جبال ضخمة من النفايات الرقمية والإلكترونية
المهندس عمر الحياني *
أصبحت قضية تلوث البيئة والحد منها أكثر ما يقلق البشرية اليوم فالتدهور الناتج عن التصرفات البشرية الغير مسئولة بدأت تتجلى أثارها بوضوح من خلال المشاكل المناخية والبيئية والصحية التي بدأت تظهر فمن الاحتباس الحراري إلي اتساع طبقة الأوزون وارتفاع درجات الحرارة وذوبان الثلوج وموجات الأعاصير والجفاف التي تضرب مناطق مختلف من عالمنا اليوم مهدده الإنسان بما هو اشد وأثقل إن هو استمر في إفساد الأرض بغير رشد وبدون ميزان حساس يستطيع وزن استخدامه لها .
جبال النفايات الالكترونية
ومع هذا الإفساد وفي غمرة البهرجة التكنولوجية وذلك التسارع الهائل في إبداعات العقل البشري الذي لا يتوقف ثانية واحده فجاه بدأت البشرية تدرك خطورة التراكم اللامتناهية من جبال النفايات الالكترونيات والرقمية والتي بدأت مع انطلاقة ثورة الاتصالات الالكترونية في العقد الأخير من القرن العشرين ومع اتجاه الدول المتقدمة والصناعية ممثلها بشركاتها العالمية المصنعة للأجهزة الالكترونية سباقا محموما في جذب اكبر عدد من المستهلكين لمنتجاتها المتجددة والمتميزة وإغرائهم بالشراء والتجديد في آن واحد وهو ما حول استهلاكنا إلي دائرة لا تنغلق.
إن النفايات الالكترونية تمثل في الوقت الحاضر مشكلة أصبحت تؤرق العالم بسبب المخاطر البيئية والصحية التي تحدثها نتيجة لتراكمها وتقادمها وصعوبة التخلص منها أو إعادة تدوير بعض موادها وهو ما مثل تحدي أمام الدول المتقدمة وان كانت الدول النامية اشد ضررا وبالأخص في حالة تصدير الأجهزة المستخدمة إليها أو تصدير الأجهزة الالكترونية الأقل جودة والأرخص سعرا والأقل مواصفات أو البالية (المستخدمة) سواء كان بدافع التجارة أو المساعدة وهو ما يؤثر في كلا الحالتين على تلك الدول من ناحية الاستنزاف المستمر لاقتصادياتها وتدمير البيئة بجبال نفاياتها أو بسبب عجز تلك الدول عن تجميعها واستحالة قدرتها على تدويرها .
إخطبوط العصر
لقد تحولت تلك الأجهزة إلي إخطبوط يلف منازلنا العادية والعصرية على السواء ,و تحيط بنا في كل اتجاه وصوب, فلا يكاد يخلو منزل من احتوائه على العديد من الأجهزة الالكترونية المستعملة والغير مستعمله.
بل ووصل الأمر بنا بالاتجاه نحو إقامة المنازل العصرية التي تعمل بالأجهزة الالكترونية , ومن تلك المخاطر تلك الجبال اللا متناهية والقابلة للزيادة إنها النفايات الالكترونية بكل أشكالها ومكوناتها السمية والغير سمية فمع اتجاه العالم نحو الأجهزة الالكترونية نجهل الأخطار المحدقة بنا من تلك المواد المصنعة لتلك الأجهزة ومع كل هذه الزيادة المصحوبة بالنمو السريع للتكنولوجيا والتي أدت إلى قصر عمر المنتج وبالتالي الحاجة للاستغناء عنه وامتلاك أخر جديد متوافق مع التطورات الحديثة.
فعلى سبيل المثال كان العمر الافتراضي للكمبيوتر عام 1997 يقارب ال7 سنوات بينما ألان لا يزيد عن 3سنوات . هذا ما أدى لان تكون زيادة النفايات الالكترونية بأوروبا ثلاثة أضعاف الزيادة مقارنة مع النفايات الأخرى.وببساطة يبدأ إطلاق مصطلح "نفايات الكترونية" في تصنيف المعدات الالكترونية التي وصلت إلى نهاية العمر الافتراضي للاستخدام، فهي كل الأجهزة الالكترونية من الهواتف إلى الحواسيب والشاشات والبطاريات،والتلفونات ...الخ أو التي تم الاستغناء عنها ، هذه الأجهزة عندما تبدأ في مرحلتها التقاعدية، تعتبر سامة بحرقها أو تفكيكها. أما لماذا تبدو خطرة، فذلك لسبب وجيه لا يفقهه كثير من البشر، وهو أن مكوناتها الداخلية تحتوي على الرصاص والزئبق والزرنيخ والكادميوم والبريليوم، والكثير من المخلفات السامة التي قد تتسرب للإنسان وللتربة وللنباتات والمياه و الهواء أم في حالة تخزينها بطرق غير علمية أو ردمها فتأثيرها في المستقبل القريب والبعيد سيكون كإرثي فحجم النفايات حول العالم تبلغ أكثر من 50 مليون طن من المخلفات الالكترونية الخطرة، في حين ما يتم التخلص منه لا يتعدى 1.5 إلى 1.9 مليون طن. "من الأجهزة الالكترونية التي هي في الأساس تصنع من مواد سامة مثل الليثيوم والرصاص... الخ". وهناك الكثير من القطع الأكثر ضررا، مثل المقاومات والمكثفات والبطاريات وذلك ينعكس على البيئة والإنسان بل وصل الأمر أن المختصين ينصحون بعدم إيواء الأجهزة الالكترونية المنتهية في المنازل والتي قد تؤدي إلي مخاطر كبيرة تأتي في مقدمتها الحساسية.
فطبقا لدراسة استرالية عن النفايات الإلكترونية وجد أنها تشكل الجزء الأكبر في تلوث المياه الجوفية في كاليفورنيا واليابان . مما جعلها تتخذ إجراءات سريعة بوضع قوانين للحد من كمية النفايات الإلكترونية.
وتبرز دراسة للأمم المتحدة ألأخطار البيئية الناجمة عن أجهزة الحاسب الآلي بأن ثلاثة عشر بلداً معظمها في أوروبا أصدرت قوانين وتشريعات لتدوير أجهزة الحاسب القديمة .
حجم النفايات الالكترونية
النفايات الالكترونية نوع من التلوث البيئي والذي يطلق عليه (الخط المخفي) فالكثير من أنواع التلوث الناتج من مخلفات المصانع كالمواد الصلبة أو السائلة أو الغازية المنبعثة من المصانع ممكن تحديد تلوثها من خلال الرؤية أو الرائحة ولكن الأشد خطورة والتي لا يمكن تحديد خطرها هي النفايات الالكترونية .
فكل الأجهزة تلك تشترك في صفتين تجعلها من النفايات الالكترونية وهي كونها تمتلك إما لوحة الكترونية أو أنبوب الأشعة الكاثودية وهذا الأخير يحتوي على نسب من الرصاص بمستويات تؤدي إلى زيادة الخواص السمية وبالتالي تنتج نفايات خطرة أما واقع حال النفايات الحاسوبية فيتوقع ان يصل عدد الحواسيب الشخصية على مستوى العالم ملياري جهاز بحلول عام 2014 وان يكون معدل الزيادة السنوية ما يقارب 12% سنويا. أي أن الأجهزة التي تنتج حتى عام 2014 سوف تصبح اغلبها في عداد النفايات مما يتطلب التخطيط المستقبلي لكيفية التخلص من هذا الكم المتراكم من أجهزة الحاسوب ففي عام 2004 وحده، أصبح نحو 315 مليون حاسوب شخصي مهتلكاً. كما تم إنتاج 850 مليون هاتف نقال في عام 2005.
