من هو أشعب أطمع العرب؟
أشعب بن جبير، مولى عبد الله بن الزبير ، ولد سنة تسع من الهجرة ، ونشأ بالمدينة ، وكان من القراء ، حسن الصوت ، شديد الطمع ، حتى ضرب به المثل ، فقيل : « أطمع من أشعب » وله في ذلك نوادر وملح ، نورد لك طرفا منها :
قيل له : ما بلغ من طمعك ؟ قال : ما نظرت قط إلى اثنين يتساران في جنازة إلا قدرت أن الميت قد أوصى لى من ماله بشيء ، وما أدخل أحد يده في كمه إلا ظننت أنه سيعطيني شيئا .
ومر برجل يصنع طبقا فقال له : أسألك
بالله إلا في سعته طوقا أو طوقين ، قال : ولم ؟ قال : عسى أن يهدي إلى فيه شيء .
واجتمع عليه يوما غلمان المدينة يعابثونه ، فقال لهم : إن في دار بنی فلان عرسا ، فانطلقوا وتركوه ، فلما مضوا قال : لعل الذي قلت من ذلك حق ، فمضى في إثرهم نحو الموضع ، فلم يجد شيئا .
ودعا الى طعام رجل من أهل المدينة نفرا من خلانه إلى مأدبة من حيتان ، فبينا هم يأكلون إذ استأذن أشعب ، فقال أحدهم : إن من شأن أشعب أن يعمد إلى أجل الطعام . فاجعلوا كبار هذه الحيتان في آنية بناحية ، ويأكل معنا الصغار ، ففعلوا وأذن له . فقالوا : ما رأيك في الحيتان ؟ قال : والله إن لي عليها لحردا(الغضب) شديدا وحنقا لأن أبي مات في البحر
وأكلته الحيتان ، فقالوا له : دونك فخذ بثأر أبيك . فجلس ومد يده إلى حوت منها صغير ، ووضعه عند أذنه ، وقد نظر إلى الآنية ذات الحيتان الكبيرة .
فقال أتدرون ما يقول لي هذا الحوت ؟ قالوا : لا ، قال : يقول إنه لم يحضر موت أبي ، ولم يدركه ، لأن سنه تصغر عن ذلك ، ولكن قال لي : عليك بتلك الكبار في زاوية البيت فهي التي أدركت أباك وأكلته .
وحدث مرة قال : امرأتی اطمع منی ، قيل له : وكيف ذلك ؟ قال : إنها قالت لي : لا يخالج قلبك من الطمع شيء يكون بين الشك واليقين إلا تيقنته .
وقيل له : هل خُلق خلق أطمع منك ؟ قال : نعم ، أمي ، فإني كنت إذا جئتها بفائدة قد أعطيتها ، قالت : ما جئت به ، فأتهجي لها الشيء حرفا حرفا ، ولقد أهدى إلينا مرة غلام فقالت : ما أهدى إلينا ؟ قلت . « غين » قالت : ثم ماذا ؟ قلت : «لام»، قالت : ثم ماذا ؟ قلت : « ألف » قالت ثم ماذا ؟ قلت : « میم » فأغمی عليها ، ولو لم أقطع الحروف لماتت فرحا .
ودعاه بعض إخوانه إلى طعام ، فقال أخاف أن يجيء ثقيل ، فقال له : ليس معنا ثالث ، فمضى معه ، وحضر الطعام ، فإذا بداق يدق الباب ، فقال : ترى أن قد صرنا إلى ما نكره . قال : إنه صديق وفيه عشر خصال إن كرهت واحدة منهن لم أذن له ، قال : هات ، قال : أولاها أنه لا يأكل ولا يشرب ، قال : التسع لك ، قل له يدخل .
وساوم رجلا بقوس فقال له : ثمنها دینار ، فقال أشعب : والله لو أنك رميت بها طائرا في السماء ، فوقع مشويا بين رغيفين ، ما اشتريتها منك بدينار أبدا .
وسأله رجل أن يسلفه ويؤخره ، فقال : هاتان خصلتان ، فإذا قضيت إحداهما فقد أنصفت ، قال الرجل : رضيت ، فقال أشعب : فأنا أؤخرك ما شئت ولا أسلفك .
وسألته امرأة خاتما فقالت : أذكرك به ، فقال : اذكري أنك سألتيني ومنعتك.
وقيل له : ما حفظت من الحديث ؟ فقال :
حدثنی نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من كان فيه خصلتان
كتب عند الله خالصا مخلصا » . قيل له ما هاتان الخصلتان ؟ قال : نسی نافع واحدة
ونسيت أنا الأخرى .
ونظر الى رجل قبيح الوجه، فقال له : ألم ينهكم سليمان بن داود عن ان تخرجوا بالنهار؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه