مدونة ثقافية تعنى بالإبداع والابتكار والتنمية البشرية

اخر الأخبار

Post Top Ad

الخميس، 13 ديسمبر 2007

بعد سنة الكوارث: ماذا تحمل 2008؟

نجيب صعب : صندوق الملك عبد الله للطاقة والبيئة وتغيّر المناخ  مبادرة تضع العرب على خريطة العالم الحديث

محمد التفراوتي


نوه نجيب صعب بمبادرة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز في قمة الدول المصدرة للبترول التي عقدت مؤخراً في الرياض، بتخصيص 300 مليون دولار كنواة صندوق لأبحاث الطاقة والبيئة وتغير المناخ، ومساهمة الكويت والإمارات وقطر في الصندوق بمبلغ 150 مليون دولار لكل منها، وتعهد الدول النفطية في "إعلان الرياض "بالتزام ثلاثة مبادئ هي: تأمين الإمدادات، واستقرار الأسعار، والحفاظ على البيئة. واستنتج  صعب" في افتتاحية العدد117 من مجلة "البيئة والتنمية بعنوان "مبادرة تضع العرب على خريطة العالم الحديث في هذه العملية "استجابة لدعواتنا المتكررة إلى العرب بأن يتغيروا، قبل أن يغيرهم المناخ!"

جاء هـذا التحول في موقف ''أوبك''، وعلى لسان زعيم أكبر دولة مصدرة للبترول، في الوقت المناسب. فبينما كانت قمة ''أوبك'' ، يفيد الأستاذ نجيب صعب رئيس تحرير مجلة البيئة والتنمية في افتتاحية العدد الجاري، تفتتح أعمالها في الرياض، كان الأمين العام للأمم المتحدة يعلن، من مدينة فالنسيا الإسبانية، التقرير التحليلي الرابع للهيئـة الحكومية لتغير المناخ، بكلمات صريحة:" المناخ حتماً يتغير، وعلى العالم العمل فوراً لمواجهة الكارثة. بعض المضاعفات الناجمة عن تغيّر المناخ لا يمكن تصحيحها، لكن يمكننا العمل لتخفيف أثرها والإعداد للتأقلم معها. مستوى البحار سيرتفع حتماً حتى 59 سنتيمتراً خلال هذا القرن، لكن هناك احتمالاً لحصول تغيّرات سريعة ومفاجئة قد تؤدي إلى ذوبان جبال الجليد وانهيارها في جزيرة غرينلاند في المنطقة القطبية الشمالية، مما يرفع البحر سبعة أمتار. إحدى عشرة سنة من السنوات الاثنتي عشرة الماضية كانت الأكثر حرارة منذ بدء تدوين سجلاّت لدرجات الحرارة قبل 160 سنة. غازات الدفيئة، المسببـة لتغـير المناخ، وفي طليعتها ثاني أوكسيد الكربون، ازدادت بنسبة 80 في المائة بين 1970 و2004. ومن أكثر المناطق تأثراً حوض البحر المتوسط وشبه الجزيرة العربية".

وعلى إثر ذلك يتسائل الأستاذ صعب  عن "ماذا يفعل العرب للتأقلم مع النتائج الكارثية ومجابهتها، من ازدياد الجفاف وأثره على الزراعة، إلى تفاقم ندرة المياه العذبة، إلى أثر ارتفاع البحار على امتداد 18 ألف كيلومتر من الشواطئ العربية المأهولة؟" وذلك لكون الاستنتاجات السالفة ، يضيف الأستاذ صعب ،لا يجد البعض فيها جديداً،" فقد قرأناها قبلاً في تقارير العلماء وعلى صفحات المجلات، ومنها ''البيئة والتنمية''. الجديد أنها اليوم تصدر بإجماع عالمي لا يستثني أحداً. في مواجهة هذه الحقائق الدامغة".

مؤكدا في نفس السياق على أنه من الظلم تحميل الدول المنتجة للنفط مسؤولية تفاقم ظاهرة تغيّر المناخ رغم أن انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون الناتجة من الوقود الأحفوري هي المسؤول الأول عن الظاهرة وذلك لان النفط كان المحرك الرئيسي للنشاط الصناعي والتقدم الذي شهده العالم خلال العقود الماضية. وما رفع ''الطلب'' على النفط هو نهم الدول الصناعية إلى الطاقة لتحريك العجلة الاقتصادية، فكان من الطبيعي أن توفّر الدول المنتجة ''العرض'' الكافي لتأمين الاحتياجات. وهي أمّنت النفط، لعقود طويلة، بأسعار رخيصة تقلّ كثيراً عن قيمته الفعلية.

"وما نشهده اليوم من ارتفاع في سعر برميل النفط ما هو إلا تصحيح طبيعي. وقد كتبنا منذ سنوات أن السعر الحقيقي للبرميل، إذا أخذنا في الاعتبار القوّة الشرائية ومعدلات التضخّم والقيمة الاستراتيجية للنفط كمورد معرّض للنضوب، هي أقرب إلى مائتي دولار منها إلى مئة. وكنا اقترحنا في بداية التسعينات، في تقرير رفعناه بطلب من جهة عربية نفطية، حين بدأت الدول الأوروبية تتحدث عن ''ضريبة الكربون''، أن تطالب الدول المصدرة للنفط بحصة من هذه الضريبة لا تقل عن نصفها، بدل معارضتها بحجة أن لا إثباتات علمية على أن المناخ يتغيّر".وأضاف رئيس تحرير مجلة البيئة والتنمية أن الدول المصدّرة للنفط أضاعت كثيراً من الوقت، حين خاضت معركة خاسرة، إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية، للتشكيك في الحقائق العلمية حول تغيّر المناخ ومسبباته.

وإذا كان الأمريكيون يريدون استمرار الحصول على إمدادات رخيصة لتمويل العادات الاستهلاكية المفرطة، فليس للدول المصدّرة مصلحة في هذا. ذلك أنّ النفط، يؤكد الأستاذ صعب، سيبقى المصدر الأساسي للطاقة خلال العقود المقبلة، ومن الأفضل بيع مليون برميل بسعر مائة دولار للبرميل الواحد، بدلاً من بيع مليوني برميل بثلاثين دولاراً." أما الحجة التي عرضناها لطلب اقتسام ''ضريبة الكربون'' بين الدول المستهلكة والدول المصدّرة، فهي أنّ الدول المنتجة تحتاج إلى هذا الدخل الإضافي لتطوير أساليب إنتاج النفط بما يحافظ على البيئة، ناهيك عن احتياجاتها، وهي جميعاً دول في طور النمو، إلى تطوير مؤسساتها وتنمية شعوبها اقتصادياً واجتماعياً، ودعم جيرانها من الدول الفقيرة حفاظاً على الاستقرار الإقليمي".
وحمل الأستاذ صعب مسؤولية التقصير الفعلي كان من الدول الصناعية المستهلكة، التي تقاعست عن تطوير تكنولوجيات لاستخدام الطاقة بكفاءة، ومنع الهدر وتخفيف التلويث. فالتلويث ينتج في الأساس عن الذين لم يضعوا ضوابط على الطلب، وليس عن الذين أمنوا العرض للحفاظ على استقرار الأسواق. معتبرا أنه من الظلم، مثلاً، أن نجد دراسة عن الأثر البيئي للنفط، وقد وضعت دولة الإمارات في طليعة البلدان الملوثة، بناء على حجم إنتاجها النفطي، الذي تصدّر معظمه للاستهلاك الخارجي في الدول الصناعية، وليس بناء على استهلاك الإمارات الداخلي.

"المبادرة الشجاعة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، بإنشاء صندوق لأبحاث الطاقة والبيئة والتغير المناخي، هي بداية الاستجابة الجدية لهذا التحدي. لكن هذه المبادرة لا تأتي من فراغ، بل هي استمرار لنهج جديد يعبّر عن نظرة متطورة تؤمن بضرورة استثمار دخل النفط في العلم والتكنولوجيا. ألم يطلق الملك عبد الله منذ أسابيع مبادرته لإنشاء ''جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية''، برأسمال أولي يبلغ ألف مليون دولار؟ وقد بدأ العمل فعلاً لترى الجامعة النور سنة 2008.وليست هذه مبادرة يتيمة في المنطقة العربية. فقبل شهور أعلن الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس دولة الإمارات وحاكم دبي، عن عزمه إنشاء صندوق لدعم البحث العلمي برأسمال قدره عشرة بلايين دولار. وكانت أبو ظبي قد أطلقت مبادرة ''مصدر''، لتطوير تكنولوجيات الطاقة المتجددة. وهذه خطوة ذكية، لأن العالم العربي كله غني أيضاً بمصادر الطاقة المتجددة، التي علينا المشاركة في تطوير تكنولوجياتها، لنكون شركاء فعليين، لا مستوردين في مستقبل قد لا يتعدى عقوداً قليلة".
 
وقال الأستاذ صعب "إنها مجموعة من المبادرات التي، إذا ما نفذت بعناية، كفيلة بأن تضع الوطن العربي على خريطة العالم الحديث. وهي مبادرات فذة، تعبّر عن رؤيا خلاقة للمستقبل. لكنها يجب ألا تحجب ضرورة القيام بخطوات سريعة موازية لمعالجة بعض المعضلات البيئية العاجلة والملحّة. فتطوير تكنولوجيات الطاقة المتجددة يجب ألا يُنسي حكوماتنا ضرورة ترشيد استخدام الطاقة التقليدية، في مصانعنا وبيوتنا ومكاتبنا وسياراتنا. وتوسيع القدرات في تحلية مياه البحر يجب ألا يحجب ضرورة ترشيد استخدام المياه ووقف الهدر فوراً، خاصة في بعض دول الخليج التي يفوق استهلاك الفرد من المياه فيها جميع المعدلات العالمية. ناهيك عن وضع قيود على مواصفات ناطحات السحاب الزجاجية التي تنمو كالفطر وسط قيظ الصحراء، فتمتص حرارة الشمس لتضاعف احتياجات الطاقة للتبريد، بدلاً من استغلال الشمس كمصدر متجدد للطاقة. إن إهمال المشاكل الآنية الملحة، التي يمكن حلها بتدابير فورية، في انتظار نتائج المشاريع الكبرى، هو هروب إلى الأمام".
 
مستبشرا أخيرا على أننا اليوم" على يقين أن العالم يتغيّر، ونحن نتغيّر معه... في الاتجاه الصحيح. ونحن نرى في هذه المبادرات الشجاعة استجابة لدعواتنا المتكررة إلى العرب بأن يتغيّروا، قبل أن يغيّرهم المناخ!"

وتناول الموضوع الرئيسي لعدد 117 من مجلة "البيئة والتنمية" مستقبل البيئة العالمية والعربية و أهم التغيرات التي حدثت خلال عشرين سنة، وتقييم للحالة الراهنة للغلاف الجوي والأرض والمياه والتنوع الأحيائي، وأضواء بيئية على إقليم غرب آسيا، وسيناريوهات للمستقبل.

ويتناول مقال عن التلوث الإشعاعي في العراق اكتشاف مستوى عالٍ من الإشعاع في حقل للنفط، والتعتيم الرسمي والدولي على هذا التلوث الخطير الذي يحصد أرواح العراقيين ويتسبب في أمراض سرطانية وولادات مشوهة. ومن مدينة ريميني الايطالية إضاءات على معرض "ايكوموندو". وفي موضوع شائق بعنوان "قبلة سم" تحذير من الرصاص الموجود في أحمر الشفاه، إضافة إلى 12 مادة خطرة في مستحضرات التجميل. وفي العدد عرض لفعاليات دورة حول بناء قدرات الجمعيات البيئية العربية في التخطيط والبرمجة والتمويل، نظمها المنتدى العربي للبيئة والتنمية في البحرين.

ويتضمن قسم "كتاب الطبيعة" تحقيقاً مصوراً عن المحار العماني الفاخر "أذن البحر" الذي يزرع تجارياً لموائد العالم، وأجمل صور الحياة الفطرية لسنة 2007. ومن المواضيع الأخرى: الجمعيات البيئية في تونس، حملة "النظافة العربية" في منطقة الخليج، أولمبياد بيجينغ 2008 هل يكون أخضر؟ على طريق الأمازون السريعة، "ماء" البلاستيك سم يتسرب إلى الطعام والشراب، فضلاً عن الأبواب الثابتة: رسائل، البيئة في شهر، عالم العلوم، سوق البيئة، المفكرة البيئية، المكتبة الخضراء. وفي العدد ملحق عن مشاريع ونشاطات برنامج الأمم المتحدة للبيئة في المنطقة العربية. بالإضافة إلى نشرة "بيئة على الخط"، البرنامج الذي تديره مجلة "البيئة والتنمية" لتلقي الشكاوى البيئية ومتابعتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه

Post Top Ad

الصفحات