محمود علام حريتاني
يبدأ العد التنازلي
10،9،8،7.....،1،0 ، و تنطلق الرحلة
الفضائية حاملة معها رواد الفضاء الستة الذاهبين إلى يوروبا ، أحد أقمار المشتري ، ووصلت الرحلة إلى الطبقة
الجوية لمحيط الأرض و هنا تم الإطمئنان
إلى انطلاق المركبة ، فزودت بالوقود
استعداداً لرحلتها طويلة الأمد .
يقول فهد ، و هو قائد البعثة : إن جميع المعدات تعمل ، و
نكاد نشرف على الانتهاء من اجتياز محيط الأرض الجوي ؛ لذا أرجو من الجميع التوجه
إلى قمرات الحفظ لكي نكمل إجراءات الانطلاق ، لقد كان هذه االقمراتتضمن أجهزة
لتحفظ أجسام رواد الفضاء خلال الرحلة الطويلة التي سوف تستغرق ستَّ سنين حسب ما
يعرفون من حسابات الزمن المعروف .
وصلت الرحلة إلى مدار القمر يوروبا ،
كما يؤشر الحاسوب ، فتنفتح قمرات رواد الفضاء ، و كانت المركبة ترسل بانتظام
تقارير للأرض عن مسار الرحلة ، و أوضاعها
.
يقول علي ، و هو عالم محيطات ، لقد دقت ساعة الحقيقة ، و
ستبدأ المركبة بالاستعداد لإنزال مركبة أخرى للإستطلاع على القمر و كانت تحمل
ضمنها أربع رواد .
كانوا بعيدين جداً عن الارض حيث أن
الرسالة ستستغرق قرابة ساعتين زمنيتين للوصول إلى الأرض ، و ساعتين لوصول الرد .
وتحط المركبة القمرية على السطح ، و
كان السطح يشبه إلى حد بعيد القطب الشمالي المتجمد على سطح الأرض ، و لم يكن هنالك أي بوادر لوجود حياة فقام
الرواد بجمع العينات ، و تحليلها ، و شرعوا يثبتون مثقاب الجليد للوصول إلى المحيط الواقع خلف طبقة الجليد
القاسية .
على سطح الأرض كانت الحروب مستعرة ، و
قد نسي العالم أمر الرحلة ، كما كانت
الدول منشلغة بأمور الحرب و النزاعات ، حتى أن الأرض كانت مقبلة على حرب ذرية .
لقد قارب المثقاب على الوصول اسفل
الجليد حيث توجد الطبقة المائية كما أعلنت قمر ، فشرع الرواد يحضرون الغواصة التي
ستقل اثنين منهم فقط إلى هذا المحيط المجهول ، و انزلت الغواصة ، و كان المحيط في بادئ الأمر ساكنا . و بعد
الغوص قليلاً ، و بالتحديد قرب أحد الشقوق البركانية ؛ وجدوا ما أذهلهم ، لقد كانت عبارة عن مستعمرة
أشبه ما تكون بالمستعمرة المرجانية الموجودة على سطح الأرض ، و الأمر الذي زادها
غرابة هو وجود حيوان ((السلعطون)) الأبيض تماماً كالذي يوجد في محيطات الكرة
الأرضية فقاموا بأخذ العينات ، و عادوا إلى سطح القمر ، و لدى عودتهم قاموا بإطلاع
الفريق على ماعثروا عليه ، و على الفور ارسلت الرسالة إلى كوكب الأرض لتحمل الجواب
القاطع عن اكتشاف الحياة خارج كوكب الأرض ، و لكن مع الاسف كان مركز الابحاث قد دمر نتيجة الحروب المستعرة
، والرسالة لم تجد من يسقبلها فضاعت في الفضاء السحيق .
لقد حان وقت العودة ، قال فهد ، و لكن
لم تصل أية رسالة من الأرض ، و نحن حائرون في أمرنا ، فإذا بقينا فسنموت ، و لم
يعد أمام الطاقم أي خيار أخر إلا العودة إلى
الأرض .
لقد كان الأرض قد دمرت بالكامل ، و
أصبحت كالجحيم ، فالقنابل مسحت المدن ، و قتلت البشر ، و لم يعد هنالك سوى مجموعات
قليلة لا حول لها و لا قوة .
وصلت سفينة الفضاء إلى مدار الأرض
فاستيقظ الطاقم ، و رأى ما لم تصدق عينيه ، الارض في حالٍ يرثى لها ، و هي غير
صالحة الآن للحياة ، و لا يوجد هنالك أي مدرج معد للهبوط فالدمار ، و الخراب في كل مكان ، و فجأة يلوح
في الافق من جهة المشتري بصيص ضوء خافت ، و كأنها مركبة فضائية ، فيدهش الطاقم لما
رأه ، و ينبه الحاسوب الطاقم قائلاً ، رسالة عبر الاسلكي ، و كانت الرسالة عبارة
عن نداء استغاثة لسفينة فضائية كانت قد تاهت في المجرات ،و قد وجدت أن كوكب الأرض
هو الكوكب الأقرب القادر على تزويد السفينة بالوقود لإكمال رحلة العودة ، لقد
كانوا بشراً مثلنا ،و لكنهم كانوا متحضرين و متطورين اكثر منا فانتقلنا ، نحن رواد
الفضاء الستة إلى مركبتهم لأن مركبتان قارب الوقود فيها على النفاذ ، و قمنا
بالتعرف عليهم ، و طرحنا عليهم استكشافنا فكان جوابهم مدهشاً : لدينا من
التكنولوجيا ، و الخبرة ما يمكننا من جعل
يوروبا صالحاً للحياة الأدمية خلال اسبوع من الزمن المتعارف عليه في الأرض فانطلقت سفينتهم و حطت على القمر ثانيتاً ، وبدأ
عمليات رفع درجة الحرارة فيه ، و إذابة
الثلج ، و اخيراً كانوا قد تزودوا بالوقود الازم من أحد الشقوق البركانية ،و
تابعوا طريقهم إلى كوكبهم آملين اللقاء يوماً ما في ظروف أفضل ، و أصبح الفريق
المستكشف الجديد يصرح : أبحرنا في الفضاء
الواسع بعيداً عن كوكبنا الأم الذي دمرناه بأيدينا ، و استوطنا عالماً أخر آملين
أن لا يكون مصيره كمصير سابقه .
حلب 24/7/2011
فشفش
ردحذف