يعد ما قامت به مجموعة من الباحثين في "جامعة يينا" الألمانية إنجازاً كبيراً في مجال حركة الإنسان الآلي، فقد استطاعت التوصل لفكرة جديدة تجعل روبوت بقدمين يتحرك بطريقة مشابهة جداً لحركة الإنسان. هذا الاختراع الجديد وإن اعتمد العلماء في برمجته على ما توصل إليه العلم في أول أجيال الروبوت والتي أطلق عليها آنذاك "المشاة السلبيين"، إلا انه استطاع الوصول إلى حركة أكثر انسيابية وأقرب كثيراً لحركة الإنسان.
إنسان آلي يتحكم بحركته
اُعتبر جيل "المشاة السلبيين" ثورة تقنية هائلة وأصبحت صور الإنسان الآلي على صفحات الصحف الشهيرة وعلى غلاف المجلات العلمية المتخصصة. ويعتمد هذا الروبوت الذي ظهر عام 1990على التوازن الذاتي، فهو يعمل بدون محرك أو تحكم خارجي، ويستطيع نزول منحنى صغير اعتمادا على قوانين الجاذبية الأرضية، ولكنه لا يستطيع السير على أرض مستوية. وقد اعتبر ذلك الجيل أول روبوت بقدمين يشبه في حركته الإنسان إلى حد ما. وعدا عن احتياج هذا الاختراع الجديد إلى طاقة تعادل عشر مرات ما يحتاجه الإنسان، فإن ميكانيكية حركة السيقان اختلفت تماماً عن حركة الإنسان. وكان أشهر روبوت في هذا الجيل هو روبوت هوندا "أسيمو".
تقليد الطبيعة أساس الاختراع
وهنا يبرز ما أدخلته مجموعة الباحثين من جامعة يينا ، وهو محاولتها الاعتماد على أقدام أكثر مرونة، بحيث تصبح الحركة أكثر انسيابية وقريبة جدا من حركة البشر، فكان الأساس في التقنية الجديدة هو الاعتماد على آلية الحركة، وأهم وسيلة لذلك هي تصميم الأقدام بطريقة مرنة على عكس أقدام الروبوت القديم الثابتة المنحنية، فالإنسان الآلي لفريق يينا يتميز بقدم ذات كعب ومفاصل مرنة، وهذا ما يجعل حركته تبدو أكثر واقعية. كما أن الباحثين لا يملكون أي تحكم على حركة كل مفصل من المفاصل المختلفة على حدة، بل ان الفكرة تعتمد على تحفيز الحركة فقط وترك الأرجل تتحرك بحرية بناء على ميكانيكية تكوين المفاصل.
لقد استقى فريق الباحثين فكرتهم من متابعة وفهم حركة الإنسان. ولم يصل المشروع لنهايته بعد، بل مازالت مجموعة الباحثين تواصل دراسة الحركة باستمرار. ومما أثار انتباههم أن حركة الطفل الذي إن رفعته في الهواء دون إرادته، ظل يحرك قدميه، حتى انه يبدأ بالعدو حينما تضعه على الأرض. إن كشف الأسس الميكانيكية لحركة هذا الطفل قد تساعد العلماء في الوصول إلى إنسان آلي يشبه في حركته حركة الطفل النشيط ويختار بنفسه طريقة السير أو العدو المطلوبة حسب الظروف المختلفة، فيمكنه مثلاً زيادة سرعته للتمكن من صعود جبل. ومازال هذا هو حلم الفريق العامل مع أندريه سيفارت رئيس مجموعة الباحثين في جامعة يينا.
روبوت يينا وكرة القدم
أما البروفيسور أوسكار فون ستيرك، من جامعة دارمشتات، فهو يعتبر أن ما قامت به مجموعة يينا يعد إنجازاً كبيراً. كما أنه يجد في مرونة المفاصل المختلفة والركب وخصر الإنسان الآلي تقدماً رائعاً سيترك بصماته على مستقبل أبحاث حركة الإنسان الآلي. ويهتم البروفيسور بشكل خاص بحركة الروبوت، فهو يعمل منذ سنوات في أبحاث الإنسان الآلي، لاعب كرة القدم. ويشكل هذا الابتكار شيئا جديدا، و يجد فون ستيرك أن هذا الابتكار يفتح الفرصة لمنافسة الإنسان الآلي الياباني الذي طالما اكتسح الأسواق. يذكر أن الأبحاث في هذا المجال بدأت فقط منذ سنوات قليلة في ألمانيا، في حين أن اليابان تجري أبحاثا من هذا النوع منذ أكثر من عشرات السنوات.
عن دويتشه فيليه
ريم ب روبوت إماراتي بمميزات متعددة
أبو ظبي- أعلنت شركة "بال تكنولوجي" PAL Technology الخميس الماضي عن طرحها للإنسان الآلي "ريم - ب" Reem-B الذي يعدّ نموذجاً لتطوير واحد من أكثر روبوتات الخدمة الشبيهة بالإنسان في العالم ، وذلك خلال حفل أقيم في موقع بناء "جزيرة الريم" في أبو ظبي حضره الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث عرض الروبوت مهاراته التي قال عنها أحد الخبراء بأنها تجعله واحدا من أكثر الروبوتات المتقدمة في العالم.
ويعد الروبوت "ريم - ب" نموذج الجيل المقبل من الروبوتات الآدمية التي يتم تصميمها وبناؤها تحت إشراف الشيخ "طحنون بن زايد" رئيس مجلس إدارة "رويال جروب"، من قبل شركة "بال تكنولوجي" وهي شركة متعددة التخصصات تتخذ من دولة الإمارات العربية المتحدة مقراً لها، وتأسست في العام 2000، وهي جزء من "تكتل رويال جروب".
وتقول الشركة في بيان صحافي إن تطوير البرامج والتجهيزات المستخدمة في هذا الروبوت البالغ ارتفاعه 1.4 متر ووزنه 60 كغم يجعل منه واحداً من روبوتات الخدمة المستقلة التي يمكنها الاعتماد على الذات، لاسيّما وأنه يمكنه التخاطب مع البشر، إلى جانب قدرته على القيام بالعديد من المهام الفريدة والمعقدة.
ويعد الروبوت "ريم - ب" نسخة مطورة من النموذج الأول الذي طورته شركة "بال تكنولوجي روبوتيكس" وهو الروبوت "ريم أ"، لذلك فإن النسخة الأحدث "ريم - ب" تتمتع بقدرات فريدة تساعده على القيام بمسح أرجاء المكان والحركة الذاتية بشكل مستقل، وهما سمتان تجعلان هذه النسخة مميزة وفريدة مقارنة مع الروبوت السابق "ريم أ".
قال "ديفيد فاكونتي" رئيس المشروع العامل مع "بال تكنولوجي" "ريم ب مستقل تماما في البطاريات والخوارزميات التي يستخدمها. هو واحد من أقوى الروبوتات -يمكن للروبوت "أسيمو" الذي صنعته هوندا أن يحمل 2 كغم- بينما بإمكان "ريم ب" رفع ستة أضعاف ذاك. عمر البطارية طويل جدا وهو أول إنسان بصفات بشرية مدمج فيه خرائط للمباني - ريم ب يعرف أين هو وإلى أين يذهب."
قال فاكونتي أن تطوير هذا الإنسان الآلي قد استغرق أربع سنوات، ويأتي في أعقاب "ريم أيه" روبوت الشطرنج الذي صنعته أيضا "بال تكنولوجي". يستخدم هذا الإنسان الآلي بعض البرمجيات التجارية المتوافرة لأهداف مثل التعرف على الوجوه، كما أن معظم وظائف الإنسان الآلي مثل المشي واستخدام الأشياء ومعرفة الطريق تتوفر فيه منذ صناعته.
بينما ما يزال "ريم ب" نموذجا اوليا، يهدف الفريق إلى تطوير إنسان آلي يقوم بمجموعة متفاوتة من الأدوار الممكنة، مثل العمل كدليل سياحي والبناء والعناية بالمسنين والمرضى. تأمل "بال تكنولوجي" أيضا أن تجعل الروبوت متاحا في الجامعات للاستخدام التجاري كمنصة تطوير لأجراء المزيد من الأبحاث.
"نويل شاركي" البروفيسور في "الإنسان الآلي والذكاء الصنعي" في جامعة شيفلد، والذي حضر الحدث بصفته ضيفا على شركة "بال تكنولوجي" قال أن اجتماع التقنيات في "ريم ب" يجعله فريدا من بين الروبوتات التي تحمل صفات بشرية المتوفرة في وقتنا الحاضر.
قال شاركي "ما يزال ريم ب في مرحلة تصنيع النموذج الأولي، إلا أن جميع الروبوتات في العالم متشابهة في الوقت الراهن. هذا (المشروع) انتقى الكثير من المهارات الموجودة في الروبوتات الأخرى من أجل إيجاد مجموعة متميزة من المهارات - قد يكون بإمكاني القول أنه ربما من ضمن أفضل عشرة في العالم."
ومع أن كلا الروبوتين يمكنهما التعرف إلى الأشياء من حولهما وإدراك الأصوات والسير، إلا أن الروبوت "ريم - ب" يستطع إجراء حوار مع الإنسان، إلى جانب قدرته على المشي بطريقة ديناميكية، والتعرف إلى الأجسام والإمساك بها، فضلاً عن قبوله للأوامر الصوتية وحتى التذكير بالمواعيد.
وقال ديفيد فاكونتي، من شركة "بال تكنولوجي": "إن فريق المهندسين المتخصصين العاملين لدينا على مستوى عالٍ من الجدية، عملوا على مدى أربع سنوات كاملة من أجل الوصول إلى هذه المرحلة التي نشهدها اليوم. وتعد هذه اللحظة مفعمة بالفخر لجميع أولئك الأشخاص الذين عملوا بجد واجتهاد من أجل المساعدة على تطوير الروبوت "ريم - ب".
