تصميم وتصنيع معالجات
الكمبيوتر أمر بالغ التعقيد وباهظ الكلفة، مما جعله حكرًا على حفنة من الشركات
العملاقة في الدول الغنية، ولكن المحاولات الدءوبة لدول الجنوب الفقيرة تشي بأن
هذا الاحتكار ربما لا يستمر للأبد، فخطوات الصين وإيران ومن قبلهم الهند قد تحدث
فارقًا فيما يسمى الفجوة الرقمية بين الشمال المتقدم والجنوب النامي.
تُعَدّ المعالجات المركزية
للكمبيوتر أو الـCPU كالأدمغة للإنسان، فهي التي تقوم
بالعمليات الحسابية والمنطقية وتحلل النتائج عبر البرمجيات (software). كما أنها تتحكم بكل أجزاء الحاسوب، مثل الذاكرة والأقراص
الصلبة والطابعة وغيرها.
وتتكون المعالجات من دوائر
إلكترونية متخصصة بالعمليات الحسابية وأخرى بالعمليات المنطقية، إضافة إلى دوائر
تسمح باستجلاب البرامج المراد تشغيلها من الذاكرة وتنفيذها بالترتيب، ومن ثَم
حفظ النتائج إما على الذاكرة أو على أي مخرج آخر للمعلومات (الشاشة مثلاً) حسب
أوامر البرنامج. ومن أشهر المعالجات التي تستخدم بأجهزة الكمبيوتر: بنتيوم
وسنترينو وأثلون.
والمعالجات ليست محور عمل
الكمبيوتر فحسب، فهي العصب الأساسي لأغلب الأجهزة الإلكترونية الحالية من أجهزة
اتصال واستقبال بث الأقمار الصناعية وحتى أجهزة التلفزيون والألعاب الحاسوبية.
ومع تزايد اعتمادنا على الأجهزة الإلكترونية في شتى أوجه حياتنا، تزايدت الحاجة
لنوعيات شتى من المعالجات.
التصميم والتصنيع.. كلفته
ثروة
وتصحب تصميم وتصنيع المعالجات
كلفة باهظة، فهذه عملية تحتاج لخبرات كبيرة في مجال الإلكترونيات الرقمية وأنظمة
بناء الحواسيب.
إضافة إلى أن تصنيع رقائقها
يحتاج لمصانع تفوق كلفتها ملايين الدولارات؛ لما تستلزمه من عمليات بالغة الدقة
لإنتاج مكونات متناهية الصغر (عند مستوى النانومتر، وهو جزء من مليار جزء من
المتر) واحتياجها لغرف خاصة تفوق غرف العمليات تعقيمًا، فأي شوائب أو غبار قد
تسبب تلف الرقاقة؛ لكون ذرات الغبار أكبر من حجم الترانزستورات أو أنها قد تقوم
بتغيير التركيبة الفيزيائية الإلكترونية للترانزستورات.
وقد أدت هذه العوامل مجتمعة
إلى احتكار الدول الغنية والشركات العملاقة لصناعة المعالجات. ومن أهم الشركات
العالمية التي تصمم وتصنع المعالجات شركات أية أم دي (AMD)،
وميبس (MIPS)، وصن (Sun).
أما كبرى الشركات وأشهرها على الإطلاق فهي إنتل (Intel).
كمبيوتر هندي وإيراني
وقد بدأت بعض الدول النامية
الاهتمام بتطوير المعالجات وأجهزة الكمبيوتر؛ لتقليل الاعتماد على الاستيراد
وتلبية احتياجات تطوير الصناعة والأبحاث الوطنية.
فقد أعلنت شركة ZhongKe Menglanالصينية
في سبتمبر 2006 عن تصميم كمبيوتر شخصي مبني على معالج Godson
الذي صممته وصنعته شركة BLX الصينية. وسيتراوح سعر الجهاز الواحد بين
175 و200 دولار أمريكي، وقد يتدنى إلى 125 دولارًا خلال الأعوام المقبلة. وسيكون
في الجهاز ذاكرة بسعة 256 ميجا بايت، وقرص صلب من 40 إلى 60 جيجا بايت، وله مخرج
VGA للشاشة وأربع مخارج USB، بالإضافة
لوصلة لشبكة حاسوبية محدودة (LAN). وسيعتمد الكمبيوتر على نظام تشغيل
لينوكس Linux المجاني.
واستطاعت الشركة إلى الآن بيع
2000 جهاز، ويتوقع أن تبيع ما يزيد عن 10000 في الصين وشرق آسيا بالأعوام
القادمة.
جدير بالذكر أن شركة BLX الصينية تأسست عام 2002 بهدف تصميم المعالجات المركزية فأنتجت حينها معالج Godsonوالذي لم يكن ذا
كفاءة عالية؛ لذا كان استخدامه مقصورًا على الأجهزة التي لا تحتاج إلى سرعة
معالجة فائقة.
أما في 2006 فقد طوّرت النسخة
الجديدة من المعالج المصنع بتقنية 0.18 ميكرومتر والذي سيستخدم بالكمبيوتر
الجديد. وبحسب تقارير الشركة فإن سرعة المعالج ستتراوح ما بين 800 ميجا هرتز - 1
جيجا هرتز، وستكون كفاءة المعالج تعادل معالج بنتيوم 3 من Intel
بحسب ما أوردت الشركة، وسيتمكن من تشغيل أفلام DVD
وبرامج الكمبيوتر المكتبية.
