المرأة التي صنعت تاريخ السيارات.. رحلة بيرثا بنز التي غيرت العالم

 

بداية الحلم الذي تردّد صاحبه في إطلاقه

في أواخر القرن التاسع عشر، كان كارل بنز قد أنهى اختراعه الغريب: عربة ثلاثية العجلات تعمل بمحرك داخلي يعتمد على البنزين.

ورغم عظمة الابتكار، ظلّ متردداً، يخشى سخرية الناس أو فشل التجربة. لكن إلى جانبه كانت تقف زوجته بيرثا بنز، المرأة التي لم ترَ في هذه العربة مجرد حديد وأنابيب، بل رأت فيها المستقبل.

قرار جريء في فجر صيف 1888

في صباح يوم من صيف عام 1888، كتبت بيرثا ورقة صغيرة لزوجها تقول فيها: "ذهبت مع الأولاد لزيارة أمي". لكن ما لم يدرِ به كارل، أن زوجته اتخذت قراراً سيغير التاريخ: قيادة العربة الجديدة في أول 

رحلة طويلة بالسيارة.

 

بهذا القرار البسيط والمليء بالشجاعة، وضعت بيرثا بنز نفسها على خريطة التاريخ كأول امرأة تقود سيارة، وكأول من أثبت أن السيارة ليست خيالاً، بل وسيلة نقل عملية.

 

أول محطة وقود في العالم

 

الرحلة لم تكن سهلة، فقد نفد الوقود سريعاً. لم تيأس بيرثا، بل توقفت عند صيدلية صغيرة في بلدة فيسلوخ واشترت مادة ليغروين (Ligroin) التي كانت تُستخدم كمذيب. ومنذ تلك اللحظة سُجلت تلك الصيدلية كـ أول محطة وقود في العالم.

 

ذكاء المرأة في مواجهة الأعطال

 

واجهت بيرثا تحديات ميكانيكية عدة:

• حين انسد أنبوب الوقود، أخرجت دبوس قبعتها لإصلاحه.
• عندما ضعفت الفرامل، استخدمت دبوس شعرها لتقويتها.

لم تكن مهندسة بالمعنى التقليدي، لكنها امتلكت إرادة قوية وعقلاً عملياً، جعلها شريكاً فعلياً في نجاح اختراع زوجها.

 

رحلة صنعت التاريخ

 

استمرت الرحلة نحو 12 ساعة، قطعت خلالها بيرثا أكثر من 100 كيلومتر عبر الطرق الوعرة بين مانهايم وبفورتسهايم.
لم يكن الأمر مجرد زيارة لوالدتها، بل كان إعلاناً عملياً أمام العالم: السيارة أداة المستقبل وليست مجرد حلم.

 

الدرس الملهم من قصة بيرثا بنز

 

• الثقة بالآخرين تصنع الإنجاز: آمنت بيرثا بقدرة زوجها ودفعته إلى الأمام عندما تردّد.
• الشجاعة تصنع التاريخ: قرارها بقيادة السيارة لم يكن مغامرة شخصية، بل نقطة تحوّل في عالم المواصلات.
• المرأة شريك في النهضة: بيرثا أثبتت أن المرأة ليست متفرجاً على الاختراعات، بل قادرة على أن تكون محور التغيير.

 

إن قصة بيرثا بنز ليست مجرد فصل في تاريخ السيارات، بل هي درس في الإيمان والشجاعة. امرأة واحدة قررت أن تثبت أن الحلم ممكن، فكانت النتيجة ثورة نقلت العالم من عصر العربات التي تجرها الخيول إلى عصر المحركات.

 

إنها رسالة لكل واحد منا: الثقة، والإصرار، والجرأة قادرة على تحريك عجلة التاريخ.