يتناول المقال التالي للكاتبة "يوديت هارتل" كيف أن أبحاث الحمض
النووي التي أدت إلى اكتشاف تركيب DNA قد أسهمت
بشكل مباشر في تدعيم نظرية النشوء والارتقاء للعالم داروين، حيث تبين كاتبة المقال
انه قبل قرن ونصف أسس داروين لنظرية النشوء والارتقاء عبر كتابه أصل الأنواع، هذه
النظرية التي ما تزال موضع جدل، حازت على مصداقية علمية مع اكتشاف الحمض النووي.
مع نشر مؤلفه "أصل الأنواع" أسس عالم الطبيعة البريطاني تشارلز
روبرت داروين لنظرية النشوء والارتقاء التي اشتهرت باسم نظرية داروين، وقد وضع
بنظريته هذه الأساس لعلم الأحياء المعاصر كما وضع أيضا الأساس لتقنيات الجينات
وأبحاث خلايا المنشأ والاستنساخ، وقد أثبتت تقنيات الجينات الحديثة أن داروين كان
محقا، ولذلك يعتبره الباحث الكبير جيمس واطسون أحد مكتشفي الحمض النووي أنه
"أعظم شخص على الإطلاق".
الحمض النووي يثبت أغلب نظريات داروين
في عام 1953 توصل جيمس واطسون وزميله فرانسيس كريك الى اكتشاف الحمض النووي
والذي أثبت صحة أغلب أفكار داروين، فقد عثرا على تركيبة الحمض النووي/ DNA الذي يبين الصفات الوراثية للكائن الحي. وقد حصل الباحثان بفضل
هذا الاكتشاف على جائزة نوبل للطب عام 1962.
ويرى إدوارد أوسبورن ويلسون، وهو أحد أشهر علماء التطور البيولوجي
المعاصرين أن لعلم الأحياء الحديث علامتين بارزتين، الأولى في عام 1859 عندما نشر
كتاب أصل الأنواع، والثانية في عام 1953 عندما نشرت تركيبة الحمض النووي.
جريجور مندل وأبحاث تكاثر النبات
لكن بين داروين وويلسون وكريك يوجد عالم آخر أثر بشكل حاسم في علم الأحياء
الحديث هو النمساوي جريجور مندل.
عاش مندل في نفس عصر داروين وأرسل إليه أيضا اكتشافاته التي توصل إليها في
تجاربه على تكاثر نبات البازلاء حسب ما يقول إرنست بيتر فيشر مؤرخ العلوم.
وبفضل مندل وواطسون وكريك تمكن العلماء من حل لغز "طيور داروين"،
لأنه من خلال الحمض النووي لا يمكن التعرف على حدوث التطور فحسب، وإنما أيضا على
كيفية تشكيله وتغييره لمظهره. عندما يجري تنشيط جينة وراثية ينتج عن ذلك بروتين
معين في الخلية. على سبيل المثال إذا تم تنشيط الجينة الخاصة ببروتين بي إم بي 4
يصبح منقار الطائر قصيرا وعريضا ، وعلى العكس،
إذا تم تنشيط جينة كالمادولين يصبح المنقار طويلا ورفيعا.
علاوة على هذا فإن الباحثين يعلمون اليوم أن الارتقاء لا ينشأ من خلال تغير
الجينات، وإنما من خلال ظهروها واختفائها، وهذا التصور عن التغير الجيني يبين أيضا
أنه لا توجد جينات بشرية خاصة. فنحن لدينا قرابة 21 ألف جينة، بنفس العدد الموجود لدى الفأر، لهذا ليس هناك
حاجة إلى جينات جديدة لتنشأ أنواع جديدة، إنما يجب فقط أن تمزج الجينات بشكل مختلف
في كل مرة.
فولهارد: تغيير الجينات سيكون تأثيرات جانبية
حصلت كرستيانه نوسلاين فولهارد التي تبحث في مجال تطور الأحياء على جائزة
نوبل للطب عام 1962، وتحذر نوسلاين فولهارد
من التدخل الجيني في التطور إذ تقول: إن
"الخطأ الرئيسي الذي يرتكب هو اعتقاد الناس بأنه عندما نفهم شيئا ما
فبإمكاننا أيضا أن نغيره. فإذا كنت أعرف أن جينة لشخص ما تحمل صفة معينة يبقى
الطريق طويلا للتوصل إلى إمكانية
تغييرها"، وتضيف فولهارد بان ليس بمقدورنا إنتاج شخص على أساس معالجة
جينية، لأن للكائن الحي تركيبة معقدة، وبهذا فإنه لا يوجد برأيها في الواقع
إمكانية لتغيير الجينات بشكل موجه دون أن تحدث آثار جانبية.
وينتر: التصميم والانتقاء سيحل محل نظرية داروين
لكن هناك بعض الباحثين الذين يختلفون مع كرستيانه نوسلاين فولهارد في هذا
الرأي من بينهم عالم الكيمياء العضوية الأمريكي كريج وينتر الذي يطلق عليه لقب أبو
الجينات والتي تمثل أفكاره عن التطور مغامرة.
يعتقد وينتر أن "التصميم والانتقاء الخاص للجينات سوف يحل محل نظرية
داروين عن التطور". كلمات قوية وعفوية ربما كان داروين نفسه سيضحك إذا سمعها،
لأنه منذ أن نشر كتابه عن التطور وأصل الأنواع قبل مائة وخمسين عاما وهو يتعرض
للنقد، وكثيرا ما جرت محاولات لنفي أهمية نظريته،
لكن في النهاية يبقى تشارلز داروين واحداً من أكثر الباحثين تأثيرا في كل
العصور.
صلاح شرارة
مراجعة: إبراهيم محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه