مدونة ثقافية تعنى بالإبداع والابتكار والتنمية البشرية

اخر الأخبار

Post Top Ad

الخميس، 18 مارس 2021

من هي الخنساء صاحبة أشهر المراثي في الأدب العربي ؟

 

الخنساء هي تماضر بنت عمرو ، وتكنى «أم عمرو». والخنساء لقب غلب عليها ، وهو يعني « الظبية ». وتشبيهها بالظبية يوحي بما لها من جمال . كانت البنت الوحيدة لأسرتها ؛ فكانت أثيرة ، يحنو عليها الكبير والصغير ، وكانت - بصفة خاصة - محببة لأخويها معاوية وصخر ، فبادلتهما حبا بحب .

والخنساء شاعرة بني سليم ، ذاع صيتها في الجاهلية والاسلام ، وحفظ تاريخ الأدب الكثير من شعرها في الرثاء. وقد عاشت معظم حياتها في الجاهلية ، وأنجبت أولادها قبل ظهور الاسلام ، الذي أدركته وهي متقدمة في السن. وفدت إلى النبي صلوات الله وسلامه عليه ، مع قومها ، وبايعته على الإسلام ، في السنة الثامنة من الهجرة . وقد رق لها الرسول عليه الصلاة والسلام . ويقال انه استمع لشعرها وهو يقول : «هيه يا خناس » ، مجاملة لها في حزنها.

ويروى أن أبا الخنساء كان من ذوي الجاه و الثراء . وكان كثير المفاخرة بولدي ، معاوية و صخر ، يشيد بذکرهما ، و يطاول غيره بهما .

وقد كان معاوية بن عمرو ، أخو الخنساء ، بطلا شجاعا ، يقود فرسان سليم للغارة و الاشتجار ، شأن فرسان القبائل في الجاهلية ، وكانت الخنساء آنئد، ما تزال في شبابها .

أو في سن الصبا. وكانت الغارات التي يشنها معاوية سببا في مصرعه . إذ نشأت  بينه وبين هاشم بن حرملة ، سيد بي مرة . مخاصمة أدت إلى أن يقتتلا . فكان أن انفرد هاشم و دريد . ابنا حرملة ، بمعاوية ، و احتالا حتى قتلاه . فكان قتله والجد في الأخذ بثأره ، من أهم الأسباب التي أطلقت لسان الخنساء . لتكون شاعرة الرثاء الأولى.

وأما صخر، الأخ الثاني للخنساء ، فقد كان شريفا في بني سليم ، موصوفا بالحلم ، و مشهورا بالجود، و معروفا بالتقدم والشجاعة، ومحظوظا في عشيرته . وكان يتميز بعفة لسانه ، وترفعه عن الدنايا ، وذلك خلق يرفع شأن صاحبه ، ويحمل الناس على حبه. ولعل هذا الحق هو الذي جعل لسان الخنساء ينطلق ، فتقول هذا البيت ، الذي فتن القدماء ، وهو قولها :

وإن صخرا لتأتم الهداة به              كأنه علم في رأسه نار

أما شجاعته فتتمثل في جده للأخذ بثأر أخيه معاوية ، وغاراته المتوالية على بني مرة للانتقام منهم . وقد استطاع - أول أمره - أن يقتل دريدا الذي قتل معاوية . ولكنه لم يقنع بذلك ، فتابع غاراته على بني مرة ، حتى أصيب بجرح قتال أودي بحياته .

وهكذا فقدت الخنساء أخويها معا. وكان معاوية شقيقها ، وكان صخر أخاها لأبيها ، غير أنها أكثرت الرثاء في صخر ، وفيه تقول من قصيدة مشهورة :

يذكرني طلوع الشمس صخرا        وأذكره لكل غروب شمس
ولولا كثرة الباكين حولي             على إخوانهم ، لقتلت نفسي
ولكن ، لا أزال أرى عجولا          وباكية تنوح ليوم نحس
أراها والها تبكي أخاها                عشية رزئه أو غب أمسي
وما يبكين مثل أخي ، ولكن           أعزي النفس عنه بالتأسي

وقد تزوجت الخنساء رجلا من قبيلتها ، وهو مرداس بن أبي عامر السلمي ، وكان سيدا معروفا ، يلقب بالفيض لكرمه ، وكان ذا ثراء واسع ، يفيض به على المحتاجين ، وسائلي فضله .

وكان للخنساء أربعة بنين ، حضرت معهم وقعة القادسية ، سنة ست عشرة من الهجرة ، وأوصتهم - ليلتها – بقولها :

( يا بني ، إنكم أسلمتم طائعين ، وهاجرتم مختارين . والله الذي لا إله إلا هو إنكم لبنو رجل واحد. كما أنكم بنو امرأة واحدة ، ما هجنت حسبكم ، ولا غيرت نسبكم . واعلموا أن الدار الآخرة خير من الدار الفانية ، اصبروا ، وصابروا ، ورابطوا ، واتقوا الله لعلكم تفلحون . فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، وجللت نارا على أرواقها ، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رسيسها، تظفروا بالغنم والكرامة . في دار الخلد و المقامة ) .

فلما أضاء لها الصبح ، با کروا إلى مراكزهم ، فتقدموا واحدة بعد واحد ، ينشدون أراجيز يذكرون فيها وصية العجوز لهم ، حتى قتلوا عن آخرهم . ولما بلغها الخبر قالت : « الحمد لله الذي شرفني بقتلهم ، وأرجو ربي أن يجمعني بهم في مستقر الرحمة».

تلك هي الخنساء ، إحدى شهيرات النساء ، في الجاهلية والإسلام ، وصاحبة أشهر المراثي في الأدب العربي ، وأم أربعة من الشهداء .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه

Post Top Ad

الصفحات