المغرب - مصطفى شقيب
يناير 2010
تتوالى الأبحاث العلمية لفهم إدراك وسلوكيات الأفراد، وذلك في إطار تحليل علمي لكافة العوامل والمؤثرات على الفعل الإنساني.الوراثة،التراث الجيني،تأثير البيئة،التعلم،الهرمونات،التركيب الدماغي ...كلها عناصر تُدرس لمعرفة مساهمة ونصيب كل منها في تفسير سلوكياتنا واختباراتنا.
مع بداية العام الجديد 2010،شرعت بعض المختبرات والمراكز النفسية المعرفية في التعريف بانتاجاتها واكتشافاتها التي لها تأثيرات وتطبيقات في مجالات التربية،التعليم،الأعمال،التجارة،التسيير...الخ، نقدم في الورقة التالية أهم الأبحاث التي صدرت منها أو في طور الصدور.
- الثقافة العامة، هل هي وراثية؟
- هرمون الزعماء
- المظهر البدني يكشف عنك
- اضطهاد الزبون من اجل التسوق
- ظنون البشر في الإله
- الحبوب التي تمنح الرغبة في الشراء
- الاختناق اكبر المخاوف
- قراءة قصص كافكا قد تعزز التعلم
- أفلام السينما:اختيار النسخة الأصلية
- العاب على مقاس الشخص
- العلاقات خارج إطار الزواج مؤلمة للقلب
الثقافة العامة، هل هي وراثية؟
قد تخضع الثقافة العامة للعوامل الجينية أكثر منها لمعدل الذكاء.
بعض الأشخاص يمكن وصفهم بموسوعات حية دون أن يكونوا من أذكى الناس.كأن ما يقرؤون يطبع في صدورهم.بحور من العلم، علماء،أبطال مسابقات تلفزية،:هؤلاء الأشخاص يتمتعون بثقافة عامة واسعة جدا.
من أين تأتيهم هذه القدرة لتخزين كل شيء، لتذكر أحداث تاريخية بكل سهولة، المآثر، الأشعار، الأسماء، الأحداث...؟
إنها تأتي في جزء كبير منها من الاستعدادات الجينية.
قام علماء الجينات،بجامعة زغرب-كرواتيا- بقياس مستوى الثقافة العامة ل 157 توأم حقيقي(لهم نفس الجينات تماما) وغير حقيقي'يقتسمون نصف التراث الجيني)،فجاءت النتائج تتحدث عن نفسها:
تبين أن للتوائم الحقيقية مستويات ثقافة عامة متقاربة جدا،وذلك بغض النظر عن المستوى الدراسي،مجال الاهتمام أو التكوين المتلقى؛
فيما كان للتوائم غير الحقيقية مستويات متفاوتة.
للعلم معدل القابلية للتوريث لدى خاصية الثقافة العامة هو 0.87- معدل 1.00 يعني أن الثقافة العامة تحدد كاملة بالوراثة، وهذا مستحيل اعتبار لدور البيئة-
تخبرنا هذه النتائج أن الثقافة العامة هي نتاج موقف تجاه العالم،حب شديد للاستطلاع،روح اجتماعية وشهية للمعرفة،مما يمكن تسجيله في الأبعاد الأساسية للطبع، المستندة أساسا على الجينات.
تكشف الدراسة كذلك أن معدل الذكاء الأشخاص المختبرين لا يخضع كليا للتراث الجيني .عكس المتوقع، يمكن للذكاء أن يكون موضع تربية شأنه شأن المعرفة الخالصة.
البحث:
D.Bratko et al., the genetics of general knowledge: a twin study from Croatia, in personal and individual differences, sous presse
هرمون الزعماء
ما الذي يجعل شخصا مؤثرا، مقدرا ومحترما؟قد يكون التيستوستيرون -هرمون الخصية- الذي يعتبر لحد الآن كهرمون العدائية.
لدى علماء البيولوجيا، هذا الهرمون الذكوري،أكثر تركيزا لدى الأشخاص العنيفين والمسيطرين.وهو مفروز من طر ف الخصيتين.كل الدراسات التي أجريت على القرود والفئران تبين أن الذكور الذين لهم معدلات عالية منه قوية وقتالية.
لدى الإنسان، -حسب ما كان يعتقد- نفس الشيء..لكن أعمال ارنست فير وزملاؤه من جامعة زيوريخ تكشف حقيقة أخرى. يدفع هذا الهرمون إلى التسلق الاجتماعي،تحسين المركز الاجتماعي لدى الآخرين.والذي يهم أكثر هو الهيمنة الاجتماعية وليس العدوانية في حد ذاتها.وقد تأخذ الهيمنة الاجتماعية أشكالا متنوعة من العدوانية إلى السخاء.
لإثبات هذه النظرية،قام الباحث فير بإعطاء الهرمون –على شكل اقر اص- إلى مجموعة من النساء،وهي فئة غير معتادة على آثار هذه الهرمونات،ولو أنها مفروزة بكمية اقل من طرف المبيض.قام بتجميع النساء حول طاولة،وآتى كل واحدة منهن مبلغا من المال الذي بإمكانهن اقتسامه مع الأخريات.للدهشة،لاحظ أن النساء اللواتي تجرعن الهرمون ظهرن بمظهر عادلات وكريمات،جلبن التقدير واحترام الأخريات اللواتي رأينها كأفضل ممثلة للمجموعة.لقد كانت النسوة أكثر عدلا ولكن ليس أكثر عدوانية.
في الهياكل الهرمية الذكورية،قد يمر المركز الاجتماعي العالي عبر قدر من العدوانية والتنافسية،بدل الاقتسام.وفي هذه الحالة تؤهل الهرمون المواقف العدائية. إلا أنها تعزز عموما الموقف الاجتماعي الذي يمكن اكتسابه بطرق متنوعة حسب السياقات.
البحث في مجلة NATURE
C. Eisengger et al., Prejudice and truth about the effect of testesterone on human bargaining behavior, in Nature
المظهر البدني يكشف عنك
هذه فائدة جديدة لمن يريد أن يكتشف طبع مخاطبه،لمستشاري التوظيف، للأخصائيين النفسانيين للشركات:من الممكن الحصول على لمحة صحيحة بقدر ما للسمات المختلفة لشخصية شخص ما،فقط بمجرد ملاحظة شكل اللباس،الطريقة التي يظهر بها -يقف أو يجلس- أو تعبير وجهه.
طلبت الأخصائية النفسانية لورا ناومان وزملاؤها إلى 123 طالب وطالبة الاستعراض بألبستهم المعتادة في حصة تصوير،ثم عملوا على فحص هذه الصور من طرف ملاحظين خارجيين.
وكان على هؤلاء تقييم مختلف الخصائص على سلم من 1 إلى 7؛ مثلا، التفتح، الثبات العاطفي، الانفتاح، الودية، التقدير الذاتي، التدين، الضمير
بينت النتائج أن التقييمات الحدسية التي قام بها الملاحظون الخارجيون تطابق بالفعل قياسات الشخصية المنبثقة عن الاستقصاءات السيكولوجية الكلاسيكية.يظهر إذن أن كل واحد منا بمقدوره تكوين فكرة تقريبا صحيحة عن مخاطبه،حسب مظهره البدني فقط.
ما الذي يهم، في المظهر، لتهمين على الشخصية؟أساسا الأسلوب اللباسي،الطريقة التي يجلس أو يقف بها، وتعابير الوجه ولو في حالة راحة.مثلا،الطبع الاجتماعي،الإقبال على الآخرين،التحدث في جماعة،الدينامية- يمكن استطلاعها تبعا للتعابير المفتوحة والايجابية للوجه،كذلك على أساس هيأة دينامكية للجسم-هيأة مستقيمة-دون تشنج-،كتفان مفتوحان .كما أنها مرتبطة بلباس يظهر البحث عن الأسلوب، اللون، الأصالة وحتى الأناقة.
علامة أخرى لطبع الثبات العاطفي يمكن تخمينها من خلال هيأة جسمانية مسترخية.
الأمر يتعلق طبعا بإحصائيات،إلا أن هاته التجربة تكشف انه بالإمكان الاعتماد على الانطباع الأول،شريطة عدم التفكير كثيرا وطرح أسئلة من قبيل:"من النظرة الأولى،هل الشخص متحفظ أو منفتح،مستقر عاطفيا،جدي،ودود أو صعب في علاقاته مع الآخرين؟"قد نخطئ طبعا،وهناك تزودنا الدراسة بتعليمات مفيدة:ينخفض معدل الخطأ كلما حصلنا على انطباعات وتقييمات لأشخاص مختلفة.هذا يؤكد في إطار التوظيف، أهمية مقابلة المرشحين من طرف أشخاص عديدين.
البحث:
L.Naumann, et al., personality judgments based on physical appearance, in personality and soc.Psychol.bulletin, sous presse
اضطهاد الزبون من اجل التسوق
تقليص حجم الممرات في الأسواق التجارية الكبرى،جعل الأسقف منحدرة جدا،سد المنافذ في محل تجاري:هذه الاستراتيجيات قد تكون وراء دفع الزبون لتنويع المشتريات.
تحلل دراسة من جامعة كولومبيا أن الشعور بالاضطهاد يعطي الانطباع للزبون بان حريته معطلة..وهذا الأخير قد يعمد إلى تنويع مشترياته،كتعويض عن فقدان هذه الحرية،آخذا انطباعا انه يتحكم في بيئته المحيطة.بعبارة أخرى،فقدان حرية التحرك يؤدي إلى الحاجة إلى حرية في المشتريات.
قام الباحثان جوناثان ليفاف وروي زهو بتجارب ملموسة عبر العمل على تغيير عرض الممرات،فلاحظا أن الزبائن يقوموا بتنويع مشترياتهم عندما كانت الممرات ضيقة أو المحل التجاري ممتلئا عن آخره(هذا يُحدث أيضا شعورا باضطهاد ويحد من الحركة).
النتائج بالنسبة للمحلات التجارية الكبرى ومصنعي السلع هي كالأتي:من مصلحة محل تجاري مرتاد كثيرا أن يقترح أنواعا عديدة من المنتجات إلى زبائنه؛على محل رحب أو ذا نوعية محدودة من الزبائن -لكنها ميسورة -أن يعرض بعض المواد المعروفة وذات الجودة الخاصة.مفعول المحاصرة يفيد الماركات غير المعروفة كثيرا،والتي يختارها الزبائن في إطار إجراء لا امتثالي-يتم تحديد حركة الزبون،فيلجأ إذن إلى شراء منتج غير نوعي -
يبدو أن العلوم في خدمة التجارة إن لم تكن التجارة علما تجريبيا فإنها تقترب من ذلك...
البحث
J. Levav et al., Seeking freedom through variety, in J. of Cons. Res., vol. 36, sous presse
ظنون البشر في الإله
في إطار استقصاء لجامعة شيكاغو-من طرف الأخصائي النفساني نيكولاي ايبلي وزملائه الذين سئلوا أشخاصا مؤمنين عن ما يقول الله تعالى في الإجهاض،المخدرات.. إضافة إلى سؤال الانحراف الجنسي، مال المشاركون إلى اعتبار أن حكم الله هو حكمهم، أي ما يعتقدون هم أيضا...!
المحافظون يعتبرون أن آراءهم ضد الإجهاض وتناول المخدرات.. هي من أحكام الله والدين، بينما اعتقد بالمقابل الليبراليون أن الله كذلك مع الإجهاض وتأييد رغباتهم..
احتار الباحثون في الاكتشاف متسائلين:هل لكل احد إلهه؟.
فقاموا بالقيام بتجربة أخرى ترمي مقياس النشاط الدماغي لهؤلاء الأشخاص المستجوبين.فلاحظوا أن مجرد التفكير في الإله ينشط مناطق من الدماغ معروفة باحتضانها "للتفكير المرجعي الذاتي ".تنشط هذه المناطق عندما يتحدث الشخص عن نفسه،يعبر عن رأيه أو يعرض تحاليله،لكنها تبقى صامتة عندما يذكر الآخرون.في الواقع لدى المؤمنين،تنشط هذه المناطق عندما يتحدثون عن ذواتهم أو عن الله تعالى.