وقد صرح الاتحاد الدولي لمشغلي الهواتف النقالة إن عدد الاشتراكات في الخطوط الهاتف المحمولة سيرتفع عالميا من 3,9مليارات العام 2008م ألي 5,6مليارات العام 2013 م بينما يبلغ عدد مشتركي الدول العربية 177مليون مشترك,فطبقا لتقرير كشفت عنة الجمعية العربية لمشغلي الهاتف النقال أن عدد مستخدمي الهواتف المحمولة في العالم العربي سيرتفع إلي 200 مليون بنهاية عام 2008م مقابل 177 مليون حاليا وبالتالي فان عدد البطاريات المستخدمة لتلك التلفونات تبلغ ضعف عدد التلفونات وهو ما ينذر بكارثة بيئية ناتجة عن سوء التخلص من نفاياتها على اعتبار أن بطاريات التلفونات تعتبر الأكثر تلويثا للبيئة فهي تحتوي مادة اللثيوم والرصاص التي تعتبر من اخطر المواد تلويثا للمياه و تأثيرا على الانسان
وأشار بحث أجرته مؤسسة فورستر للبحوث والإحصاء إلى احتمال أن يتضاعف عدد أجهزة الحاسب الشخصي التي يمتلكها الأشخاص العاديين بحلول عام 2010 ليصل إلى 1.3 مليار جهاز.
. وتشير الإحصاءات إلى ارتفاع كمية النفايات في البلدان النامية من حوالي 300 مليون طن في عام 1990 إلى حوالي 580 مليون طن في عام 2005. ومؤكدا أن المخلفات الالكترونية لا تزال ترمى عشوائيا.
إن تصنيع معظم تكنولوجيا المعلومات يعتمد بشدة على المواد الكيماوية، ونتيجة لقصر عمر هذه المنتجات فإنها تخلف جبالاً من المخلفات الإلكترونية التي تسمم موارد المياه الجوفية وتهدد صحة الإنسان.
صناعة الالكترونيات
لقد أنتجت صناعة الإلكترونيات عام 2001م نحو 60 مليون جهاز ترانزستور وهي أجهزة التحويل الثنائي المتناهية الصغر التي تستخدم في الشرائح الدقيقة ، وتستخدم هذه الشرائح التي تحمل هذه الأعداد الضخمة من الترانزستور في منتجات عديدة بدءاً من أجهزة الكمبيوتر إلى السيارات وحتى بطاقات التهنئة الموسيقية.
إن الطلب على المنتجات التكنولوجية يزداد بسرعة مذهلة في الوقت الذي يدخل فيه المزيد من دول العالم عصر الإنترنت والمعلومات، وقد تضاعف استخدام الهاتف المحمول في العالم كل عشرين شهراً خلال التسعينيات، وسيتجاوز عدد تلك الهواتف عدد خطوط الهواتف الثابتة وهو مليار خط . وبحلول عام 2010م من المتوقع أن يتم إنتاج نحو مليار ترانزستور لكل شخص في عملية ستخلف كميات هائلة من النفايات الكيميائية.
الجدير بالذكر، أن إنتاج رقيقة من السليكون طولها 15 سنتيمترا يخلف نحو 14 كيلوجراماً من النفايات الصلبة وآلاف اللترات من مياه الصرف. وتستلزم عملية تصنيع الشرائح ما بين 500 إلى1000 مادة كيميائية مختلفة. كما تحمل منتجات أخرى حمولة سامة كبيرة، فتحتوي شاشات الحاسوب على ما يصل إلى 3.6 كيلوجراماً من الرصاص. أما الشاشات المسطحة فتحتوي على الزئبق الذي قد يؤذي الجهاز العصبي. كما أن الكادميوم المستخدم في بطاريات الحاسوب يمكن أن يزيد خطر الإصابة بالسرطان، وأن يؤذي الجهاز التناسلي ويمكن أن يضر بنمو الأجنة. وتقول الأرقام بأن أكثر من مليوني جهاز كمبيوتر تباع سنوياً في كاليفورنيا وأكثر من ستة الآف جهاز تتلف يومياً في نفس المدينة,وفي كندا بلغ حجم النفايات الالكترونية في عام 1999 م أكثر من 37,478 طن , وفي المانيا بلغ حجم النفايات أكثر من 79,000 طن في عام 2005 م .
اكبر مستهلك للالكترونيات
وتجدر الإشارة الى ان الولايات المتحدة الأمريكية تعد اكبر مستهلك للالكترونيات في العالم وان أكثر من(315) مليون جهاز حاسوب أصبحت بالية وغير قابلة للاستعمال في أميركا مابين عام(1997-2004) وذكرت احدى الدراسات التي أعدت في الولايات المتحدة الأمريكية أن (3.2) مليون طن من هذه الأجهزة يتم طمره سنويا كطريقة للتخلص منه وبالإضافة إلى ذلك أن (250) مليون طن من هذه الأجهزة تصبح خارج الخدمة بدون فائدة في عام (2005) وان (6) ملايين من هذه الأجهزة مخزونة في البيوت والدوائر بدون استخدام وان هذا القدر الكبير من النفايات الالكترونية سيؤثر حتما على الدول التي تدعي أنها تملك تقنية عالية تمكنها من السيطرة الكاملة على مقومات البيئة.
النفايات الالكترونية في العالم النامي
وتواجه الدول النامية النفايات الالكترونية من خلال ثلاث مشاكل الأولى تتمثل في الصناعات الالكترونية رديئة الصنعة ذو العمر الإنتاجي قصير الأجل والمشكلة الثانية هي نفايات تلك الصناعات الرديئة وأما المشكلة الأخرى والكبرى فهي النفايات الالكترونية سواء كانت مستعملة أو كنفايات للدفن من الدول المتقدمة أو كمساعدات تقدمها الدول المتقدمة للدول النامية وهي في الحقيقة طريقة للتخلص منها وهنا تكمن الخطورة التي لا يمكن تجاهل تأثيرها ليس فقط على الدول النامية بل على البيئة والصحة العالمية ككل فقد أصبحنا في العصر الحالي في ظل العولمة التجارية نتبادل السلع والمنتجات بين الدول المتقدمة والنامية على حد سواء وهو ما يتحتم علية نقل تأثيرات النفايات على شكل ملوثات غير مباشرة سواء في المواد الزراعية أو الصناعية أو الثروة الحيوانية والسمكية .
أين تذهب النفايات ؟
أشار تقرير صادر عن منظمة برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة إلى إن معظم الشركات المنتجة للأجهزة الالكترونية تقوم بالتخلص من نفاياتها مثل أجهزة الكمبيوتر ومستلزماته وأجهزة التلفاز والرقائق المدمجة في دول افريقية موضحا إن زهاء 50 مليون طن من القمامة الناتجة عن بضائع إلكترونية مهملة يتم التخلص منها سنويا في تلك البقعة من الأرض.
وأضاف التقرير إن اختيار القارة السمراء كمردم لتلك النفايات جاء بعد إن قامت دول أسيوية مثل الصين والهند بفرض قيود مشددة على دخول تلك الأجهزة المتقادمة إليها بعد إن عانت من ويلات تلك النفايات والأضرار الناتجة عنها.
ولهذا عقد مؤتمر دولي تحت مظلة ورعاية منظمة برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة في العاصمة الكينية نيروبي لبحث سبل معالجة المشكلة التي تتفاقم مع مرور الوقت. وكان نحو 50 شخصا لقوا حتفهم وأصيب أكثر من 70 ألف بإمراض مزمنة بسبب تصاعد أبخرة سامة من أكوام لتجميع الأجهزة الالكترونية المتهالكة في مدينة أبيدجان عاصمة ساحل العاج. وفي دراسة أجرتها هيئة تسمى (شبكة بازل للعمل) تعنى بشؤون النفايات الالكترونية أظهرت إن ما لا يقل عن 100 ألف جهاز حاسوب يتم إدخالها شهريا عبر ميناء لاجوس النيجيري إضافة إلى أجهزة تلفاز وحواسيب وهواتف محمولة قديمة أو تالفة.
يذكر إن دولا عدة صادقت على اتفاقية بازل التي تعنى بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والمشعة والتخلص منها عبر الحدود بطرق لا تشكل خطرا على الإنسان أو البيئة .
وقد عقدت عدة مؤتمرات دولية لمناقشة سبل مكافحة النفايات الالكترونية منها مؤتمر بالي بإندونيسيا والذي بحث طرق التخلص من النفايات وكذلك المخاطر المترتبة عن بعض أنواع هذه المخلفات وعلى رأسها المخلفات الالكترونية.
وناقش وزراء حكومات حوالي 170 بلدا مسألة إنشاء هيئة متخصصة في النفايات الإلكترونية بالإضافة إلي المخاطر الناجمة عن النفايات وآثارها على الانسان والبيئة على حد سواء وتم بحث مسالة التخلص من النفايات الالكترونية الهائلة من قبيل الهواتف المحمولة والحواسيب القديمة وقد كان تحت إشراف معاهدة
بازل الدولية التي تقنن قطاع النفايات الخطرة بهدف التقليل من إمكانية انتقالها عبر الجدود.
وكانت منظمة غرينبيس المعنية بحماية البيئة قد بدأت حملة ضد نقل النفايات الإلكترونية الأمريكية إلى الصين، وقالت المنظمة إن عمالا صينيين يقومون بتذويب بعض المواد المعدنية في الحواسيب، بهدف الحصول على معدن ثمين يدخل في تركيب اللوحة الأم للحواسيب وهو الذهب .
خطر النفايات الالكترونية
لا يقتصر خطر النفايات الالكترونية على الإنسان وحده بل يتعدى ذلك إلي البيئة بكل مكوناتها من حيوان ونبات وطيور وهواء سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على المدى القصير المنظور أو المدى الطويل الغير منظور وينبع خطر النفايات الالكترونية من المواد الكيميائية الداخل في العملية الصناعية لتلك النفايات الالكترونية فإذا كانت جماعة الخضر تبين بعض من النواح السلبية للنفايات الالكترونية من خلال بعض الإحصائيات فعلى سبيل المثال احتوت شاشات التلفزيون والكمبيوتر المعدة على تقنية Cathod ray tube والمباعة عام 2002 على عشرة ألاف طن من مادة الرصاص السامة والتي تؤثر على الدم ونسبة الذكاء عند الأطفال إن تعرضوا لها عند تكسر احد الأجهزة .
أما الأسلاك الكهربائية والتي لا يخلو جهاز اليوم منها فهي معزولة بمادة الPVCوالتي لا تتحلل بسهولة وان احترقت تصدر غازات سامة تؤثر على الصحة.
كما إننا نجد في البلدان الأوروبية العديد من الأماكن لتجميع البطاريات وبعض الأجهزة المستغنى عنها للتخلص منها بطرق سليمة كما أن بعض المصنعين يطلبون من المشتريين إعادة الجهاز لهم عند الاستغناء عنه. ولا يقتصر الخطر على المستهلكين بل على العاملين في المصانع وهم أكثر الناس عرضة للمواد الكيميائية والمسرطنة و الإشعاعية أكثر من غيرهم .
أما الموضوع الأخر والذي لا يقل أهمية عن النفايات الالكترونية فهو ما يطلق علية الضباب الالكتروني أو E-Smog. هذه الظاهرة تعود إلى الإكثار من استخدام الاتصالات اللاسلكية والموجات الكهرومغناطيسية الصادرة عن الأجهزة الكهربائية. فلنتخيل عدد الموجات الصادرة من أجهزة مثل الإذاعة والتلفزيون والأقمار الصناعية وأجهزة تقوية البث ألاسلكي للهواتف النقال والتي أصبحت لها منازل وأبراج قرب الأحياء السكنية بل وأصبحت فوق بيوتهم ومساكنهم ناهيك عن الهواتف النقالة وأجهزة الميكروويف المنزلية وغيرها من الأجهزة التي لا يستطيع إنسان اليوم الاستغناء عنها.
الضباب الالكتروني
فكما يقول احد الباحثين أننا لو استطعنا رؤية هذه الموجات لعشنا بظلام دامس من كثرتها,و ورغم أن هناك العديد من الأبحاث لم تستطع إلي الآن إثبات أو نفي ضرر هذه الموجات على صحة الإنسان بشكل قطعي ولكن إن ازداد تعرض الإنسان لها بصورة مركزة وطويلة فقد تؤدي للضرر.
فطبقا لأحدث دراسة طبية مصرية أوصت بتناول لترين من الماء يوميا لتجنب الإصابة بمخاطر الأجهزة الالكترونية وكشفت الدراسة التي أجراها مستشار الصحة العامة والطب الوقائي بوزارة الصحة المصرية إن استخدام الأجهزة الالكترونية كالكمبيوتر والميكروويف والهاتف الجوال والتعرض لها لفترات طويلة يتسبب في العديد من المخاطر اقلها إصابة مستخدميها بالإجهاد العقلي والذهني فضلا عن أن الإشعاعات الصادرة عنها والتي تؤثر على الدم وتودي مع طول وقت التعرض لها إلي الإصابة بالأنيميا وعتامة العين والعقم وقد يصل الأمر إلي حد الإصابة بالأورام السرطانية وحذرت الدراسة من أن الأطفال والشباب أكثر عرضة للإصابة بهذه المخاطر وان التأثير قد يعوق النمو لدى هؤلاء داعية بالا يزيد عدد ساعات التعرض للكمبيوتر على ساعتين.
تحتوي النفايات الإلكترونية على كميات كبيرة من المكونات السامة والضارة كالرصاص والكادميوم المكون الأساسي للوحات الدوائر فضلاً عن أكسيد الرصاص وأنابيب أشعة الكاثود بالشاشات وبطاريات الكمبيوتر كما نجد الزئبق في لوحة المفاتيح والشاشات المسطحة وكلوريدات البيفنيل التي تحتويها كل من المكثفات والمحولات إضافة إلى اللهب البرومي الذي ينتج عن حرق لوحات دوائر الطابعات والأغطية البلاستيكية.
ولا ننسى خطر التلوث الالكتروني ومضاعفاته النفسية والجسدية الخفية والناتجة عن الإشعاعات المنبثقة من الأجهزة الالكترونية مثل الاهتزازات النفسية والجسدية بالإضافة إلي الشكاوي النفسية وهناك أنواع للتلوث الناتجة عن الأجهزة الالكترونية منها التلوث المعلوماتي والضوضائي.
ما هو المنتج الالكتروني الصديق للبيئة؟
يسعى ناشطوا البيئة والمدافعون عنها إلي توعية الشركات والمصانع إلي أهمية إنتاج أجهزة الكترونية أكثر صداقة للبيئة من خلال تشجيع البحوث بإنتاج مواد تكون اقل تلويثا للبيئة ومن جهة أخرى يعملون على تثقيف الشعوب من خلال تحديد أكثر المنتجات التي لاقت قبولا وفقا لمعايير بيئية بحتة .
وفي سبيل التوجة نحو تصنيع منتجات صديقة للبيئة تم إنشاء منتدى (ايكونسينس) وهو اتحاد ألماني يضم عددا من كبريات الشركات الألمانية ورجال الإعلام والسياسية والاقتصاد ويهدف إلي خلق أرضية مشتركة لصناع القرار السياسي والاقتصادي للتعاون من أجل خلق أرضية صالحة لدعم وتطبيق التقنيات الصديقة للبيئة و دعم التنمية المستديمة للشركات وتعزيز مسؤوليتها المشتركة تجاه المجتمع، ويشكل المنتدى منبرا يجمع رجال السياسة والاقتصاد والإعلام من أجل تطوير أفكار اقتصادية تنموية يمكن تطبيقها في المجتمع,وفي منتدى التنمية المستدامة للاقتصاد الألماني (ايكونسينس econsense) الذي عقد في برلين في منتصف شهر نوفمبر2008م تحت شعار "تقنيات من أجل حماية البيئة“. وقد ضم الاجتماع عددا من رجال الاقتصاد والصناعة والسياسة وناقش سبل تطوير وتطبيق تقنيات جديدة تضمن حماية البيئة.
وخلال انعقاد المنتدى قدمت شركات عديدة أحدث ما لديها في هذا المجال، فعلى سبيل المثال عرضت شركة هايدلبرجر للأسمنت HeidelbergCement اختراعا فريدا وهو أحجار للبناء مطلية بمادة كيميائية تستطيع القيام بعملية شبيهة لعملية التمثيل الضوئي التي تقوم بها النباتات، فتقوم بامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات الضارة من الجو. كذلك يمكن استخدام المادة الكيميائية في طلاء الطرق، وقد استخدمت هذه الطريقة في ايطاليا وفرنسا وأثبتت فعاليتها في تقليل انبعاث الغازات الضارة في الجو.
شركة سيمنس قدمت ديودات ضوئية LED يمكن استخدامها لتحل محل المصابيح (اللمبات) الكهربية التقليدية حيث توفر 80 بالمائة من الطاقة، كما أن عمرها الافتراضي يزيد عن عمر المصابيح العادية بنحو 50 مرة. ويمكن استخدام الديودات في المطارات أو في السيارات أو في غيرها من الأماكن.
العداد الذكي لمعرفة استهلاك الطاقة بشفافية من شركة RWE للطاقة فقدمت عدادا ذكيا للكهرباء يستطيع توضيح استهلاك الكهرباء في المنزل على شكل رسوم بيانية يستطيع المستخدم من خلالها معرفة حجم الطاقة المستخدم لكل جهاز على حدة، كما يمكن تحديد كمية الغاز المنبعثة المكافئة للطاقة المستخدمة. مشروع العداد الذكي هو مشروع قامت به الشركة بالتنسيق مع وزارة الاستثمار والتقنية، وقد تم تطبيقه على نطاق واسع في مدينة مولهايم ومن المنتظر أن يتم استخدامه في مناطق أخرى في المستقبل القريب.
العالم العربي في مواجهة الإعصار الالكتروني
إن تراكم النفايات الالكترونية وخاصة في الدول النامية ومنها عالمنا العربي هو تحد كبير يتوجب الاهتمام بنوعية الأجهزة التي تدخل الأسواق العربية ومدى جودتها وعمرها الافتراضي والمواد الداخلة في تصنيعها ومطالبة شركات التصنيع بإعادة تلك النفايات لتلك الشركات كونها الأقدر على إعادة تدويرها من اجل سلامة الانسان وبيئته والعمل على تشجيع استيراد منتجات صديقة للبيئة ووضع خطط إستراتيجية لمواجهة التلوث والسبل المثلى لمواجهة جبال النفايات الالكترونية .
أن وجود تقنيات حديثة وصديقة للبيئة سوف يعمل على الحفاظ على البيئة ومواردها و الإنسان وصحته وفي المسار نفسه تستمر الحياة البشرية أكثر انسجاما مع البيئة ومحيطها وبالتالي فإننا نحتاج إلي وجود أرضية سياسية واقتصادية واجتماعية أكثر رشدا تسمح بتطبيق هذه التقنيات الحديثة في المجتمع وجعلها في متناول اليد بعيدا عن مختلف التصنيفات
* كاتب علمي من اليمن
عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه