مدونة ثقافية تعنى بالإبداع والابتكار والتنمية البشرية

اخر الأخبار

Post Top Ad

الخميس، 2 يوليو 2009

الحرب على البيئة ( أمثلة من العراق ولبنان وفلسطين )

تزداد الخسائر الفادحة التي تتعرض لها البيئة في حالات الحروب بمدى الخطورة والشراسة التي تتصف بها الأسلحة المستخدمة من قبل  الجيوش المتحاربة
المهندس عماد سعد * 
يستطيع من يتمعن في قراءة تاريخ الحروب والصراعات منذ القدم وحتى عصرنا الحالي، أن يخلص إلى حقيقة هامة، وهي أنه في معظم الحروب والنزاعات كانت البيئة الضحية الأولى التي لا يلتفت إليها أي طرف من أطراف الصراع، فبعد سكوت المدافع وتوقف آلة الحرب وعودة العسكر إلى ثكناتهم وإعلان المنتصر أو المنكسر وإسدال الستار على فصل من مسلسل الصراعات الإنسانية التي ليس لها نهاية، يبدأ الإنسان في النظر من حوله ليرى ما سببته الصراعات وأوهام النصر وأحلام القوة من دمار بيئي.
منذ بدء الخليقة والإنسان يعيش في صراع مع أخيه الإنسان، ويجتهد في ابتكار أقوى وأشرس الأسلحة ليستخدمها في الحروب والصراعات التي يشنها. ويسقط في تلك الصراعات العديد من الضحايا، إلا أنه من أهم الضحايا المجهولين والذي لا يصدر عنه صوتاً ولا اعتراضاً  في حال تعرضه لهجوم أو لاعتداء هي البيئة.
فعلى الرغم من براءتها وكونها تمثل فقط ما يمكن أن نسميه أرض المعركة إلا أنها تعد من أبرز ضحايا الحروب. وتزداد الخسائر الفادحة التي تتعرض لها البيئة في حالات الحروب بمدى الخطورة والشراسة التي تتصف بها الأسلحة المستخدمة من قبل  الجيوش المتحاربة.
ففي الحربين العالميتين الأولى والثانية أشعلت آبار نفط وأحرقت غابات ودمرت مساحات شاسعة من الأراضي بما عليها من أخضر ويابس لمنع تقدم القوات وإحراز نصر على حساب بيئة مغلوبة على أمرها.
وفي الحرب الكورية دمرت الولايات المتحدة الأمريكية سدود مياه ضخمة في كوريا الشمالية، كما دمرت الصين أحد سدود المياه العملاقة لمنع القوات اليابانية من التقدم، وضاعت المياه حاملة معها كل ما يعترض طريقها من زرع وضرع وتربة.
أما في حرب فيتنام فقد حدث ما يفوق الخيال حيث استغلت القوات الأمريكية تفوقها التكنولوجي في إسقاط أمطار صناعية لإحداث سيول جارفة لقتل وتشريد آلاف الفيتناميين وإهدار آلاف الأطنان من التربة الخصبة، وضاعت إلى الأبد، كما ضاع معها أبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ.
وبعد انتهاء حرب فيتنام ولد حوالي نصف مليون طفل مشوه بسبب غاز الديوكسين المتصاعد أثناء العمليات الحربية استنشقته الأمهات الحوامل آنذاك. وفي صراعات السلفادور استخدمت قنابل الفوسفور الأبيض واستغل النابلم في حرق الغابات. أما في نزاعات كولومبيا، فكانت هناك أمثلة صارخة على الانتهاكات البيئية حيث دمرت أنابيب النفط وتم سكب ملايين البراميل من النفط الخام في الأنهار وتلوثت مياه الشرب ومياه الري ونفقت الأسماك والأحياء الأخرى واحترقت مساحات كبيرة من الغابات وتلوث الهواء الجوي. وقدرت قيمة النفط المنسكب في أنهار كولومبيا بحوالي 26 مليون دولار أميركي، وحيث إن الأضرار البيئية لا تعترف بالحدود الدولية فقد تسلل التلوث النفطي إلى أنهار فنزويلا حيث تواجه الحكومة هناك صعوبات في آلية التعامل مع التلوث النفطي.
وعلى مر العصور تنوعت الأسلحة المستخدمة ما بين الأسلحة التقليدية والمتمثلة في الآليات العسكرية كالدبابات والطائرات الحربية والصواريخ إلى استخدام ما يسمى بأسلحة الدمار الشامل والمتمثلة فى استخدام الغازات الكيماوية والبيولوجية والتي تعد من أخطر أنواع الأسلحة المستخدمة في وقتنا الحالي فالتأثير الذي تخلفه الأسلحة التقليدية غالباً ما يقضي إلى تدمير بقعة محدودة من الأرض إلى جانب أن تأثيرها الزمني محدود على خلاف أسلحة الدمار الشامل التي لا تعرف لها زمناً محدداً فتظل عالقة بالجو فترات وأيام طويلة وتتحكم بها عوامل مختلفة وتتجاوز أضرارها الأجيال الحاضرة وحدود الأراضي الوطنية. 
تأثيرات الحروب على البيئة:
في هذا المجال يقول الدكتور مصطفى كمال طلبة المدير التنفيذي السابق لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، عادة يلجأ الى العنف منذ فجر ما قبل التاريخ كحل للمنازعات. ولم تفعل قرون التنوير والعلم الأخيرة أكثر من تمكيننا من قتل أناس أكثر، وبسرعة أكبر وطرق أكفأ، مما كان يفعله أسلافنا في العصور الوسطى. إن الحرب والاستعداد لها يلحقان الضرر بالتنمية، إذ أنهما لا يبددان الموارد النزرة ويضعفان الثقة الدولية التي تعتبر ضرورة لتعزيز التنمية وصون الموارد وحماية البيئة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
هنا بعض الآثار التي تتركها الحروب في البيئة:
1- لجميع الحروب تقريباً استراتيجية أساسية واحدة هي: تدمير النظم المؤازرة للحياة بحيث تذعن الجيوش والشعوب. وهي تستخدم القصف الشامل للمدن والبنى التحتية والحرق والتدمير الكيميائي والآلي للغابات والمحاصيل، والتدابير التي تجعل الحياة مستحيلة في مساحات كبيرة.
2- يؤدي استخدام الأسلحة الكيميائية كمبيدات الأعشاب إلى تعرية واسعة المدى للتربة، وإفناء الحياة البرية الأرضية وخسائر في أسماك المياه العذبة وتدهور في الثروة السمكية البحرية الساحلية ويتفاوت التأثير على البشر من حالات التسمم العصبي إلى الإصابة بالالتهاب الكبدي وسرطان الكبد والإجهاض التلقائي والتشوهات الخلقية.
3- أسفرت الحرب التي دارت على أراضي الكويت عام 1991 عن انسكاب نفطي كبير وحرائق شاسعة في آبار النفط وانبعاثات غازية انتشرت فوق مساحة كبيرة من الخليج، وألحق هذا الانسكاب الضرر بالمناطق الساحلية في بعض البلدان وأثر في الحياة البرية والأحياء المائية.
4- تبقى بعد توقف المعارك ملايين الألغام البحرية والأرضية والشراك الخداعية وأنواع الذخائر والقنابل التي لم تنفجر ولا يتوافر عموماً سوى مقدار ضئيل جداً من المعلومات عن عدد هذه المخلفات ومواقعها مما يجعل تطهيرها مهمة صعبة وخطيرة، ويعرض الناس والثروة الحيوانية والحياة البرية للخطر، ويعوق تنمية مساحات شاسعة من الأرض.
5- تخلف الحروب والمنازعات ملايين اللاجئين في العالم يعانون خسائر إقتصادية وتمزقاً في نسيجهم الاجتماعي، وحياتهم ويعيش كثير منهم في مخيمات المناطق الحدودية حيث تقسوا الظروف المعيشية وتنتشر الاضطرابات الاجتماعية في بعض الحالات تصبح عودتهم الى أماكنهم الأصلية مستحيلة، فيواصلون العيش في بؤس لعدة أجيال..
6- أضاف إدخال الأسلحة النووية الى الحروب أبعاداً جديدة وهي تمثل زيادة هائلة في القوة التدميرية فبعدما كانت تحسب بالكيلوطن أصبحت تحسب بالميغاطن وعلى رغم الإدانة الواسعة للأسلحة النووية فإن إنتاجها واختبارها مستمران، وتتنبأ بعض الدراسات بآثار نشوب حرب نووية واسعة النطاق ومنها ستغطي السماوات المسودة مساحات كبيرة من الأرض لأسابيع وشهور عديدة وستنخفض درجات الحرارة الى ما دون درجة التجمد وستؤثر هذه التغيرات المناخية على الزراعة والنظم الأيكولوجية، مع حدوث آثار عميقة على إنتاج الأغذية وتوزيعها.
أنواع الأسلحة وتأثيرها على البيئة:
السلاح أداة لإلحاق الضرر بهدف معين، وتصنف الأسلحة وفقاً للمادة المستعملة لإحداث الضرر. هنا بعض خصائص أنواع من الأسلحة:
1-الأسلحة الثاقبة: هي أسلحة بدائية كانت تستعمل في المعارك وجهاً لوجه ومنها القوس والسهم والرمح والحربة والسيف والسكين والفأس، وقد تطورت هذه الأسلحة إلى نوع مألوف هو سلاح ناري يدفع قذيفة صغيرة حادة الرأس بسرعة كبيرة وهذه الأسلحة لا تترك أثراً ملموساً في البيئة ما لم تستعمل على نطاق واسع جداً.
2- الأسلحة المتفجرة: يتم تصميمها لإحداث ضرر مادي بواسطة نبضات قوية من الطاقة المنبعثة من مركّبات كيميائية تخضع لتفاعلات احتراقية، وقد تنتقل الطاقة الى الهدف في شكل موجة صدمية أو شظايا سريعة من مادة تغلف المركب المتفجر.
3- الأسلحة الحارقة: صممت أصلاً لإشعال حرائق في أجسام مستهدفة أو لإحداث إصابات حارقة في كائنات حية، بفعل الحرارة أو اللهب اللذين يصدرهما تفاعل كيميائي لمادة تقذف الى هدف. ومن هذه الأسلحة الحارقة المخيفة سلاح النابالم.
4- الأسلحة الكيميائية: تعتمد على مواد كيميائية غازية أو سائلة أو جامدة ذات تأثيرات سامة ومباشرة على الإنسان والحيوان والنبات. وتستعمل سميتها أحياناً لإحداث تأثيرات آنية، لشل حركة جند العدو وإنهاكهم موقتاً أو إسقاط أوراق الأشجار قبل الأوان، وتستعمل أحياناً أخرى كآلية قاتلة.
5- الأسلحة البيولوجية: تعتمد على وسائط جرثومية، كالبكتريا والفيروسات، أو على سموم أو مواد ممرضة تنتجها كائنات حية، ومن أغرب ضروب هذه الأسلحة قنبلة جرثومية (عِرقـيّة) تطورها اسرائيل حالياً، يقال أنها تحوي جزيئات جرثومية معدلة وراثياً يمكن أن تصيب العرب دون اليهود.
6- الأسلحة الإشعاعية: تشبه الأسلحة الكيميائية في ما عدا أن المواد المستخدمة فيها يكون مفعولها إشعاعياً، أو سمياً - إشعاعياً، وليس سمياً – كيميائياً.
7- الأسلحة النووية: ينتج مفعولها من تفاعلات متسلسلة لانصهار نووي حراري أو انشطار نووي، وتجمع في تأثيرها بين الأسلحة الحارقة والمتفجرة والمشعة ذات القوة الهائلة.
وتعتبر الأسلحة الثاقبة والمتفجرة والحارقة (أسلحة تقليدية) أما الكيميائية والبيولوجية والاشعاعية والنووية فتعتبر من (أسلحة الدمار الشامل).
  
حرب الخليج الثانية 1991 :
والسؤال الذي يطرح نفسه في الوقت الحالي هو هل يكتفي العدو الآن في جعل البيئة مجرد أرضاً تدور عليها المعركه ؟
لا بل أننا ومن وقت قريب جداً رأينا ومن خلال وسائل الإعلام كيف أن بعض الأنظمة الدكتاتورية في العالم تقوم بتبني سياسة الأرض المحروقة فتجعل من البيئة ومواردها سلاحاً تواجه به خصومها فتحيلها إلى جحيم لا يطاق كما هو الحال عندما عمدت جيوش النظام العراقي السابق عند اندحارها من دولة الكويت عقب حرب الخليج الثانية 1991 إلى احراق أكثر من 732 بئراً نفطياً مما شكل أكبر كارثة بيئية واجهتها الكويت، نتجت عنها أضرار بيئية محلية وإقليمية وعالمية، كما أسقطت قوات التحالف الدولي في الأيام الثلاثة والأربعين من الحرب ما لا يقل عن 88 ألف طن ذخائر ومتفجرات، بما في ذلك قنابل يورانيوم.
ويبدو أن هذا النظام مولع بحرق آبار النفط فها هو يعيد الكره من جديد ويحيل ثروات بلاده من الموارد الطبيعية إلى رماد غير عابيء بأنات مورد ناضب ولا بجيل سيولد غاضب.
ومن المعروف أنه في التسعينيات أيضاً قام النظام ذاته بتجفيف منطقة الأهوار وهي منطقة تبلغ مساحتها نحو 20 ألف كيلومتر مربع، وتقع عند التقاء نهري دجلة والفرات جنوب شرقي العراق؛ وتعد من أغنى مناطق البلاد في الرواسب النفطية؛ وقبل تدميرها كانت تضاريس المنطقة تجعل من المتعذر نسبياً على قوات الأمن بلوغها، مما جعلها ملاذاً للمعارضين السياسيين والفارين من الجيش. لهذا عمد النظام العراقي السابق إلى تجفيفها وهي المنطقة التي كانت ذات يوم تُعـدُّ بمثابة أكبر نظام بيئي للمسطحات المائية في الشرق الأوسط، وصفت الأمم المتحدة تدميرها في التسعينيات بأنه من أكبر الكوارث البيئية في العالم.
ومع كل انطلاقة لصافرات الإنذار في منطقة الخليج الذي تتطاير منه ألسنة اللهب كلما اندلعت شرارة الحروب على أراضيه فإنني أتساءل أي ذنب ارتكبته البيئة لكي نجعلها سلاحاً يشهر فى وجه الخصوم سوى أنها الأرض التى تدور عليها المعركة !!
وماذا سيبقي لنا فى حال سقوط الكثير من الضحايا ابتداء من البشر وانتهاء بالبيئة !! 
                
الحرب على العراق 2003 :
هذه المرة لن نكون بحاجة الى انتظار اجتماعات مجلس الأمن وتقارير المفتشين لكشف أسلحة التدمير البيئي الشامل المستخدمة في الحرب. فقد أعلنت عنها وزارة الدفاع الأميركية، بصراحة وتفصيل كاملين، قبل أسابيع من فتحها أبواب الجحيم في العراق.
"أم القنابل"، أحد أسلحة الدمار الشامل هذه، تم اختبارها لأول مرة على حقل رماية في ولاية فلوريدا الأميركية بداية شهر آذار/مارس 2002 . وزنها عشرة آلاف كيلوغرام، وهي تزيد في قوتها التدميرية بنسبة 40 في المئة عن أقوى قنبلة تقليدية. أما تجربتها الفعلية على البشر والحجر والطبيعة، فتُركت للعراق، حيث صرح رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال ريتشارد مايرز أن "كل الأسلحة في الترسانة أو في أي مرحلة من مراحل التطوير يمكن أن يستخدم". لقد حان الوقت لتجربة أسلحة الدمار الجديدة!
ولم ينتظر مسؤولو البنتاغون نهاية الحرب ليعلنوا عن استخدام قذائف اليورانيوم المستنفد، "لأنها أكثر فعالية في خرق مصفحات العدو". ما لم يقله الكولونيل جيمس نيوتن، الذي بشّر باستخدام اليورانيوم، أن لهذه القذائف آثاراً إشعاعية مدمرة على الناس والكائنات والبيئة. فحين ترتطم بهدفها، تتحول تحت تأثير الحرارة العالية الى جسيمات دقيقة من أكاسيد اليورانيوم، وتنتشر على شكل ضباب يلوث المنطقة المحيطة. وهي تسبب أنواعاً من السرطانات، خاصة اللوكيميا، إضافة إلى تشوّهات جسدية وتدهور في وظائف الكلي.
ونذكّر الذين ما زالوا يشككون بمدى أخطار اليورانيوم المستنفد بحادثة حصلت مع مراسل شبكة "سي.إن.إن" وولتر رودجرز، الذي كان يرافق الجنود الأميركيين خلال الزحف على بغداد. ففي رسالة مباشرة بعد ظهر الخامس من نيسان (أبريل)، قال حرفياً: "لم يُسمح لنا بالذهاب الى مواقع المصفحات العراقية المدمّرة، لأن المكان كان مليئاً بالاشعاعات الخطيرة من قذائف اليورانيوم المستنفد التي ضربتها". فهل تريدوننا أن نصدّق أنّ خطر اليورانيوم المستنفد محصور بالعجم ولا يصيب العرب؟  
رُبَّ ضَارّةٍ نَافِعَة:
 ولكن، وعلى النقيض من ذلك قد تستفيد البيئة أحياناً من هذه الصراعات والحروب ومن الأمثلة على ذلك، ففي الحرب المدنية في نيكاراغوا في الثمانينات توقفت عمليات تقطيع الأخشاب من الغابات وتم تحويل مساحات من أراضي الغابات إلى مناطق زراعية كما توقف الصيد الجائر للأسماك بسبب الخوف من الألغام الشاطئية، مما أتاح الفرصة للنظم البيئية أن تستعيد إمكاناتها كما كان لانتشار الألغام في مساحات من أراضي أميركا الوسطى آثار إيجابية على الموارد الزراعية حيث توقفت الزراعة المكثفة التي ترهق الأرض وتؤدي إلى استنزاف خصوبتها.
إن المناطق منزوعة السلاح بين الدول المتحاربة هي أكثر المناطق ازدهاراً بالنباتات والحيوانات البرية وأغناها في التنوع البيولوجي، فالشريط منزوع السلاح بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية الذي يبلغ عرضه حوالي 4 كم يمتاز بغطاء نباتي كثيف وتربة مستقرة وبيئة غنية حيث لا يوجد به أي نوع من أنواع الأنشطة البشرية المدمرة للبيئة مثل الرعي الجائر أو صيد الحيوانات أو الحركة العشوائية للسيارات وينطبق ذلك على المنطقة منزوعة السلاح بين الكويت والعراق، حيث تعتبر هذه المنطقة في الوقت الحالي محمية طبيعية بكل المقاييس، مما ينعكس إيجاباً على النوعية البيئية في دولة الكويت. 
السلام والأمن والبيـئة :
كان العنف أحد الحلول للنزاعات منذ عصور ما قبل التاريخ حيث مده الزمن والثقافات بأدوات متطورة، ولكن ظل مع ذلك دون تغيير. ولم تمكننا قرون التقدم العلمي إلا بقتل مزيد من البشر، بسرعة أكبر ووسائل أكفأ، عما كان يفعله أسلافنا في العصور الوسطى أو الانسان الأول أو غيره من الثديات ولم يتم إدارك أن الحرب والاستعداد لها يلحقان الضرر بالتنمية إلا مؤخراً: فيبددان الموارد النادرة ويقوضان الثقة والسلام الدوليين اللذان يعتبران ضرورة لتعزيز التنمية المستدامة وصون مواردنا النادرة وحماية البيئة والسلام على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
الوضع البيئي في فلسطين:
لم يقتصر التعدي والعدوان الإسرائيلي على الإنسان الفلسطيني فقط بل طال كل أشكال الحياة على الأرض الفلسطينية في محاولة قديمة متواصلة لقلع الإنسان والحياة من الوجود، عبر استخدام كافة الوسائل القذرة المتاحة للحكومة الإسرائيلية. إلا أن ذلك لم ولن يثني إرادة الشعب الفلسطيني الذي أراد الحياة وصمم على مواجهة الاحتلال والتحديات حتى آخر رمق.
تشير التقارير الى أن الوضع البيئي الحالي المتردي قد نتج عن تدمير متعمد من قبلقوات الاحتلال الاسرائيلي والذي شمل تدمير البنية التحتية لقطاع البيئة بما في ذلك طمر النفايات الخطرة والسامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإغلاق الطرق المؤدية الى مكبات النفايات وتدمير شبكات وأحواض الصرف الصحي وشبكات وأبار المياه هذا إضافة الى الاستنزاف المستمر للمصادر الطبيعية ومنع الفلسطينيين من استغلال حقوقهم من هذه المصادر، وكذلك مصادرة الأراضي الفلسطينية لإقامة المستعمرات عليها والطرق الالتفافية ونقل المصانع الملوثة والغير مقبولة بيئياً الى داخل المستعمرات مما ترك آثاراً سلبية على الصحة العامة والتنوع الحيوي في فلسطين. فالمناطق الفلسطينية تواجه تحديات وصعوبات حقيقية وكبيرة في سبيل تحقيق برامجها في مجال حماية البيئة والتنمية المستدامة.
فالتنمية المستدامة لا يمكن تحقيقها في ظل الاحتلال ولا أثناء الحروب. إن السلام والاستقرار والسيطرة على المصادر الطبيعية والحدود تعتبر متطلبات أساسية للسير باتجاه تحقيق التنمية المستدامة.  
اقتـلاع الأرض والشجـر:
لم يعد المزارع الفلسطيني بمقدوره أن يزرع أي شجرة في أرض فلسطين التاريخية بدون إذن قوات الاحتلال الاسرائيلي وهي بالطبع لا تعطي هذا الاذن لأحد، لأن برنامجها يعتمد على تعطيل كل أشكال الحياة على الأرض الفلسطينية فلم تكتفي بقطع الشجر بل اقتلعته من جذوره لكي لا ينبت أبداً، إلا أن قوة الارادة والصمود هي التي تُـنبت في هذا الشعب الأمل في أن يحيا مثل بقية شعوب الأرض.
في قصة حقيقية يرويها لنا معالي وزير البيئة الفلسطيني الدكتور يوسف أبوصفية عن المواطن محمد أبوسمرة مزارع من قرية دير البلح في قطاع غزة لديه 240 شجرة زيتون ورثها من أجداده ليطعم منها أسرته، علم بأن قوات الاحتلال الاسرائيلي سوف تأتي غداً كعادتها لتقتلع هذه الأشجار من أرضه كما تفعل مع بقية مزارعي المنطقة، فابتكر فكرة مؤلمة جداً وجريئة علها يكون لها نتيجة بأن جلب المنشار اليدوي وقص بيديه أشجار الزيتون وهي في عز عطاءها وترك ربعها فوق الأرض ( لأنه يعرف بأن الباقي من الشجرة سوف يعاود النمو من جديد ولو بعد 3-4 سنوات قادمة ).
وفي اليوم التالي لم يرق للقوات الاسرائيلية هذا المنظر وكان من الجرافات أن اقتلعت من الجذور ما تبقى من جذوع الأشجار في الأرض، هكذا يعيش الإنسان الفلسطيني على أرضه وهذا جزء يسير من معاناته البيئية والحياتية اليومية.
فإسرائيل تعمل على مسح الأشجار والأراضي الزراعية حيث لا يمكننا زراعة أية أشجار إلا بإذن من قوات الاحتلال الصهيوني وهي لم تعط أي تصريح بهذا الخصوص لأي كان منذ عام 1948 حتى الآن.
ويعلق معاليه على ذلك بالقول إن هدف الممارسات الشنيعة للقيادة الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية هو محاولتها التقليل من ارتباط الإنسان الفلسطيني بالأرض والأخطر الآن هو محاولتها جعل حياة الفلسطيني مستحيلة في فلسطين التاريخية مما يؤدي بالمواطن الى الرحيل وهو الهدف الأخير عبر مجموعة من الإجراءات بتجريف الأرض الزراعية وقلع الشجر وتعطيش الناس تحت ذرائع أمنية واهية ففي العام الواحد تقوم اسرائيل بقلع حوالي نصف مليون شجرة مثمرة ( زيتون وحمضيات وخلاف ذلك ). 
ملـف المــياه:
تقوم اسرائيل ببناء الجدار الفاصل بين مناطق السلطة الفلسطينية والأراضي المحتلة عام 1948 بالإضافة الى الآثار الأخرى الاجتماعية والاقتصادية، نسأل أنفسنا ما هي الآثار البيئية لهذا الجدار؟
أولاً يجب أن نسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية، فالجدار الذي نتحدث عنه هو جدار عازل بكل معنى الكلمة. والآثار البيئية لهذا الجدار لا تقل كثيراً عن الآثار الاجتماعية والاقتصادية المدمرة على الشعب الفلسطيني فهو يعزل تماماً منطقة الضفة الغربية عن باقي فلسطين التاريخية. وبالنظر إلى الخريطة نرى أن هذا الجدار يعزل في طريقه بعض أكبر خزانات المياه الجوفية في شمال الضفة الأمر الذي سيحرم قطاعات عريضة من السكان الفلسطينيين من الحصول على الكميات الكافية والمناسبة من المياه الشحيحة أصلاً. ولا يجب أن ننسى التأثيرات المدمرة لهذا الجدار العازل على التنوع الحيوي وعلى الزراعة، وعلى غيرها من العناصر البيئية.
ومن جهة أخرى يهدف الجدار الى عزل المستعمرات الإسرائيلية غير الشرعية المقامة على أرض الضفة الغربية في محاول لفرض الأمر الواقع، ومن هنا يتضح أن السيطرة على خزانات المياه الجوفية الفلسطينية هو أحد الأهداف الرئيسية لإقامة الجدار العازل.
وإذا رجعنا الى الوراء قليلاً نرى أن عدد آبار مياه الشرب الفلسطينية الموجودة منذ عام 1948 لم يزداد مطلقاً على مدى نصف قرن مضى، وحتى أن قوات الاحتلال لا تسمح بإصلاح أية ماكينة بئر إذا تعطلت فمنذ اتفاقية أوسلو بالعام 1993 حتى الآن سمحت لنا قوات الاحتلال بحفر 20 بئر جديدة لأغراض الشرب فقط. ما هذا العز الذي ينعم به  الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال الإسرائيلي؟  
بلغـة الأرقــام:
وبلغة الأرقام نجد بأن إسرائيل تستهلك 90 % من المياه المتجددة الجوفية الصالحة للشرب الموجودة أصلاً في أراضي فلسطين التاريخية. وتترك لنا حوالي 10 % فقط. مما أدى الى انخفاض معدل استهلاك الفرد الفلسطيني الى 25 – 30 متر مكعب سنوياً بالمقارنة فإن معدل استهلاك الفرد الإسرائيلي من المياه يتراوح من 90 – 100 متر مكعب بالسنة.
سنوياً هناك حوالي 2،1 مليار متر مكعب من المياه الجوفية المتجددة نستهلك منها نحن حوالي 250 مليون متر مكعب فقط بالسنة والباقي لإسرائيل، موزعة على الشكل التالي 120 مليون متر مكعب في قطاع غزة و 130 مليون متر مكعب في الضفة الغربية ( علماً بأن عدد سكان الضفة هو ضعف عدد سكان القطاع ) وهذا أحد أشكال الضغط على الشعب الفلسطيني.
وأشار معالي الوزير بدقة متناهية الى أنه حتى الـ 10 % المتاحة لنا من المياه لا يوجد فيها أكثر من 10 % صالح للاستهلاك الآدمي فقط، فأي مياه نشربها وأية أمراض نجنيها.
طبعاً كمية المياه المتاحة للشرب يستهلكها المواطن الفلسطيني لأغراض متعددة منها الشرب والزراعة ولقضاء كافة حاجياته الحياتية الأخرى، وحتى المتاح من هذه المياه تتعمد اسرائيل على تلويثه من خلال رمي النفايات الصلبة والسائلة من المستعمرات ( المستوطنات ) عبر الوديان والآبار مما يؤدي الى تلوث الخزان الجوفي لمياه الشرب.
فيقوموا بدفن ألاف الأطنان من النفايات الخطرة داخل الأراضي الفلسطينية وهذا ما نعمل على توثيقه بالأرقام والصور أمانة للأجيال القادمة.
حتى أن مياه الشرب الفلسطينية الـ 10 % المسموح لنا استهلاكها للشرب نقوم بشرائها من قبل شركة ميكروت الاسرائيلية وحتى عملية حفر الآبار الجديدة تكون عبر شركة تاحال الاسرائيلية حيث تلزم الفلسطينيين باستخدام هذه الشركة لحفر الآبار، وفي كثير من الأحيان تعمل الشركة على تضليل مكان الحفر ذلك في خطوة منها لاستنزاف المال المخصص لهذا الموضوع من قبل إعانات الدول المانحة. لأن المياه الفلسطينية تتواجد على عمق 500 متر تحت سطح الأرض وحفر مثل هذه الآبار يكلف حوالي 50 مليون دولار ...  
فالحصار الاسرائيلي لمناطق السلطة الوطنية الفلسطينية شلت حركتنا بالكامل فإذا تعطلت شبكة المياه مثلاً لا تستطيع جهات الاختصاص إصلاحها إلا بموافقة الجيش الاسرائيلي مثال ذلك منذ مدة فإن مدينة رفح كادت أن تغرق بمياه المجاري الآثنة نتيجة تفجير القوات الاسرائيلية لخزانات تجميع مياه الصرف الصحي بالمدينة وبعد عدة محاولات لمدة أسبوع كامل وجهت الوزارات المختصة رسائل لكافة المنظمات الدولية المعنية والأمم المتحدة حتى سمحت لهم قوات الاحتلال باصلاح العطل ورفع الضرر عن الأهالي.
فالإمكانيات الفنية موجودة لكنهم يعانون من عدم القدرة على التحرك لتلبية أية مشكلة طارئة أو كارثة بيئية. 
وللوقوف أكثر على مشاكل تلوث المياه والأمراض الناجمة عن ذلك يقول معالي وزير البيئة الفلسطيني دكتور يوسف أبوصفية تصوروا أن مياه الشرب لدينا فيها نترات عالية بنسبة 10 أضعاف النسبة المسموح بها دولياً وفق معايير منظمة الصحة العالمية، أما الكلورايد فهو 4 أضعاف المسموح به مما يؤدي الى سرطانات عديدة وحالات الفشل الكلوي كثرت هذه الأيام والنترات لوحدها تعمل على تكسير الدم عند الأطفال بشكل خاص، ففي إحصائية قمنا بها  فقد بلغت نسبة مرض تكسير الدم لدى الأطفال الرضع 30 % مما سينتج عنه مشاكل إعاقة ذهنية وتعليمية كثيرة في المستقبل. 
ومن أبسط المشاكل التي نعاني منها الآن في فصل الصيف هي موجات البعوض، ألا يكفي موجات الاحتلال الصهيوني للأرض الفلسطينية فإن البعوض أخذ يستعدي علينا عبر موجات كبيرة تجتاح التجمعات السكانية وذلك ناتج عن تجمع المياه الراكدة ومياه الصرف الصحي المتجهة للبحر مما تؤدي بدورها الى تلوث مياه البحر وهجرة الأسماك منه، وللعلم فإن مياه البحر في قطاع غزة مثلاً يصب فيها سنوياً حوالي 30 مليون متر مكعب من مياه المجاري غير المعالجة، وهذا بدوره يؤدي الى تلوث البيئة البحرية وهجرة الأسماك وانخفاض في كمية الناتج السنوي من صيد السمك حيث أشارت الإحصائيات إلى انخفاض الكمية من 4000 طن بالسنة الى 400 طن، ناهيك عن تحديد القوات الإسرائيلية للمسافة البحرية المسموح التحرك بها لصيادي السمك مما يؤدي بدوره الى الصيد الجائر والقضاء على الثروة السمكية في مياه البحر الفلسطيني.
وأعطى معالي الوزير مثالاً آخر على حجم المعاناة من الناحية البيئية والصحية في عدم وجود مكبات نظامية لرمي النفايات الفلسطينية فتلجأ الناس بطبيعتها الى حرقها بطريقة بدائية مما يؤدي الى انبعاث غازات سامة عديدة مثل غاز الدايوكسين المسبب للسرطان. 
الحرب على البيئة في لبنان :
تأثرت البيئة اللبنانية، خصوصاً منذ عام 1975 تأثراً مباشراً بالعمليات العسكرية والصراعات الداخلية والاجتياحات الإسرائيلية المتتالية. ونتج الضرر البيئي عن التدمير المباشر بالنيران والانفجارات وشق الطرق العسكرية، وعن تدمير غير مباشر نتيجة الفوضى التي عانتها البلاد. وكان لإستمرار الحرب اللبنانية وتمزق البلد الى مقاطعات شبه مستقلة آنذاك أثر سلبي وعميف على البيئة، كما أدى عجز الحكومة عن السيطرة على المواطنين الى تفشي الأعمال الغير مشروعة مثل استيراد النفايات السامة ونهب المواقع الأثرية وإنشاء أبنية من دون رخص أو هندسة ملائمة وتغيير وجهة استخدام الأراضي، وأسفر نزوح السكان من مناطق النزاع عن إخلاء بعض الأراضي وإهمالها من جهة وازدحام مناطق الاستقبال من جهة أخرى. وكانت النتيجة في كلتا الحالتين تدمير البيئة الطبيعية.
ومن الآثار التي خلفتها سنوات الحرب غياب الاحصاءات والمعلومات الدقيقة عموماً، وبالتالي غياب المعلومات الضرورية لاتخاذ القرارات حول أولويات البيئة وطرق إدارتها. واقتصرت مصادر المعلومات على احصاءات مجزأة ومعلومات قديمة ومقتطفات من أبحاث جامعية أو مؤسساتية ونتائج آخر عمليات المسح. وقد استأنفت بعض الجهات الحكومية عملية جمع المعلومات، إلا أن تأطير السياسة البيئية يجب أن يرتكز على معلومات أكيدة ومتجددة باستمرار.
المياه والشواطيء والنفايات:
كانت الحرب سبباً مهماً في تدمير البيئة الطبيعية اللبنانية. فالغابات احترقت بالنيران والقذائف، والزراعة أهملت لهجر الأراضي والتحاق الشباب بالمليشيات، وشبكات المياه دمرت بإصابات مباشرة. في بيروت مثلاً دمرت الحرب 60 % من موارد المياه وأدى تلف الشبكة الى إهدار مياه الشرب وإختلاطها بمياه المجاري أحياناً، وتعذر التنقية أحياناً أخرى. وقدرت كلفة إعادة تأهيل البنية التحتية لقطاع المياه في لبنان بنحو 450 مليون دولار أمريكي.
وتدفقت المياه المبتذلة والنفايات الصناعية السائلة الى الأنهار والجداول والأودية والآبار وقنوات المياه الجوفية فلوثتها وهددت صحة الإنسان. كما أدى رمي النفايات المنزلية والصناعية عشوائياً وفي مكبات غير سليمة الى تلوث التبرية والمياه الجوفية.
وتدمرت معامل معالجة المياه المبتذلة بسبب القصف أو البناء غير المكتمل. وفي المناطق الساحلية، تم تحويل معظم المجاري ودفق النفايات الصناعية الى البحر مباشرة، فازدادت حدة التلوث البحري. كما أن رمي النفايات على الشواطيء شوه البيئة الطبيعية ونشر التلوث وهدد صحة الناس وحرمهم من السباحة والاستجمام.
وأنشئت مرافق عدديدة على الشاطيء اللبناني، كالمنتجعات السياحية والمرافيء ومحطات تخزين الوقود. وصبت كلها نفاياتها في البحر مباشرة مما أثر في الثروة السممكية ونوعية مياعه البحر. من جهة أخرى عمد بعض الصيادين الى استخدام الديناميت فأهلكت بيوض الأسماك ودمرت مواطنها وانخفضت الثروة السمكية وتحولت بعض المناطق أماكن جرداء خالية من الحياة البحرية.
وطمر النفايات الصلبة لم يكن مرضياً في يوم من الأيام في لبنان. فقبل إندلاع الحرب عام 1975 اقتصر العمل على معمل واحد للتسميد، ولم تتوافر مكبات صحية قط. لكن جمع النفايات كان يتم يومياً في شاحنات خاصة. أما خلال الحرب فلم يبق في لبنان كله سوى 90 شاحنة للنفايات. فراح الناس يتخلصون من نفاياتهم كل على طريقته الخاصة، حتى باتت المشكلة تهدد المجتمع اللبناني. كانت النفايات ترمى على الطرق وبين المنازل وفي الأنهار وعلى الشواطيء وفي البحر، حتى ارتفعت الشكاوى من قبرص وتركيا اللتين بلغتهما النفايات اللبنانية ولوثت شواطئهما . 
اسرائيل تسرق تراب لبنان:
انتهاك من نوع جديد سجلت اسرائيل براءة اختراعه، فبعد سلسلة من الاستباحات المتعاقبة للأراضي التي احتلتها في جنوب لبنان، أقدمت في أوائل نوفمبر 1998 على سرقة التراب من الشريط الحدودي، وتبين أن جرافات وشاحنات اسرائيلية تولت جرف التربة من الأراضي اللبنانية ونقلها الى المستوطنات اليهودية المحاذية للحدود لاستصلاح أراضٍ هناك وتحويلها الى بساتين لأشجار المثمرة.
وأكد الناطق الرسمي باسم القوة الدولية في الجنوب تيمور غوكسيل قيام اسرائيل بنقل التراب الخصب من أرض لبنان الى داخل حدودها. وقال أن التراب يجرف من منطقة تقدر مساحتها بنحو 5،4 هكتارات وحتى عمق يراوح بين مترين وثلاثة أمتار. وقد أعدت القوة الدولية تقريراً بهذا الشأن وأرسلته الى الأمم المتحدة في نيويورك.
واعترفت السلطات الاسرائيلية بسرقة التراب، وزعمت أنها أمرت بوقفها. وأتت عمليات الجرف على ألوف الأشجار في الأراضي المنهوبة. ومنعت قوات الاحتلال المواطنين اللبنانيين من الوصول الى حقولهم تحت طائلة اطلاق النار.
لقد تأثرت بيئة لبنان وخصوصاً في الجنوب، بالعمليات العسكرية والاجتياحات الاسرائيلية المتكررة، فألحقت النيران والانفجارات وشق الطرق العسكرية اضراراً مباشرة بالأراضي التي فقدت غطائها النباتي وتربتها الفوقية الغنية، وأسفر نزوح السكان من الجنوب الى إهمال الاراضي المنتجة وازدحام مناطق الاستقبال في بيروت وضواحيها،مما أدى في الحالتين الى تدمير البيئة الطبيعية واحرقت نيران القذائف الغابات، ودمرت شبكات المياه ومحطات توليد اللكهرباء وبعض معامل معالجة المياه المبتذلة بإصابات مباشرة.  

العدوان الإسرائيلي على لبنان 2006 "لبنان يواجه أزمة بيئية نتيجة تسرب النفط" :

من جهته أعرب برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEPفي الأول من أغسطس 2006 عن قلقه الشديد بشأن التلوث النفطي الذي تعانيه السواحل اللبنانية جراء القصف الإسرائيلي لخزانات الوقود (فيول) في محطة توليد كهرباء الجية. وانتشرت البقعة النفطية على الساحل اللبناني وقد بلغ طولها 80 كم. ووصفت المجموعات المهتمة بالبيئة الوضع بأنه "كارثة بيئية". وتعادل كمية النفط المتسرب من خزانات محطة الكهرباء ما تسرب من ناقلة النفط العملاقة اكسون فالديز على سواحل ولاية آلالسكا الامريكية عام 1989 تسببت بأضرار كبيرة بالبيئة.
وتقوم الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات المعنية بالبيئة بمساعدة الحكومة اللبنانية في محاولتها تطويق وإزالة آلاف الأطنان من المياه الساحلية اللبنانية. وقال المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة اكيم شتاينر " أن الحكومة اللبنانية قد طلبت المساعدة من الأمم المتحدة ونحن على استعداد لتقديم كل المساعدة الممكنة".
كما قامت عدد من الدول المتوسطية بتقديم المعدات والخبراء للبنان. لكن وزارة البيئة اللبنانية قالت إن ما هو متوفر فعلاً يمثل الحد الأدنى من معدات تجميع النفط المتسرب وأجهزة تطويق وكسح وشفط البقعة النفطية وخزانات عائمة.
وقد بدأ التسرب النفطي عندما شنت إسرائيل غارة جوية على محطة توليد كهرباء الجية الواقعة على بعد 30 كم جنوب العاصمة اللبنانية بيروت يومي 13 و14 من شهر أغسطس تموز 2006. وتشير التقارير الأولية إلى أن أكثر من 10 آلاف طن من النفط الثقيل قد تسربت من الخزانات المتضررة حتى الآن لكن الكمية النهائية يمكن أن تصل إلى أكثر من 35 ألف طن من النفط الثقيل حيث لا يزال التسرب مستمراً. ومن الجدير بالذكر أن إجمالي ما تسرب من النفط من الناقلة اكسون فالديز بلغ 40 ألف طن من النفط.

صيد السمك والسياحة:

وأشار المسئول في وزارة البيئة اللبنانية بيرج هاتجيان إلى ما يحدث على ارض الواقع يشبه "ناقلة نفط تغرق ويتسرب منها مابين 20 إلى 30 ألف طن من الفيول إلى الشاطئ".
وأضاف "أن الخزانات واقعة على الشاطئ مباشرة، والفيول المتسرب منها يتدفق إلى البحر مباشرة". وقال مركز الطوارئ الخاص بالتلوث البحري في البحر الأبيض المتوسط ومقره مالطا والذي يقدم الاستشارة للحكومة اللبنانية " أن بعض الكميات من كرات الزفت الموجودة في الفيول قد وصلت إلى الشواطئ السورية الواقعة شمال الشواطئ اللبنانية".
وأشار بأن أحد اتحادات المنظمات البيئية أن التسرب النفطي من محطة كهرباء الجية "يمثل أسوء كارثة بيئية مرت على لبنان عبر التاريخ" وقالت منظمة الخط الأخضر المعنية بالبيئة أن بعض النفط قد استقر في قاع البحر مما يهدد المناطق التي تتكاثر فيها اسماك التونة.
وذكرت أيضاً أن النفط اللزج المتجمع على الشاطئ سيمنع فراخ السلاحف الخضراء من الوصول إلى مياه البحر عندما تفقس البيوض. وتعتبر السلاحف الخضراء والتي تفقس بيوضها في شهر تموز من الأنواع المهددة بالانقراض. وأشار برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن هذا التسرب النفطي يشكل خطراً على بعض أصناف الحياة البرية في حوض البحر الأبيض المتوسط وكما سيهدد مصدر معيشة العديد من السكان بعد انتهاء الأزمة الحالية.
وقال شتاينر" رغم أن معاناة المدنيين تحتل الأولوية لدينا لكن علينا الاهتمام بآثار التلوث البحري الناتج عن التسرب النفطي على المدى القريب والمتوسط". وأضاف" أننا مهتمون بالحفاظ على التنوع الحيوي الذي يعيش عليه العديد من السكان كما أن العديد يعتمد في معيشته على صيد السمك والسياحة". 
حماية البيئة أهم من الحرب على الإرهاب:
أكد معهد وورلدواتش بواشنطن في تقريره السنوي لعام 2002 حول وضع كوكب الأرض، الذي يقدم حصيلة للعقد الذي انقضى بين قمة الأرض للبيئة والتنية في الريو دي جانيرو 1992 وقمة الأرض للتنمية المستدامة في جوهانسبرغ 2002 على ضرورة تخصيص مبالغ لمكافحة تدهور البيئة توازي الأموال المخصصة للحرب على الإرهاب. ونددت الجمعية البيئية الأمريكية بتدهور بيئة كوكب الأرض في الأعوام العشرة المنقضية وأشارت الى أن (الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة ارتفعت بأكثر من 9 % بينما تعرض 27 % من الشعب المرجانية للتلف الفادح مقارنة بنسبة 10 % في فترة انعقاد قمة الريو). 
اليوم العالمي لمنع استخدام البيئة في الحروب:
بموجب القرار رقم 56/4 بتاريخ 5 نوفمبر 2001 أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم السادس من نوفمبر من كل عام يوماً دولياً لمنع استخدام البيئة في الحروب والصراعات العسكرية، وهي بهذا تضع في اعتبارها أن الضرر الذي يصيب البيئة في أوقات الصراعات العسكرية يتلف النظم الأيكولوجية والموارد الطبيعية لفترة طويلة بعد فترة الصراع وغالباً ما يتجاوز الضرر حدود الأراضي الوطنية والجيل الحالي.
كما تشير أيضاً الى إعلان الأمم المتحدة بشأن الألفية، الذي يشدد على ضرورة العمل من أجل حماية بيئتنا المشتركة.  
المـراجــع :
1-   حوار خاص مع معالي وزير البيئة الفلسطيني- أبوظبي 2003.
2-   من تغير المناخ الى الزلزال الكبير / المهندس نجيب صعب، المنشورات التقنية بيروت 1998  .
3-   تقارير برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNDP.
4-   تقرير خاص للدكتور مصطفى كمال طلبة / المدير السابق لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة UNDP.
5-   موقـع "البـيئة" معاً نحو بيئة متوازنة، خبر منشور بتاريخ 1 أغسطس 2006 نقلاً عن (BBC) الإخبارية.

  إعـلامي وباحث بيـئي من الإمارات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه

Post Top Ad

الصفحات