البحث:
N. Epley et al, Creating God in ine’s own image, in PNAS, edition en ligne avancée
الحبوب التي تمنح الرغبة في الشراء
قد يبدو أمرا أشبه بالخيال،لكنه حقيقة.
في وكالة للأسفار،يقدم إليك صورا لأجمل الأماكن في العالم .هل تريد قهوة؟ومع احتساء القهوة، يتأمل الشخص صور الشواطئ المغربية الجميلة، أدغال أفريقيا، يحلم وهو يرى الفيلة والغزلان.لقد سُحر الزبون !الذي يتساءل،إنها سعادة،لا يهم،ما تعني بعض آلاف الاورو أمام هذه السعادة.
إنها تجربة حقيقية أنجزها علماء البيولوجيا العصبية بجماعة لندن.
في القهوة كان مذابا مادة L-DOPA وهي مادة تطلق الدوبامين في الدماغ الدوبامين الشهيرة.الجزيء المتهم منذ عقود بتغيير توقعاتنا حول المستقبل عبر إحداث شعور بلذة عارمة.
كان على الأشخاص المختبرين خلال هذه التجربة أن يتخيلوا عطلهم نحو الكثير من الأماكن السفر، وتسجيل المتعة التي يعتقدون أنهم سيجنونها، على سلم من 1 إلى 6.بعد ذلك تم تجريعهم حبوبا من مادة L-DOPA أو من غيرها-دواء وهمي-فطلب منهم مرة أخرى الإخبار بمتعة القادمة وتقييمها.
أعلن الأشخاص الذين أخذوا الدوبامين أنهم مقتنعون تماما بقضاء أوقات ممتعة إذا ما سافروا في عطلة هناك..
من هذا تبين انه بالإمكان استخدام الدوبامين ك"لاصق متعة" في كمختلف الحالات التي يتعين على الزبون التفكير في المستقبل لتوقع متعة اقتناءه لمنتجات أو خدمات:أسفار،سيارات الرياضية،أدوات تكنولوجية عالية .
للعلم،مادة L-DOPA تعطى للمصابين بمرض باركينسون لتعويض النقص الحاصل في الدوبامين في دماغهم.مسالة استخدامها لدى أشخاص سليمين تحدث جدلا ينضاف إلى الجدل حول "الدماغ المقوى" في الولايات المتحدة الأمريكية.إلا انه هذه المرة بدل إعطاء الدماغ حبوبا لتقوية القدرات الذهنية يُعطى حبوبا لأغراض تجارية.
تؤثر الدوبامين على منطقة دماغية-السترياتوم- التي نستخدمها للنظر في المستقبل وتخيل ما يمكن أن يأتينا من ايجابي.معها يزداد إدراك المتعة التي يأتي بها المستقبل لكن يتساءل البعض:"أي حبوب علينا أن نجلبها معنا إلى الشواطئ حتى لا تكون الحقيقة مخيبة للآمال؟"
البحث:
T. Sharot et al., Dopamine enhances expectation of pleasure in humans, in current Biol., publication avancée en ligne.
الاختناق اكبر المخاوف
في الدماغ ،الشعور بالخوف يتحكم فيه مركز عصبي صغير-من حجم لوزة- يدعىamygdale cérébrale- اكتشف علماء أمريكيون في هذه البنية متحسسات أو لا قطات لاوكسيد الكربون، الغاز الذي يتجمع في فضاء محبوس ويعطي الانطباع بنقص الهواء.مثل هذه اللاقطات هي جزئيات مجهرية تنسل في غشاء الأعصاب وتعمل على ضبط السيل ألايوني-القنوات الأيونية-
ويبدو أن القنوات الأيونية أساسية لإطلاق الرعب المرتبط بالاختناق،وليس هذا فقط:عندما قام علماء بيولوجيون بتعطيل هذه القنوات-عن طريق هندسة جينية- صارت فئران التجارب غير حساسة تجاه الخوف غير المرتبط بالاختناق.مثلا لم تعد تهرب في كل الاتجاهات عندما تدخل قفصا حيث كانت تتلقى فيما قبل صدمات كهربائية.هذا يعني انه يجب توفير تركيز عالي من اوكسيد الكربون في اللوزة الدماغية لكي تشعر بالخوف.هذا الاكتشاف الغريب يشير إلى أن خوف الاختناق قد يكون سبق كل الأشكال الأخر ى.