وخلال هذا الحدث سيتم استعراض العديد من المهارات المتقدمة التي يتمتع بها هذا الروبوت، بما في ذلك قدرته على الحركة بفعالية عالية في أرجاء المكان، إضافة إلى قدرته على التوجيه الذاتي".
وأضاف فاكونتي: "يأتي الروبوت "ريم - ب" مجهزاً بأشعة الليزر تحت الحمراء على قدميه، الأمر الذي يتيح له أن يشق طريقه بسلاسة، إضافة إلى ذلك يستطيع مسح أرجاء المكان الذي يوجد فيه وتصوير خارطة له باستقلالية تامة ونقلها إلى شاشة حاسوبية، ويمكن للضيوف الإطلاع على ذلك بشكل فوري".
ويمكن للروبوت "ريم - ب" أيضاً أن يحمل ما يصل إلى 25% من وزنه (12 كغم)، وبذلك فإنه يصبح واحداً من أقوى الروبوتات في العالم، وإضافة إلى ذلك يصل طول هذا الروبوت إلى 1.47 متر، كما يمتلك أصابع في يديه معززة باثني عشر محركاً، ويمتلك القدرة على المناورة والنزول من الدرج، مع وجود مجسات تساعده على عدم الاصطدام بأي معوقات.
ويشتمل الروبوت "ريم - ب" على استقلالية تامة في البطارية على نحو يتفوق فيه على أي روبوت، وتصل مدة استخدامها إلى 120 دقيقة. وهي المدة الأطول لأي روبوت مستقل بحد ذاته في العالم.
يقول فريق المشروع الذي كان وراء إيجاده -ومقره إسبانيا- أن "ريم ب" يتمتع بعدد من الإمكانيات التي تجعله متفردا في عالم الإنسان الآلي.
وقال بصار شعيب، مدير عام شركة "بال تكنولوجي" "إن الهدف الأعلى الذي تسعى شركة "بال تكنولوجي" إلى تحقيقه هو التوصل إلى إنتاج روبوت للخدمات يكون مفيداً بصورة حقيقية، لكي يصبح قادراً على تقديم المساعدة للإنسان في المستقبل والقيام بالمهام المعقدة. ويبدو من الواضح جداً أن الروبوت "ريم - ب" يمكنه التوافق تماماً مع رؤيتنا، ليس فقط من حيث أنه يمثل الجيل المقبل للإنسان الآلي، وإنما ليكون روبوتاً مصمماً لمساعدة الناس وليس ليحل مكانهم".
وقدمت بال تكنولوجي، خلال هذا الحفل، برنامجاً للمنح الدراسية لعدد من الطلاب المتفوقين في جامعة أبوظبي في كلية علوم الحاسوب والروبوتات. وسيتمكن هؤلاء الطلاب من العمل مع فريق من الخبراء لتطوير "ريم-ب" والمساهمة في إعداد الأبحاث المستقبلية وخطط التطوير الخاصة بـ "بال تكنولوجي".
وتأسست شركة "بال تكنولوجي" PAL Technology في العام 2000 لتكون شركة تابعة لمجموعة شركات "بال" في أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة. وتغطي هذه الشركة أربعة جوانب من النشاطات الأساسية، وهي: الأبحاث والتطوير، وتبريد المناطق، والإنشاءات والمياه، والحفر والردم.
ويتمثل الهدف الرئيس من وراء تأسيس هذه الشركة في تقديم الخدمات إلى القطاعات المختلفة، بما في ذلك صناعة تقنية المعلومات والأمن وتحلية المياه والإنشاءات والترفيه والعديد من القطاعات الأخرى.
وتعمل شركة "بال تكنولوجي" في مجالات الأبحاث والتطوير للمنتجات والتقنيات المتقدمة في ميادين الإلكترونيات الدقيقة وهندسة وتصميم الإلكترونيات الميكانيكية فائقة التطور، والذكاء الاصطناعي والبرمجة الحاسوبية للمهام المتعددة والمجالات المتعددة للطاقة المتجددة.
وتستثمر شركة "بال تكنولوجي" بشكل متواصل في مجال الأبحاث والتطوير من خلال علاقات الشراكة والتعاون على الصعيدين المحلي والأجنبي من أجل إضافة القيمة الهندسية إلى مشروعاتها الحالية إضافة إلى تطوير سلسلة جديدة من المشاريع.
تم صنع هذا الإنسان الآلي بمواصفات بشرية بهدف تقديم الخدمات العامة، مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى أداء مجموعة متنوعة من المهام على الرغم من تأكيد المطورين على أن الوقت ما يزال مبكرا جدا للحديث عن توفره بشكل تجاري.
كما سيتم طرح "ريم ب" في "مؤتمر إنتل ديفيلوبر" في آب (أغسطس). يحتوي الروبوت على "لينوكس" على معالجات "إنتل كور 2 ديو" بالإضافة إلى معالجات "إيه أم دي جيود".
(أريبيان بزنس)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه