أماني بنت علي
التوبي
اكتشف الإنسان منذ أكثر
من 7000 عام شجرة اللبان، وقد تعرف على فوائدها الطبية والعلاجية، و استهواه
رائحتها الزكية والمميزة، كما أن شجرة اللبان استهوت ملوك وأباطرة وقياصرة العالم
من الصين إلى روما.
وتعتبر سلطنة عمان
موطنا لشجرة اللبان في البراري الحصباوية وفي جبال ظفار، وقد أكتسب على مر الزمن أهمية
بالغة بحيث اعتبر اللبان بأهمية الذهب وكان من ضمن هدايا الملوك فكان يقبل على
شرائه النبلاء والأغنياء ويحرصون على اقتنائه.
ويصف المؤرخ الروماني
بليني مادة اللبان بأنها بيضاء لامعة تتجمع في الفجر على شكل قطرات أو دموع كأنها
اللؤلؤ، والمقصود باللؤلؤ المادة الراتنجية التي تنتج عند جرح شجرة اللبان في
مواقع معينة.
ظفار
وشجرة اللبان
عرف سكان ظفار شجرة اللبان منذ أقدم العصور ، فمنذ العصر الحجري الحديث إلى العصر الإسلامي ، ظلت القوافل المحملة باللبان الظفاري تسلك الطريق نفسه ، التي أنشأها العرب والرومان .. ويذكر ياقوت الحموي أن العرب كانوا يعبرون الربع الخالي بصورة دائمة في رحلة تمتد خمسة وأربعين يوما ، وقد ظل العرب يذكرون الطريق من ريسوت في ظفار إلى بغداد عبر الربع الخالي حتى ثلاثينات القرن الماضي . وكان للبخور الظفاري دور بارز في النشاط التجاري بين المناطق العربية القديمة من جانب والحضارات المختلفة المحيطة بها من جانب أخر .
وإذا كانت شجرة اللبان قد حظيت عبر ثمارها بهذا الحضور التاريخي الهائل ، الذي جعل منها جسرا للتواصل بين حضارات العالم القديم قبل أكثر من سبعة ألاف سنة عندما جعلت القوافل التجارية تتحرك في مسارات شاقة من ظفار إلى شواطئ جنوب العراق وإلى بلاد الشام ومصر القديمة وحتى غزة الفلسطينية الساحلية التي حملت منها السفن ثمار الشجرة الظفارية إلى البلدان الأوربية وخاصة روما القديمة.
إذا كان هذا هو شأن الشجرة النابتة دائما في صحراء ظفار فما قصتها ؟؟
أوائل شهر إبريل من كل عام يبدأ جمع الثمار ب ( تحريج ) الشجرة في
مواضع متعددة وذلك بواسطة أداة صغيرة تسمى (المنقف ) الضربة الأولى للشجرة يسمونها
(التوقيع ) ويتلوها خروج سائل لزج حليبي سرعان ما يتجمد فيترك لأسبوعين تقريبا
وبعدها تبدأ المرحلة الثانية حيث تكون الثمار في هذه المرة أقل جودة من المرة الأولى
أما الجمع الحقيقي فيبدأ بعد أسبوعين من التحريج حيث ينقرون الشجرة للمرة الثالثة
وفي هذا الحال ينضج السائل البني ذو النوعية الجيدة والذي يعد تجاريا من مختلف
الجوانب الملائمة ويكون لونه مائل للصفرة وإذا كانت الضربة الأولى تسمى التوقيع
فإن الضربات التالية تسمى ( السعف ) .
عشرة كيلو جرامات هو متوسط إنتاج شجرة اللبان ويصل ما تنتجه محافظة
ظفار في العام الواحد إلى سبعة ألاف طن تقريبا وهو ما يمكن تقدير قيمته المبدئية
بحوالي ثلاثين مليون ريالا عمانيا.
ويستخدم سكان ظفار اللبان في ماء الشرب لاعتقادهم أنه يساعد على (الإدرار ) كما أنه يجعل الماء باردا ونقيا .
وأهل نجد ( بدو
الصحراء الظفارية ) فإنهم يستخدمون اللبان بخورا في أماكن تجمع الماشية . ومن بين
مجالات استخدام اللبان في ظفار احتفالات الزواج وحفلات الرقص مثل رقصة ( الهبوت )
التي تكون على شكل دائرة كبيرة توضع في وسطها المباخر المتوهجة من بعد صلاة العصر
وحتى المغرب وفي حالات الولادة لتعطير الغرفة وطرد الروائح الكريهة وعلى أبواب
المنازل في الصباح الباكر ...
متحف أرض اللبان
بنت الحكومة
العُمانية "متحف أرض اللبان" في قلب الموقع التاريخي المسجل في قائمة
التراث العالمي لدى اليونيسكو منذ عام 2000 لتحوله إلى منتزه أثري وسياحي، وذلك
بعد استشارة المنظمة الدولية.
وقد اختارت
اليونيسكو موقع البليد الذي يعتبره خبراء الآثار بقايا المدينة الإسلامية الأثرية
الأكثر أهمية على ساحل بحر العرب، لكونه جزءا من الموطن التاريخي لشجرة اللبان
التي اشتهرت بها سلطنة عُمان والتي كانت أهم صادراتها إلى الخارج في العصور
القديمة.
وحول ذلك قال
عبدالعزيز بن محمد الرواس مستشار السلطان قابوس للشئون الثقافية "إن وضع هذا
الموقع على قائمة التراث العالمي شكل قيمة مضافة لكنوز عُمان الأثرية في منظومة
التراث الثقافي والطبيعي التابعة لليونيسكو استنادا إلى حيثيات علمية ومعايير
عالمية".
ويحوي متحف ارض
اللبان على شواهد على معالم وحضارة وتاريخ عُمان في مختلف العصور مع مختلف حضارات
العالم بحكم العلاقات التجارية مع الموقع الجغرافي.
وشارك في تصميم
المتحف الذي يقع في المتنزه الأثري فريق من الخبراء والأكاديميين الفرنسيين
واللبنانيين واستمر العمل فيه حوالي سنتين.
ويشمل المتحف -
وفقا لنفس المصدر - قاعتين، الأولى مخصصة للتاريخ وتحوي شواهد حضارية للتراث
الثقافي العُماني عبر العصور، والثانية لنماذج مصغرة للسفن العُمانية وموجزا
لعلاقة العُمانيين بالبحر.
وقال جورج زوين
مدير المشروع "ان المتحف صمم ليكون مزارا سياحيا وقبلة للباحثين، هو متحف
صغير لكنه يعطي نبذة شاملة عن عُمان منذ بداية وجود الأرض العُمانية وحتى اليوم".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه