لقاء الجزائر تحضيرا للقاء بوزنان حول التغيرات المناخية

الصحفية  فتيحة الشرع – الجزائر *

         غياب في لقاء كيوتو اليابانية عام1997 ومشاركة محتشمة ببالي الأندونسية عام  2007، ليأتي لقاء الجزائر في  نوفمبر 2008 لوزراء البيئة الأفارقة حول التغيرات المناخية لكسر الصمت عن القارة السمراء ويقدم الأدلة الملموسة عن وضع لا مسؤولية فيه لإفريقيا وهي التي ترسل فقط 3،5 بالمائة من الغازات المسببة لسخونة الأرض وعلى رأسها غاز ثاني أكسيد الكربون.

          صفة التنسيق والحضور المميز لخبراء عالميين فاعلين هي ما طبع لقاء الجزائر حيث حضرت أكثر من 45 دولة إفريقية ،كما حضر ممثلون عن المؤسسات ذات صلة كالأمم المتحدة حيث أوفد بان كي مون ممثلا  خاصا  مختص بملف التغيرات المناخية، وأوفد أخيم شتاينر ممثلا خاصا  ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة. وحضر أيضا الأمين العام  التنفيذي لبرنامج التصحر والخبير الأممي احمد جغلاف المشرف على معاهدة التنوع البيولوجي. 

         توقعات الخبراء تنذر بأزمة مياه تمس 250 مليون إفريقي بحلول 2020 وبأزمة مناخ تهجر آلاف الأفارقة من مواطنهم الأصلية تاركين ورائهم أراض تتقلص أمام التصحر  وأوبئة تنتشر أمام الفقر كالملاريا وحمى الضنك.

          وليس العالم بمنآى عن التهديدات المناخية، فحسب مداخلة الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية السيد ميشال جارود  فإن 90 بالمائة من الكوارث الطبيعية التي عاشها كوكب الأرض منذ 1980 سببها الرئيسي تغيّر المناخ. في حين يحتاج العالم لخفض الغازات المسببة للإحترار العالمي ما مقداره 50ألف مليار دولار أمريكي.

  

هل لإفريقيا فرص؟

          أربع سنوات هي المهلة المتبقية بين يدي دول العالم لتعمل أكثر وبشكل قابل للقياس والإثبات لصياغة مرحلة ما بعد 2012.

         وإذا كان بروتوكول كيوتو الذي تضمن إجراءات قانونية  لخفض الغازات الناتجة عن التسابق الشرس نحو التصنيع واستنزاف الموارد الطبيعية وأولها المياه والغابات، قد عرف هذا البروتوكول صدودا من قبل دول كبرى فإن تفعيل برامج الشراكة الإقليمية داخل إفريقيا، من خلال خطة عمل المبادرة البيئية للنيباد،  قد يخفف عنها الوطء وهو ما سيُتطرق له على هامش لقاء أديس أبيبا المقبل كما أكد الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية  السيد عبد القادر مساهل.

     من جانبها السيدة مونيك باربو رئيسة مجلس ومديرة عامة للصندوق العالمي للبيئة قالت أن 1،8مليار دولار صرفت من قبل الصندوق في شكل هبة موجهة إلى إفريقيا، كما ساعد ذات الصندوق على تمويل بلغ أكثر من 600 مشروع يحمل صفة بناء القدرات والتأهيل.

الإستفادة من آليات التمويل

          وإذا كان العمل المحلي هو الأرضية المستدامة فإن المشاركة الدولية هي الواجهة ، وفي هذا السياق ذكر الخبير الاقتصادي الجزائري بصندوق النقد الدولي السيد حسين شعلال أنه تم استحداث صندوق التكنولوجيات النظيفة والذي سيبدأ عمله مع نهاية الفصل الأول من سنة 2009  تداركا للثغرات المسجلة في أداء صندوق التأقلم الذي تم إنشاؤه على هامش قمة كيوتو. و سيجمع هذا الصندوق ثماني دول تمثل الدول المانحة وثمان أخرى تمثل المستفيدة وهذا لا يعني أن الصندوق مخصص لهؤولاء فقط وإنما حتى تكون إنشغالات الجانبين متساوية وقابلة للتقييم.

          الصندوق تصل قيمته إلى سبعة مليارات دولار أمريكي وتوجه أمواله لتمويل الاستثمارات في مجال المنشآت والطاقة وتوفير المياه، وكل نشاط يحمل صفة تخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري انطلاقا من وضعية مرجعية.

          المدير التنفيذي لدى برنامج الأمم المتحدة للبيئة السيد كونتي بكاري، من جهته، نوّه بتجربة كل من البرازيل والهند والصين في قدرتها على تحويل أزمة التغيرات المناخية إلى همَّة البحث عن حلول متكيفة عمادها وعي المجتمع المدني بما يجري حوله، كما أن هذه الدول تستفيد بشكل كبير من آليات التمويل العالمي لأنها تحسن استغلال ذلك جيدا من خلال مقترحاتها الواضحة الأطر والأهداف.

على هامش ندوة الجزائر

          دعت توصيات الجزائر إلى ضرورة تفعيل التعاون والتنسيق بين مصالح الأرصاد الجوية والموارد المائية  الوطنية ، وبين مراكز المناخ الإقليمية وكذا بين الجامعات ومراكز المراقبة والبحث الإفريقي حول التغيرات المناخية.

          إدارة أمريكية جديدة سيُعلن عنها مع شهر أبريل 2009 ، وأجندة دولية قديمة تحوي  مواعيد كثيرة  لحل أزمات تعددت بين رؤوس أموال  وطاقة ، مياه وغذاء، وتوحدت من حيث تصنيفها كأزمات لها إسقاطاتها وانعكاساتها على استقرار السكان ونمو البلدان ، فهل سيأتي الآتي بما لم يأتي به الفائت؟

أرقام عــن القارة السمراء

·        70 بالمائة من الأنشطة من أصل زراعي

·        14 بالمائة من سكان العالم يعيشون في قارة إفريقيا

·        17 بالمائة من مجمل الغابات العالمية في إفريقيا

·        24 بالمائة من سكان إفريقيا فقط يتمتعون بنعمة الكهرباء

·        23،8مليار دولار مبلغ مطلوب لتلبية حاجيات إفريقيا من الكهرباء

·        2 بالمائة فقط نسبة ما تستفيد منه إفريقيا في مجال آليات التنمية النظيفة.

·        8 بالمائة هي معدل النمو الذي حققته إفريقيا في السنوات الأخيرة. 

الجزائر وبرامج التكيف مع التغيرات المناخية

         سنوات قليلة بعد مصادقتها على أغلب الإتفاقيات والمعاهدات الدولية، سارعت الجزائر إلى تجسيد التزامها ، وكان ذلك على شكل برامج مدمجة ضمن إستراتيجية وطنية قائمة على التنمية الرشيدة.

         وفي لقاء مع الباحث الجزائري محمد سمياني مديرمختبر المناخ الحيوي بالمعهد الوطني للأبحاث الزراعية، تكلم الباحث عن هذه البرامج التي لها التكيف مع التغيرات المناخية والتي يؤطرها المخطط الوطني للتنمية الفلاحية والريفية المنطلق في سنة 2000 وهو يتضمن التشجير، حماية المناطق الجافة وشبه الجافة وكذلك ملائمة استعمال الأراضي الزراعية حسب ظروف المناخ وأخيرا برنامج تكثيف الإنتاج بالري التكميلي لضمان الأمن الغذائي.

         ويهدف هذا البرنامج في الفترة الممتدة بين 2008 و2013 إلى تجديد الاقتصاد الفلاحي والريفي ليثمن النتائج المحققة خلال السنوات الماضية والتي يبينها الجدول الآتي:

ارتفاع المساحة المسقية من 350000 هكتار إلى 825000 هكتار .

حماية السهول حقق 2752000 هكتار .

تشجير المراعي أضاف 193500 هكتار .

تذكير على  الهامش

خلال مفاوضات الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية ببالي ديسمبر 2007، أعلن الوزير النرويجي  أن النرويج بصدد تحضيرما مقداره 500 مليون دولار أمريكي يصرف سنويا لتنفيذ مجهودات استباقية لخفض غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن إزالة الغابات أو تدهور الغابات بالدول النامية .

*منتجة للعديد من البرامج بالإذاعة الوطنية القناة الأولى.

مراسلة مجلة البيئة والتنمية اللبنانية منذ 1999، ومستشارة في شؤون البيئة.

رئيسة جمعية المرأة والتنمية 2002.

حاصلة على الجائزة العالمية الثانية من قبل URTI الإتحاد العالمي للإذاعة والتلفزيون عن حصة بيئية سنة 2001 بعنوان L’épouvantail et le feu de la discorde

عضو شرف في مؤِسسة القذافي للدراسات الإستراتيجية .

عضو ضمن الرابطة العربية للعلوم والتكنولوجيا.

المؤلفات :

كتاب بعنوان تيه النساء تقديم الدكتور عبد الرحمان مزيان تحت الطبع من قبل دار الفكر السورية.

كتاب تحت المراجعة عنوانه قصاصات امرأة مسافرة.

التحضير لكتاب عن أهم المفاهيم البيئية