أعلان الهيدر

الثلاثاء، 1 ديسمبر 2009

الرئيسية الزيوت المعدنية العادمة .. خطر على الإنسان والبيئة

الزيوت المعدنية العادمة .. خطر على الإنسان والبيئة

المهندس أمجد قاسم *

يعتبر تلوث البيئة بالزيوت المعدنية العادمة مشكلة خطيرة تتطلب وضع أنجع الحلول للتغلب عليها ، فانعدام الوعي البيئي واستهتار البعض بهذه المواد الخطيرة ، خلق مشكلة بيئية معقدة ، أضيفت إلى قائمة المشاكل الطويلة التي تواجهها البيئة من حولنا.

والزيوت المعدنية تستخدم على نطاق واسع في كافة أرجاء العالم وبكميات كبيرة ، بهدف تسهيل عمل المحركات وتزيتها ولجعل عملية انزلاق القطع المعدنية في داخل المحركات والآلات سهلة ، ويتطلب التعامل مع هذه الزيوت معرفة جيدة بأنواعها وخصائصها وطبيعة المحركات التي سوف توضع فيها والعمر الزمني الافتراضي لها ، حيث يتطلب الأمر تغير هذه الزيوت من وقت لآخر ضمن نظام معين .

وهنا تبرز للوجود مشكلة هذه المخلفات وكيفية التخلص منها وإمكانية الاستفادة منها في عمليات صناعية أخرى .

الزيوت المعدنية والمركبات والعناصر المصاحبة لها

تتكون الزيوت المعدنية من مركبات هيدروكربونية ، مضاف لها بعض المحسنات الكيميائية لرفع أدائها وفق بعض المتطلبات الضرورية ، حيث يتم  إضافة مركبات لمقاومة الاحتكاك ولزيادة لزوجتها ، ومواد أخرى لمعادلة الأحماض وأخرى لمنع الصدأ ، بالإضافة لبعض المركبات التي يجري مزجها مع الزيوت المعدنية للتقليل من الأبخرة المتصاعدة ولمنع تشكل الدخان وللمحافظة على كافة أجزاء المحرك الداخلية ، وبعد استخدام هذه الزيوت داخل المحركات يحدث تغير كبير في خصائصها الكيميائية والفيزيائية ، فيظهر جليا زيادة في تراكيز بعض العناصر والمركبات التي لم تكن موجودة سابقا ، وهذا ناتج عن الحرارة العالية واهتراء مكونات المحرك الداخلية وتفاعل هذه الزيوت مع بعض المركبات المحيطة ، كماء التبريد والوقود ونواتج عملية الاحتراق ، ومن أهم هذه العناصر ، الحديد ، الرصاص ، القصدير ، الكروم ، الكبريت ، الكالسيوم ، المغنيسيوم ، النحاس ، بالإضافة إلى الغبار والسناج والسيلكا .

الآثار الناجمة عن التلوث بالزيوت المعدنية العادمة

يعد سوء التعامل مع الزيوت المعدنية العادمة المسبب الأول لمشكلة التلوث بها ، حيث يتم إلقاء جزء كبير من هذه الزيوت في مجاري الصرف الصحي وفي الأنهار والبرك والمستنقعات كما يتم طمرها في التربة دون اكتراث لعواقبها الوخيمة ، ويلجأ البعض إلى حرقها  ، في الأفران والمخابز ، أو من قبل عمال الطرق لإسالة الإسفلت الخام ،وقد تنبه المشرع الأردني إلى خطورة مثل هذه المخلفات الصناعية ، فصدر قانون ينظم التعامل معها في عام 1988 حيث منع بشكل صريح وواضح استعمال هذه الزيوت العادمة في الأفران والمخابر وحصر عملية جمع وحرق ومعالجة هذه الزيوت بشركة مصفاة البترول .

لقد دلت الدراسات والأبحاث على خطورة هذه المخلفات الصناعية على صحة الإنسان عند استعمالها في المخابز والأفران ، حيث تلوث المواد الغذائية بمواد كيميائية مسرطنة ومضرة بصحة الإنسان بشكل عام ، وقد حذرت منظمة الصحة العالمية من خطورة استعمال الزيوت المعدنية العادمة في عمليات رش المزروعات التي يلجأ إليها المزارعون للتخلص من الحشرات والفطريات والآفات الزراعية المختلفة ، إذ دلت التجارب المخبرية على انتقال هذه الزيوت عن طريق الثمار وأوراق النباتات إلى الإنسان والحيوان وما تسببه بالتالي من مشاكل صحية خطيرة للغاية .

أما عند حرق مثل هذه المخلفات في المصانع والأفران بدون معالجة مسبقة مع إهمال إجراءات السلامة والوقاية ، فإن الغازات والأبخرة الناتجة تكون خطرة للغاية على الإنسان والحيوان ومدمرة للغلاف الجوي ، وفي حال وصول هذه الزيوت إلى مصادر المياه السطحية والجوفية فإن حجم المشكلة سيكون معقدا للغاية حيث تبين أن معالجة مثل هذه المياه أمر صعب ومكلف اقتصاديا ، كما تتسبب الزيوت المعدنية العادمة المختلطة بالمياه السطحية في قتل كافة أشكال الحياة المائية نظرا لمنعها الأوكسجين الجوي من الوصول إلى هذه الكائنات مع زيادة نشاط البكتريا اللاهوائية المسببة لتسمم المياه وتغير درجة حموضته الطبيعية وفساده بشكل كلي .

تدابير وقائية لا بد منها

تتطلب معالجة هذه المشكلة زيادة الوعي البيئي لدى المواطنين وسن القوانين الرادعة التي تضبط عملية التخلص من هذه الزيوت وفق آلية محكمة ودقيقة منوطة بجهة رسمية محددة كمصفاة البترول أو أي قطاع خاص مؤهل لهذه الغاية .

لقد دلت الكثير من الأبحاث على إمكانية استغلال هذه الزيوت في الكثير من العمليات الصناعية ، وقد تبين انه يمكن خلطها بعد معالجتها مع الزيت الثقيل الهام جدا لكافة الصناعات الثقيلة ، وفي بعض دول العالم يتم إعادة هذه المخلفات لمصافي البترول لإعادة تكريرها واستخدمها من جديد لأغراض مختلفة .

إن مراقبة محطات غسيل السيارات والتشحيم وتبديل الزيوت أمر هام جدا ، وتقديم حوافز مالية رمزية لهم مقابل الزيوت التي يجمعونها من المركبات والحافلات ، وتأهيل بعض الجهات الرسمية والخاصة للوصول إليهم ونقل هذه الزيوت إلى الجهات المعنية ذات الاختصاص ، هي خطوات سوف تعطي ثمارها الناجحة وستمكننا من تفادي مخاطر مثل هذه المخلفات الصناعية القاتلة .
 
* كاتب علمي ، عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه

يتم التشغيل بواسطة Blogger.