أما إيران فربما كان الحصار
التكنولوجي المفروض عليها منذ سنوات قد شجعها على أن تخطو حثيثًا في هذا المضمار. فقد أعلنت شركة Parsé الإيرانيةفي يوليو 2006 عن تصميمها لمعالج 32 - بت
الذي أسمته Aristo. وكانت الشركة التي تأسست عام 2003 قد
صممت معالجًا مبسطًا كأول تجربة لها في بادئ الأمر.
وسيكون المعالج الجديد
مناسبًا لأجهزة الاتصالات مثل (GPS) والتحكم بعمليات التصنيع والذكاء
الاصطناعي بحسب ما أوردت الشركة. وقد تعاقدت الشركة مع شركة تايونية لتصنيع
المعالج على رقائق بتقنية 0.18 ميكرومتر. كما طورت الشركة رقاقة تحتوي على
المعالج Aristo مع بعض الملحقات والدوائر لتيسير استعماله
في تطبيقات أكثر تعقيدًا، وقد أطلقت اسم قصر Tachra
الفارسي على الرقاقة.
وتتوافق بنية المعالج
الإيراني مع بنية معالجات Sparc المتوفرة تصاميمها مجانًا على الإنترنت.
حيث تعجّ الشبكة العنكبوتية بالتصاميم المجانية للمعالجات التي يفوق عددها
الستين والتي تصلح أن تكون حجر الأساس لتطوير معالجات، خاصة بالدول النامية ومن
ضمنها العربية.
وأشهر هذه المعالجات OpenRisc1K والذي صممه مجموعة من الطلاب بدولة سلوفينيا عام 2000، وأتاحوا
كل المعلومات اللازمة لاستخدامه وتطويره، بل حتى تصنيعه على الإنترنت مجانًا
للجميع.
السمبيوتر.. لردم الفجوة
الرقمية
أما الهند فقد كانت السبّاقة
بمجال تصميم وتصنيع الكمبيوتر. فقد أطلقت عام 2000 مشروع Simputer
الذي يهدف لتضييق الفجوة الرقمية عبر تصميم جهاز كمبيوتر مبسط سهل الاستعمال من
قبل الفئات الفقيرة والقليلة الخبرة بالتكنولوجيا. يعتمد السمبيوتر على معالج Strong Arm الأمريكي و32 ميجا بايت من الذاكرة وشاشة صغيرة وهو يشبه أجهزة
المفكرة الإلكترونية (PDA)، ويصلح للاتصال بالإنترنت وتشغيل
الموسيقى. إلا أن هذا المشروع لم يحظَ بقبول واسع كما كانت التوقعات.
وفي المنتدى الاقتصادي
العالمي عام 2005 أعلن عن برنامج حاسوب لكل طفل، بهدف التقليل من الفجوة الرقمية
بمساعدة الأطفال في الدول النامية. من المتوقع أن يكون سعر الجهاز الواحد 100 دولار.
وتقوم على المشروع غير الربحي مجموعة من الشركات العالمية مثل آي إم دي (AMD) وردهات (Red
Hat). وكانت
بعض الدول قد أعلنت عن نيتها لشراء هذه الأجهزة وتوزيعها على المدارس، مثل مصر
والصين ونيجيريا.
أما بالعالم العربي وعلى
الرغم من أن بعض البلدان العربية مثل تونس ومصر والسعودية قد شهدت تطورًا كبيرًا
بمجالات التكنولوجيا فإن صناعة الإلكترونيات ليست متطورة بالشكل الكافي؛ وذلك
لعدم الاستثمار بهذا المجال والاعتماد على الاستيراد للتقنيات الحديثة.
ولكن ثمة محاولات لتصميم
حواسيب عربية تعتمد على التصاميم الحرة والمجانية المتوفرة على الإنترنت التي
سبق ذكرها، ومثال ذلك مشروع "أفق" الذي ترعاه جمعية هندسة عربية غير
الربحية؛ لتصميم كمبيوتر مبسط مبني على الرقائق القابلة للبرمجة (FPGA)، وذلك من خلال تبني طريقة التصميم عبر الإنترنت بمشاركة من
الجامعات العربية. غير أن المشروع لا يزال يبحث عن مشاركين من طلاب الهندسة ودعم
من الخبراء العرب.
المصادر:
|
|
|
**تكنولوجي وباحث فلسطيني، وأحد مؤسسي
جمعية هندسة عربية.
|
عن موقع اسلام اون لاين
نتمنى أن يصل الفقراء الى العالم التكنولوجي بكل آفاقه.
ردحذفنتمنى أن يصل الفقراء الى العالم التكنولوجي بكل آفاقه.
ردحذفالأخت أروى
ردحذفشكرا على زيارة آفاق علمية وشكرا على التعليق
الى اللقاء
الأخت أروى
ردحذفشكرا على زيارة آفاق علمية وشكرا على التعليق
الى اللقاء
الأخت أروى
ردحذفشكرا على زيارة آفاق علمية وشكرا على التعليق
الى اللقاء