التنفس هو الحاجة الضرورية الأولى للحيوانات، قبل الشرب، الطعام، التناسل الجنسي والهرب حفاظا على الحياة.قد يكون من الممكن انه في المرحلة التي اكتسبت فيها أولى الثدييات نظاما عصبيا للإدراك، قد يكون الدائرة الأولى للخوف أخذت بعين الاعتبار هذه الحاجة الأساسية.وبالتالي الدوائر العصبية التي تستخدم لا قط الاختناق من صنف ASIC1 قد تكون ارتبطت بأنظمة أخرى لإدراك البصري-كالخوف من عنكبوت-أو صوت صقيعي-.
على ذكر غاز الكربون،وقلق المجتمع الدولي من تزايد انبعاث هذا الغاز بسبب الاحتباس الحراري،يتساءل الصحفي العلمي بمجلة"Cerveau et Psycho" سيباستيان بولير،ألا يكون هذا الخوف البيئي مورث من أجدادنا وعمل هذا اللاقطASIC1.
البحث بالتفصيل:
Ziernann et al., the amygdalate is a chemosensory that detects dioxid of carbon and acidosis to elicit fear behavior in cell , vol. 139, p. 1012, 2009
قراءة قصص كافكا قد تعزز التعلم
من يقرأ لكافكا الكاتب القصصي الشهير،لا بد من أن يشعر بالغرابة والتساؤل الداخلي؛ففي قصصه جمع الكاتب بين الماوارائي، الشاذ وغياب المحددات المنطقية،كل هذه العناصر حاضرة وأشياء أخرى.لكن الوجه الآخر لهذه القصص جاءت من أعمال برزلكس وستيفن هاين من جامعة سانتا باربارا بكاليفورنيا اللذان بينا أن غياب المعنى قد يعزز البحث عن المنطق في الدقائق التي تلي القراءة.فقد طلبا من متطوعين قراءة مقاطع من"طبيب البادية"، ليخضعاهم بعد ذلك لاختبار تعلم قواعد نحوية اصطناعية أحدثت لغرض التجربة.
يبغي هذا الصنف من الاختبار قياس القدرة على حفظ روابط منطقية جيدة بين الرموز.
الأشخاص الذين قرؤوا كافكا يستذكرون جيدا وبسرعة اكبر هذه القواعد النحوية الجليدية.إنهم يظهرون حاجة لكشف المعاني الجيدة في النص المقدم إليهم، ويفعلون ذلك بقدر اكبر من التدقيق.
حسب بروكلكس،يحتاج العقل إلى قدر من المعنى،وبالانتهاء من قراءة الكتاب،يستشعر القارئ الحاجة إلى إيجاد المعنى حوله.
نفس المفعول تم الحصول عليه، عندما طلب من أشخاص ذكر أمثلة من حياتهم اليومية تجسد الطبع غير المتجانس لسلوكهم وشخصيتهم.(مثلا أنا ألقن أبنائي عدم الكذب، لكني اكذب عليهم)، هنا أيضا تم استيعاب القواعد النحوية بشكل أفضل.
ما يفعل كافكا هو اختبار بحثنا عن المعنى.أي فائدة تستفاد من هذه التجربة؟
لنقل: ماذا لو استبقنا درس الرياضيات بقراءة قصة غريبة تثير الأسئلة الملحة؟
البحث
T.Proulx et S. Heine Connections from Kafka: exposure to meaning threats improves implicit learning to artificial grammar in psychol. Science, vol.20, p. 1125, 2009
أفلام السينما:اختيار النسخة الأصلية
رغم أن العمل الفني السينمائي يركز على الصورة، إلا أن للحوارات أثرها على المشاهدين، بل للغتها بالضبط.البعض يفضل لغته الأم،البعض الآخر يفضل الفيلم مدبلجا،وآخرون بنسخته الأصلية مع كتابة الحوارات أسفل الشاشة...
التساؤل مطروح،خصوصا بعد ما بين علماء نفس من جامعة نيميغ-هولندا،أن من شان مشاهدة الفيلم بنسخته الأصلية مع قراءة الحوارات-باللغة الأصلية- أسفل الشاشة، أن يسمح بتعلم أفضل لتلك اللغة،حفظ التعابير، التمكن من اللهجة واكتساب نطق أفضل.
وهكذا عندما شاهد مشاهدون هولنديون فيلما انجليزيا بلهجة انجليزية سليمة مع حوارات مكتوبة أسفل-بالانجليزية أيضا-،تمكنوا من ترديد عبارات من الفيلم بشكل أفضل.بينما كان التذكر والنطق أقل أداء عندما شاهد الهولنديون الفيلم بنسخته الأصلية مع حوار مكتوب بلغتهم الأم.نفس النتائج أمكن ملاحظتها مع اللهجات الاسكتلندية، الاسترالية و الأمريكية.يختلف نطق الانجليزية على حسب مناطق العالم ومن ثم يُحتاج إلى نص مكتوب متزامن لكي يفهم المشاهد أفضل.وبهذا يخزن المعنى والشكل الصوتي مما يسهل الاستعادة اللاحقة.
هذا المفعول يستند على ما يدعوه السيكولوجيون "إعادة التقويم الموجه بالمغردات"من المعروف منذ سنوات أن التعلم الفونولوجي- تعلم إخراج أصوات وفق سرعة ودينامية محددة- موجه بالمعارف المصطلحية،أي بمخزون الكلمات التي نمتلكها. الدماغ يحتاج إدراك ما ينطق كسلسلة كلمات متعرف عليها-أو مفهومة- لتخصيص نطق لهده الوحدات اللغوية.
غالبا ما نفضل فهم مشاهد الفيلم مع الاستغراق في جو البلد والممثلين، وهذا مفهوم من اجل المتعة.لكن إذا أردنا أن نتقدم في تعلم لغة وفهم شخوصها، تظهر النسخة الأصلية لفيلم مع الحوار المكتوب باللغة الأصلية تجربة غنية جدا...
البحث:
H.Mitterer et al., foreign subtitles help but native-language subtitles harm speech perception, in PLoSONE, vol.4, p7785, 2009
مختصرات
العاب على مقاس الشخص
آخر صيحة العاب الفيديو تتمثل في شخصنتها:بإمكان اللاعب ابتكار شخصية تشبهه كثيرا،بملابسها،تسريحة شعرها،طولها ،لون عيونها، عمرها..لاحظ بيتر فيشر من جامعة غراتس-النمسا أن التمثل بشخص بسلوكياته العنيفة في العاب الحرب،قيادة السيارات والرياضات العنيفة يترجم إلى سلوكيات عنيفة أيضا في الحياة الواقعية.اليوم تحقق صناعة العاب الفيديو مداخيل أعلى من مداخيل السينما.
العلاقات خارج إطار الزواج مؤلمة للقلب
قد تكون العلاقات السرية رومانسية ومثيرة،لكن لها اثر سلبي على الصحة،وذلك وفقا لدراسة جامعة كولورادو أنجزتها عالمة النفس جيستين ليميلير.إذ يظهر أن الشريكين لهم متاعب صحية مرتبطة بالإجهاد-اضطرابات الهضم،النوم،والشرايينية القلبية- أكثر من أولئك الأشخاص ذوي ضمير مرتاح.إضافة أن العلاقة خارج الزواج ملغومة منذ البداية:من شأن الحفاظ على الأسرار أن لا يحرر الشريكين كليا احدهما للآخر،أن يسهل علاقة حميمية وتواطئية،لان ذلك يتطلب عقلا هادئا ومسترخيا.هذه هي نتيجة المغامرة.
للمزيد
Cerveau et Psycho N-37, p.5, L’Actualité des sciences cognitives, Janvier-Février 2010
* كاتب ومترجم متخصص في علم النفس
chaqib@yahoo.fr
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه