مدونة ثقافية تعنى بالإبداع والابتكار والتنمية البشرية

اخر الأخبار

Post Top Ad

السبت، 9 مايو 2009

الطفيليات والأمراض المرتبطة بلحم الخنزير

الدكتور طارق قابيل*

يؤوى الخنزير فى جسمه عدداً كبيراً من أنواع الطفيليات وكثير من هذه الطفيليات خاصة به ، ومن المعروف أن به أكثر من عشرين نوعاً من الطفيليات التي تصيب الإنسان وتسمى بالأمراض المشتركة أي بين الإنسان والحيوان ويقول تقرير أعدته عام 1979 لجنة مشتركة من خبراء هيئة الصحة العالمية والهيئة العالمية للغذاء والزراعة أن الأمراض الزونوسية ( zoonoses ) أي المشتركة تعد تحديا طبيا خاصا حيث تزيد فداحة ثقل عبء المرض الملقى على البشرية ؛ والأمراض الطفيلية بين الإنسان والخنزير يتحدد خطورتها بدرجة المرض الذي يحدثه الطفيل فيه ، وحقيقة الدور الذي يقوم به الخنزير في دورة حياة الطفيل ونسبة تعرض الإنسان للإصابة به .

أولاً : الفيروسات والبكتريا :
هناك العديد من الفيروسات والبكتريا التي يحملها الخنزير مثل فيروسات مرض الكلب والحمى الصفراء وسلالات من الأنفلونزا بل وهناك العديد من صور العدوى البكتيرية المحتملة يحملها الخنزير. وقد أذيع عام 1983 أن الباحثين في جامعة هارفرد قد وجدوا أن الفيروس المسبب لمتلازمة قصور المناعة المكتسبة (الأيدز ) يصيب الخنازير التى تمارس ذكورها الشذوذ شأنها فى ذلك شأن معظم المصابين بهذا الداء الوبيل من بنى الإنسان .

ثانياً : البروتوزوا (الحيوانات الأولية ) :
هناك ثلاثة أنواع من الأمبيات المتطفلـــة التي تتواجد في الخنازير وهي :-
Lodamoeba beutschii nana &Entamoeba Polecki, and Endolimax كما أن أحد النوعين المسببين لمرض النوم الأفريقى هوGambiense Trypanosoma bruccei، بينما ما يسببه مرض شاجاس فى أمريكا الجنوبية هو Trypanosoma (Schizo Trypanuon) cruzi وطفيل العضلات Carcocystis meisherianna ولعل من أهم هذه المجموعة هو طفيل الزحار البلنتيدى.

ثالثاً : الديدان المفلطحة :
ومنها مجموعتان رئيسيتان وهما :

أ- التريـماتــودا (Trematodes ):
أى الوشائع وأهمها الوشائع الكبدية والمعوية فى الشرق الأقصى وبخاصة وشيعة الأمعاء الغليظة (فاشيولوبس بوسكاىFasciolepsis Buski) واسعة الانتشار فى الصين ووشيعة الأمعاء الدقيقة(جاسترو سكويدس هينومينيسGastrosquides Huminis ) التى تصيب أهالى البنغال وبورما
ويعتبر الخنزير هو العامل الخازن الرئيسي لهذه الطفيليات وبخاصة الدودتين الأوليتين ، التى تنطلق منه لتمضى دورة حياتها فى عوائلها الأخرى حتى تصيب الإنسان وهى تسبب أعراضا شديدة والتهابات موضعية ونزفاً وتقرحاً في جدار الأمعاء الدقيقة واضطرابات معوية وإسهال مزمن وأنيميا. وقد تحدث الوفاة نتيجة للإجهاد العام وانحطاط شديد فى القوى . كما يصاب الخنزير أيضا بوشائع الدم (ديدان البلهارسيا اليابانية) حيث أن بويضات تلك الديدان تمر مع براز ذلك الحيوان, وهذا يساعد على اكتمال دورة حياتها وانتشارها ويصاب بوشيعة الرئة التي تصيب الإنسان فى كثير من أرجاء العالم .
  
ب- السستودا أو الديدان الشريطية :(Cystodes )
يصيب الخنزير منها نوعان : هما دودة السمك الشريطية أو دودة الإنسان الشريطية (دايفلوبسريم لاتم Diphyllopothrium Latum ) ويصاب الخنزير بالطور البالغ منها كالإنسان وهي أقل أهمية من النوع الثانى وهو دودة لحم الخنزير الشريطية تينياسـوليم .( Tenia Solium )

رابعاً: الديدان الخيطية أو الأسطوانية ( النيماتودا ) : ( Nematodes )
يصيب الإنسان والخنزير منها بضعة أنواع ، فثمة نوع من الأسكارس أو ثعبان البطن يعيش فى الخنازير وثبت بالدليل القاطع أنه يعدى الإنسان أيضا ، كما أن النوع الذى يعيش فى الإنسان يعدى الخنازير . أما الديدان السوطية فيعتقد أن الذى يصيب الإنسان والخنزير منها نوع واحد (ترايكورز ترايكورا Trichuris Tichura ) فالخنازير تساعد على انتشار هذه الدودة أيضا بين الناس ولكن الدودة الخيطية الخطيرة حقا هى دودة التريكنلا الحلزونية .( Trichinila Spiralis )

خامسا الحشرات :
يصلح الخنزير عائلا لعدد من الطفيليات الخارجية الخاصة بالإنسان كأنواع البعوض والبرغوث وأنواع من القمل وذبابة التسى تسى الناقلة لمرض النوم وكذلك أنواع من القراد والتي تصيب الخنزير كما تصيب الإنسان فى وجهه وداخل أذنيه.

أهم الأمراض التى تنتقل من الخنزير إلى الإنسان :
1- الزحار البلنتيدى : ( Balantidium dysentry )
الذى يماثل الزحار الأميبى شدة وضراوة وضررا يسببه حيوان أولى هدبى يسمى البلتيديوم كولاى ( Balantidium Coli ).ومصدر المرض الوحيد للإنسان هو الخنزير ويكاد يكون المرض مهنيا لا يصيب سوى المشتغلين بتربية الخنزير وذبحها وبيع لحومها . وفى الإنسان تعيش الطفيليات فى القولون والأعور المعوى وفى نسبة من الحالات تتحول الإصابة إلى حالة مرضية تتفاوت فيها الأعراض بين الإسهال اليسير والإسهال الشديد المتكرر .
 
أ- الدوسنتاريا الأميبية الخنزيرية :
لكون الخنزير يعيش على الجيفة والقاذورات ولا يقلع عن ذلك أبداً وأيضا لكونه يأكل براز الحيوانات الأخرى التى تعيش معه حتى لو توافر له الغذاء الأنسب , من هذا فإنه يكون مزرعة لمرض الدوسنتاريا الأميبية وبالتالى ينتقل المرض منه إلى الإنسان وهى أخطر أنواع الدوسنتاريا على الإطلاق .

ب- الدوسنتاريا الخنزيرية :
هى أكبر الميكروبات ، ذات الخلية الواحدة التى تصيب الإنسان ويوجد هذا الميكروب فى براز الخنزير وينتقل إلى طعام الإنسان بطرق عديدة وباستقراره فى الأمعاء الغليظة يحدث إسهال ودوسنتاريا مصحوبة بالمخاط والدم, وقد يحدث التهاب بالرئة وعضلة القلب وقد يثقب القولون ويؤدى إلى الوفاة .

2- مرض الديدان المثانية :
الديدان المثانية المعنية هى يرقات دودة الخنزير الشريطية تينيا سوليم ( Taenia Solium ) وهو الطور الذى يوجد عادة فى لحم الخنزير وبتناولها تتم عدوى الإنسان بالطور البالغ وكانت قبل ذلك يطلق على اليرقات أسم علمى وهو سيستى سيركس سيليلوزى ( Cysticercous cellulosae ) . والإصابة تكون عن طريق تناول طعام ملوث ببيض الديدان حيث تخرج الأجنة وتذهب إلى أى عضو من الجسم وبخاصة عضلات الأطراف واللسان والعنق وأحيانا الرئتين والقلب والعينين أو النخاع الشوكى وتستقر وتولد ديدانا مثانية وعندما تستقر فى المخ تولد حالات من الصرع والشلل العضوى الجزئى واضطرابات بصرية ونفسية وتتكلس الحويصلات متحولة إلى مادة حجرية وأثارها الخطيرة قد تنتهى بالوفاة .وتشخيص هذا المرض يعتمد على وسائل مختلفة من التصوير بالأشعة مع دعمها بوسائل معدلة ومستحدثة من الفحوص المصلية المتنوعة ، وإلى عهد قريب فى عام 1979 لم يكن ثمة أى علاج معروف بالعقاقير وكانت الجراحة هى الملجا الوحيد ، ولكنها قلما تكون مجدية وخاصة وإذا كان عدد الديدان المثانية كبير ومواضعها دقيقة وأخيرا يستخدم الآن عقار مادة الفينبندازول والبرازكوانتيل.( albendazole & praziquintel )

3- مرض الديدان الشعرية الحلزونية (تريكنيلا سبيراليس ) :( Trichinila Spiralis )
تسببه ديدان دقاق قصار يبلغ طول كل من إناثها نحو أربعة مليمترات بينما لا تتجاوز ذكورها نصف هذا الطول، وتتفاوت الأعراض نوعا وشدة حسب مراحل المرض وكثافة العدوى وحالة المريض الصحية العامة، وعادة تظهر الأعراض فى الأسبوع الثانى بعد تناول اللحم المعدى ، وتستقر هذه الديدان فى عضلات آكل لحم الخنزير وعلى الأخص عضلات الجهاز التنفسي وكذلك المخ فتصيب الإنسان بالجنون أو فقد البصر فتفسد الرؤية تماما وتصيب بالعمى ، وتصل أيضا إلى الكبد ، فإذا ما وصلت إلى جدار القلب فإنها تتسبب فى ذبحة صدرية . كما تؤدى إلى الاضطرابات المعدية والمعوية والحمى الروماتزمية وصعوبة المضغ والتسمم والإجهاد العام ، ولا غرابة فى ذلك فقد قدر عدد اليرقات فى عضلة الحجاب الحاجز لإنسان مصاب ، بألف يرقة فى الجرام الواحد ، وفى الإصابات القاتلة تحدث الوفاة بين الأسبوعين الرابع والسادس فى معظم الأحوال ، والخنزير هو المصدر الوحيد لإصابة الإنسان ومواطن انتشار المرض هى أوروبا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية . وهناك محاولات مضنية لتجنب هذا البلاء تأتى بتربية الخنازير بطريقة صحية وفحص ذبائحها ومعالجة لحومها بوسائل باهظة التكاليف وهى غير مجدية من الناحية العملية ، ويكفى للدلالة على هذا أن نذكر أن أمريكا بها ثلاثة أمثال مجموع الإصابات فى العالم أجمع وأن متوسط نسبة الإصابة فى ولاياتها المختلفة هو 16% مع الوثوق بأن هذا الرقم أقل بكثير من الحقيقة وأن نسبة إصابة الخنزير به تتراوح بين 5 -27 % فى الولايات الأمريكية المختلفة .
إن تشخيص الإصابة بالتريكينلا أمر عسير نظرا لكثرة أعراضها وخلو ذهن الطبيب من توقع وجودها فى معظم بلادناـ وقد تستخدم الفحوص المعملية فى التشخيص ولكن هناك احتمال إعطائها نتائج سلبية زائفة فى بعض الأحيان والآن يستخدم عقارى ميبندازول والسيبندازول للعلاج ، ولكن من مشاكل العلاج أن المرض عادة لا يكتشف إلا فى مرحلة انتشار اليرقات فى عضلات الجسم هذا إذا أكتشف أصلا فبعض الحالات لا تعرف حقيقتها إلا بفحص قطعة من الحجاب الحاجز بعد الوفاة .
وفى مصر كان أساتذة علم الطفيليات الطبى واثقين تماما من خلوها من ديدان التريكنيلا فيؤكد د. رفعت وزملاؤه عام 1969 هذا الاعتقاد ولكن فى عام 1975 وجد د. تادرس وأسكندر يرقات التريكنيلا فى لحوم الخنازير بالقاهرة ثم وجدها د.النواوى فى مجازر الخنازير بالمنيا عام 1977 وظهرت أول إصابة في سيدة بالإسكندرية عام 1978 كما وجدت يرقات التريكنيلا في الجرزان والفئران والكلاب الضالة حول مرابى الخنازير فى الإسكندرية والقطط الضالة بالقاهرة .
 
4- مرض الدودة الشريطية (تينيا سوليم ) :( Taenia Solium )

تنتقل هذه الدودة من الحيوان إلى أمعاء الإنسان حيث يبلغ طولها حوالى أربعة أمتار أو أكثر والدودة لها رأس أصغر من رأس الدبوس وعنق قصير تنمو منه قطع أو أسلات صغار تتباعد وتأخذ فى النمو لتكون هذا الشريط وكل قطعة كأنها حيوان قائم بذاته ، إذ توجد به أجهزة التناسل المذكرة والمؤنثة ولرأسها مابين 22-32 خطافا تتثبت به فى جدار الأمعاء وتتسرب يرقاتها إلى مجرى الدم لتستقر فى أحد أعضاء الجسم كالقلب أو الكبد أو العين ثم تتحوصل فيه فإذا استقرت فى المخ وهو مكانها المفضل فإنها تتسبب فى حدوث مرض الصرع وهذا هو الفرق بينها وبين الدودة الشريطية التى تنتقل من حيوان آخر كالبقرة مثلا ، فدودتها لا تملك هذه القدرة الرهيبة على السياحة والتجوال بيرقاتها فى جسم الإنسان كى تدمره فى عنف عجيب ، ولحم الخنزير المصاب يكون فى العادة أكثر إصابة من لحم البقرة المصابة ، وقد يزيد عددها إلى عشرة آلاف فى كيلو اللحم الواحد من الخنزير .

5- مرض الالتهاب السحائى المخى وتسمم الدم :
ينتج عن الإصابة بالميكروب السبحى الخنزيرى وقد كان سبب هذا المرض مجهولاً تماماً حتى تم اكتشاف هذا الميكروب سنة 1968 وعرفت البشرية السبب فى الوفيات الغامضة التى راحت ضحايا الخنزير فى هولندا والدنمارك ،وقد تبين أن هذا الميكروب يحدث التهاباً في الأغشية الملاصقة للمخ ويفرز سموماً بتركيزات عالية فى دم المصاب تؤدى إلى موته والذين يفلتون من الموت يصابون بعد علاج مضنى بصمم دائم وفقدان للتوازن نتيجة خلل فى خلايا المخ أحدثه هذا الميكروب .

6- أنفلونزا الخنازير :
ينتشر هذا المرض على هيئة وباء يصيب ملايين الناس وتكون المضاعفات خطيرة حينما يحدث التهاب بالمخ وتضخم فى القلب وقد يليه هبوط مفاجئ ،. وكان أخطر وباء أصاب العالم من هذه الأنفلونزا الخطيرة عام 1918 حيث قتل مئات الآلاف من البشر وقد ظهر مرة أخرى فى أمريكا فى عام 1927 ، حيث أصدر الرئيس الأمريكى أمراً بتطعيم كل أمريكى بالمصل الوقائى من المرض الخنزيرى القاتل ، وقد تكلف هذا البرنامج نحو 135 مليون من الدولارات .

7- مرض دودة المعدة القرحية :
تسببه دودة تصيب الخنزير أولا ثم تنتقل إلى الإنسان آكل الخنزير وتصيب الأطفال بالذات وتسبب آلاما شديدة لا قبل للكبار بها فما بالكم بالأطفال .
فمن المعلوم أن الخنزير إذا ربى ولو فى الحظائر النظيفة فإنه إذا ترك طليقا لكى يرعى فى الغابات فإنه يعود إلى أصله فيأكل الجيفة والميتة التى يجدها فى طريقه بل ويستلذ بها أكثر من البقول والبطاطس التى تعود على أكلها فى الحظائر النظيفة المعقمة وهذا هو السبب فى احتواء جسم الخنزير على ديدان وطفيليات فضلا عن زيادة نسبة حامض البوليك ، وقد ذكرت أبحاث علمية حديثة أن جسم الخنزير يحتوى على كميات كبيرة من هذا الحامض و لا يتخلص إلا من القليل منه بنسبة لا تتعدى 3% بينما يتخلص الإنسان من نسبة 90 % من نفس الحامض ونظرا لهذا فان آكلى لحم الخنزير يشتكون عادة من الآم روماتزمية والتهاب المفاصل المختلفة .

دهن الخنزير :
يحتوى لحم الخنزير على أكبر كمية من الدهن من بين جميع أنواع اللحوم المختلفة مما يجعل لحمه عسير الهضم فمن المعروف علمياً أن اللحوم التي يأكلها الإنسان تتوقف سهولة هضمها في المعدة على كميات الدهنيات التي تحويها وعلى نوع هذه الدهون فكلما زادت كمية الدهنيات كان اللحم أصعب فى الهضم ، وقد جاء فى الموسوعة الأمريكية أن كل مائة رطل من لحم الخنزير تحتوى على خمسين رطلا من الدهن أى بنسبة 50 % فى حين أن الدهن فى الضأن يمثل نحو 17 % فقط, وفى العجول لا يزيد عن 5 % كما أثبتت التحاليل أن دهن الخنزير يحتوى على نسبة كبيرة من الأحماض الدهنية المعقدة وأن نسبة الكوليسترول فى دهن الخنزير إلى الضأن إلى العجول 6:7:9 أى أن نسبة الكولسترول فى لحم الخنزير أكثر من عشرة أضعاف ما فى البقر. و لهذا دلالة خطيرة حيث أن زيادة الكوليستيرول فى دم الإنسان عن المعدل الطبيعى تجعله يترسب فى الشرايين وخصوصا شرايين القلب وبالتالى تسبب تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم وهو السبب الرئيس فى معظم حالات الذبحة الصدرية القلبية المنتشرة فى أوروبا ، حيث أظهرت الإحصائيات أن نسبة الإصابة بهذين المرضين في أوروبا تعادل خمسة أضعاف النسبة في العالم الإسلامي وذلك بجانب التوتر العصبى الذي لا ينكره العلم الحديث.
* كاتب علمي ، عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه

Post Top Ad

الصفحات