتب عمودًا شهيرًا بعنوان "اسأل مارلين" في مجلة Parade، حيث كانت تجيب عن أسئلة في المنطق والرياضيات والعلوم. لكنها لم تكن تتوقع أن يتحوّل أحد تلك الأسئلة إلى معركة فكرية عالمية.

 

مسألة "مونتي هول" التي قلبت الموازين

في أحد أعداد المجلة، سألها قارئ:

"أنت في برنامج مسابقات. أمامك 3 أبواب. خلف أحدها سيارة، وخلف الاثنين الآخرين ماعز. اخترت الباب رقم 1. المضيف فتح الباب رقم 3 ووجد فيه ماعز. هل من الأفضل أن تغير اختيارك إلى الباب رقم 2؟"

أجابت مارلين بكل ثقة:
"
نعم، يجب أن تغير اختيارك."

وهنا بدأت العاصفة.

 

عاصفة السخرية والاتهامات

وصلتها أكثر من 10,000 رسالة، بينها آلاف من أكاديميين وأساتذة، بل حتى حاملي الدكتوراه. رسائل مليئة بالاستنكار، والسخرية، والاتهامات بالتفكير غير المنطقي بل و"النسوي".
الجميع ظن أنها ارتكبت خطأً فادحًا.

لكن الحقيقة؟
مارلين كانت على حق تمامًا.

أين كان الخطأ... في فهم الناس؟

أغلب الناس ظنوا أن بقاء بابين يجعل الاحتمال متساويًا (50/50).
لكن هذا ليس صحيحًا.

عند اختيار الباب الأول، يكون احتمال الفوز بالسيارة 1 من 3 (حوالي 33.3%). أما احتمال أن تكون السيارة خلف أحد البابين الآخرين فهو 2 من 3 (حوالي 66.6%).
عندما يكشف المضيف بابًا خاسرًا، لا يعيد ذلك توزيع الاحتمالات. بل يزيد من قوة الاحتمال في الباب الآخر المتبقي.

تخيلها هكذا:

هناك 100 باب. تختار بابًا واحدًا (فرصة 1%). المضيف يفتح 98 بابًا، كلها تحتوي على ماعز. هل تبقى مع خيارك الأصلي بنسبة 1%؟ أم تنتقل إلى الباب المتبقي بنسبة 99%؟

فجأة، تصبح الفكرة واضحة جدًا.

 

التبرئة... وإن جاءت متأخرة

لم تمضِ سنوات قليلة حتى بدأت الحقيقة تظهر.
أجرى معهد MIT محاكاة حاسوبية أثبتت صحة مارلين.
اختبرها أيضًا برنامج MythBusters وأكد النتيجة.
وأصبحت مسألة مونتي هول تُدرّس رسميًا في أقسام الرياضيات.

في عام 1992، تغيّر الموقف:

  • 56% من القراء أصبحوا يوافقونها.
  • 71% من الأكاديميين أيّدوا وجهة نظرها.
  • وبدأ بعض الأساتذة الذين هاجموها في تقديم اعتذارات علنية.

مارلين لم تكن فقط محقة، بل كانت رائدة في رؤية الحقيقة في وقت تجاهلها فيه الجميع.

 

الدرس الأعمق: عندما يتحدى المنطق حدسنا

قصة مارلين تكشف أكثر من مجرد لغز احتمالات.
إنها تسلّط الضوء على مشكلة أعمق:
نظام تعليمنا لا يعلّمنا التفكير، بل التكرار.

عندما نواجه فكرة تتحدى ما نظنه بديهيًا، نميل إلى مهاجمة من يقولها بدلًا من فحص افتراضاتنا.
مارلين لم تُثبت فقط صحة معادلة… بل أثبتت أن العبقرية ليست مجرد ذكاء، بل شجاعة.
شجاعة في قول الحقيقة، حتى عندما يصرخ العالم كله بالعكس.

📌

  في النهاية:

  • لا تقع ضحية "الحدس الخاطئ".
  • تعلّم أن تعيد التفكير لا أن تكرر ما تعرف.
  • وتذكّر: أذكى امرأة في العالم لم تنتصر بالحساب فقط، بل بالإصرار على الحقيقة.

 

أمجد قاسم

  X@amjad

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه

Post Top Ad

الصفحات