بيروت ـ رلى معوض
لم تعد نوبات داء الشقيقة مستعصية على العقاقير وتشكّل لمن يعاني منها آلاماً فظيعة لا تقتصر على مدة النوبة وحسب بل تمتد إلى حالة من القلق تلازم المريض خشية من أن تعاوده ثانيةً، إذ ثمة تقنية حديثة ، هي عبارة عن آلة خاصة صغيرة الحجم يخرج منها سلك يوضع على الجمجمة ويستطيع أن يقطع كل الموجات الكهربائية الموجودة في الدماغ والتي تؤدي إلى هذا الداء! وفي هذا الإطار، كان اللقاء التالي مع الاختصاصي في الطب النسائي الدكتور وليد أبي فاضل لمعرفة المزيد حول هذه التقنية الواعدة لعلاج ألم الرأس المزعج والمزمن.
كيف نحارب داء الشقيقة بواسطة الوهج؟
ـ يواجه المصاب بداء الشقيقة نوعاً من الإشارات التي تعلمه بحصول نوبة الألم، فعلى مستوى النظر، يشعر المريض بالوهج أو رؤية نوع من الومضات الضوئية، وكذلك بالتنميل على مستوى الفم أو حتى على مستوى الكلام، وفي بعض الحالات القليلة يحصل نوع من الشلل. وتشكّل هذه الأعراض نوعاً من الوهج يترجم بخلل في خلايا الأعصاب التي تسبق ألم الرأس والغثيان.
وقد بيّنت دراسات حديثة عرضت في الولايات المتحدة الأميركية أنه يمكن التأثير على هذا الوهج لإيقاف وصول الصداع إلى الرأس، وذلك عبر تقنية طبية هي عبارة عن آلة خاصة صغيرة الحجم يخرج منها سلك يوضع على الجمجمة، ويستطيع أن يقطع كل الموجات الكهربائية الموجودة في الدماغ والمسؤولة عن هذا الداء.
ما هي هذه التقنية؟
ـ شكّل التحفيز المغناطيسي للرأس من خلال الموجات المغناطيسية أحد أنواع العلاجات لحالات من الإكتئاب أو بعض أنواع من المشكلات النفسية. وهذه التقنية لا تسبّب أية آلام للمريض وتخلق نوعاً من الحقل المغناطيسي القوي لفترة زمنية قصيرة جداً (واحد على ألف من الثانية) لتولّد نوعاً من التيّار الكهربائي على مستوى خلايا الدماغ، مما يوقف الوهج قبل أن يتحوّل إلى صداع شديد.
وكانت هذه التقنية التي تمت التجارب عليها في المركز الطبي لجامعة أوهايو تناولت مجموعتين من الأشخاص، تضمّ كل واحدة منها 20 شخصاً. وإذ عولجت المجموعة الأولى عن طريق التحفيز المغناطيسي للرأس، وعولجت الثانية بالطريقة المعروفة البلاسيبو، جاءت النتائج كالتالي: 69?% من الأشخاص الذين عولجوا بواسطة التحفيز المغناطيسي لم يشعروا بألم الرأس مقابل 48?% من المجموعة الثانية. وبالمقابل تمكّنت نسبة 86?% من الأشخاص في المجموعة الأولى من استعادة نشاطها العملي بعد ساعتين مقابل 56% من المجموعة الثانية.
ما علاقة القلق بداء الشقيقة؟
ـ يلازم المصاب بداء الشقيقة خوف من أن تعاوده النوبات، مما يولّد حالةً من القلق تتطوّر لتصبح عائقاً لعلاج المريض في ما بعد. وفي هذا الإطار، بيّنت دراسة أجرتها إحدى المستشفيات الأوروبية أن هناك علاقة وطيدة بين من يعانون من داء الشقيقة والقلق، حيث إنهما مترابطان ويؤثّران على الحياة اليومية للشخص، ويعوقان فاعلية العلاج.
كما أظهرت دراسة أوروبية بعنوان «سمايل» أن 75% من المصابين بداء الشقيقة لا يتلقّون العلاج السليم، رغم أنهم يتناولون عقاقير تتجاوز المعدّل العام المطلوب. ويعود السبب إلى أن 70?% منهم يعانون من القلق خوفاً من أن تعاودهم هذه الأعراض، وأن 39?% منهم وصلوا إلى حد الاكتئاب. وهذا القلق أضرّ بحياتهم اليومية وأصبحوا أكثر حساسية تجاه الضغط، ويستبقون أعراض ألم الرأس بحالة سلبية للغاية.
ما هو العلاج المناسب في هذه الحالة؟
ـ تبيّن أن 73?% من المصابين لا بد من أن يخضعوا للعلاج بشكل عميق لمدة تستمر إلى 4 أشهر، وأظهرت النتائج بعد فترة من العلاج أن عدداً كبيراً من الأشخاص تحسّنت ظروفهم وحياتهم، وتقلّص عدد النوبات من 8 أيام في الشهر إلى 3 أيام. وانخفضت كذلك قوة النوبة، وانخفض تناول الأدوية من 5 حبوب أثناء النوبة إلى 3 حبوب، وخفّ الشعور بالقلق وبالتالي بالضغط النفسي، وبات العلاج يعطي مفعوله بعد ساعتين عند 80?% من المصابين بعد أن كان يقتصر على 49?% منهم في السابق. وهذه النتائج الأولية تفيد بأن العلاج الجذري الذي يدوم على الأقل 3 أشهر هو الوحيد الذي بإمكانه التخفيف من تناول الأدوية ومن عدد النوبات في الشهر، وكذلك يحسّن نوعية الحياة عند الشخص المصاب.
هل المرأة تهتم بالعلاج كما يجب؟
ـ أظهرت الإحصائيات أن 3 سيدات مقابل رجل واحد يصبن بداء الشقيقة! ورغم وجود عوامل عدّة تحذّر الشخص من قرب وقت النوبات، إلا أن عدداً قليلاً من النساء يأخذ المرض على محمل الجد. وهذا ما أظهره عدد من الدراسات الأميركية، وأبرزها واحدة أجريت في «مايو كلينيك» في الولايات المتحدة الأميركية حيث راجعت كل المنشورات الصادرة عن داء الشقيقة، ووجدت أن العلاج الوقائي على مراحل مختلفة من حياة السيدة يساعدها على تجنّب النوبات المؤلمة. ويقول أحد الأطباء المتابعين للدراسة «أن التغييرات الهورمونية تلعب دوراً هاماً في تطوّر داء الشقيقة، وتتكرّر النوبات في السنوات التي تصبح فيها المرأة جاهزة لإنجاب الأطفال.
ماذا عن المرحلة التي تلي المراهقة؟
ـ تعتبر الدورة الشهرية من أهم العوامل التي تطلق نوبات الألم، والأسباب ناتجة عن انخفاض في هورمون «الاستروجين»، ويمكن علاج هذه المشكلة بتناول الأدوية خلال الفترة التي تكون فيها المرأة على استعداد للأعراض أي عند بداية النوبة لتكون نتيجتها فعّالة أكثر. وفي بعض الحالات، يمكن تناول نوع من حبوب منع الحمل، وهي كافية لإزالة الألم.
وفي الفترة الأخيرة من الحمل، تشعر المرأة المصابة بداء الشقيقة أن المرض قد زال. وإذا بقيت نوبة الألم مستمرّة، على المرأة أن تنتبه للأدوية التي تتناولها أثناء الحمل. ولذا، لا بد من العودة إلى الطبيب لتناول الأدوية الملائمة للأم والجنين.
ماذا عن فترة انقطاع الحيض؟
ـ إذا حدث انقطاع الحيض خلال فترة مبكرة، فإن التغيّرات الهورمونية ستجعل من الفترة الانتقالية نحو انقطاع الحيض النهائي فترة مزعجة بالنسبة للمرأة المصابة بداء الشقيقة. أمّا بعد تجاوز عمر الـ 65 سنة، فتنخفض النوبات. وإذا حصلت بشكل متكرّر، فلا بدّ من البحث عن سبب مسؤول مختلف عن التغيّرات الهورمونية.
هل الأطفال يعانون من داء الشقيقة؟
في المرحلة العمرية الممتدة من 4 إلى 7 سنوات، تكون الفتاة أقل عرضة لألم الرأس من الفتيان، ولكن تتحوّل هذه النسبة في عمر المراهقة لتصبح الفتاة عرضة 3 مرات أكثر من الفتى! ولعلّ أكثر عامل مسؤول عن الإصابة بداء الشقيقة خلال عمر الطفولة والمراهقة هو الضغط النفسي أو المدرسة أو الحياة العائلية المضطربة. وإذا لم يساعد التغيير في نمط الحياة على الشفاء، فلا بدّ من تناول الأطفال بعض الأدوية بناء على أوامر الطبيب.
عن مجلة غيوم النسائية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه