أحيانا تواجه المؤسسات مشاكل لا تعرف من اين بدأت وكيف تتصرف لحلها، وفي كثير من الأحيان تكون أسباب تلك المشاكل مجهولة وخفية.
القصة التالية تتناول احد تلك المشاكل التي واجهها احد مصانع إطارات السيارات واليت كادت ان تدمر المصنع بشكل كامل.
يقول أحد مدراء الجودة :
اتصل بي رئيس مجلس أدارة الشركة، وقال تعال الى مكتبي بسرعة، لدينا مشكلة في مصنع الإطارات (دواليب).
وهذا المصنع ينتج الإطارات منذ سنوات و بشكل جيد وجودة عالية، ولكن فجأة ومنذ ستة أشهر بدأ المصنع في أنتاج إطارات تنفجر بعد بضعة كيلومترات من الاستخدام.
ولا يعرف أحد السبب، لذلك فأنني أريدك أن تذهب إلى المصنع فوراً وتكتشف لي ما هو السبب.
وصلت المصنع وباشرت في التحقيق فوراً، وكان أول ما لفت نظري هو مدخل المصنع حيث تم وضع صور لأفضل الموظفين والإداريين المتميزين والذين عملوا بجد ونشاط خلال ذلك الشهر.
وبدأت البحث مباشرةً من الإدارة حتى أصغر موظف في المصنع ولكن ولا واحداً منهم يعرف أسباب هبوط جودة الإطارات المفاجئ.
قررت المبيت في المصنع حتى اتوصل الى أساس المشكلة.
وفي الصباح كانت البداية هي من أول خط الإنتاج للإطارات وقمت بمتابعة عملية تصنيع الإطارات من نهاية خط الإنتاج وحتى خروجه الإطارات من المصنع.
وكانت المفاجأة بأن كل شيء طبيعي وصحيح وبناءاً على معايير الجودة للمصنع - إذاً لماذا ينفجر الإطار بعد بضعة كيلومترات من الاستخدام.
قررتَ الاجتماع بجميع المهندسين والإداريين والموظفين في المصنع واحضرت معي خطة الإنتاج وقمت بتحليل المواد الخام المستخدمة في صناعة ذلك الإطارات حتى نصل إلى حل لمشكلة الإطارات.
علماً بإن تحليل المواد الخام المستخدمة في الإطارات أثبت بأنها ممتازة جداً ومطابقة للمواصفات الدولية لصناعة الإطارات - ولا يوجد أي سبب مقنع لأنفجار الإطارات.
وأصبحت في حيرة من أمري وأصبت بالإحباط وقررت أن اتمشى مرةً ثانية في المصنع للبحث عن أفكار ممكن أن تساعدني على حل الموضوع.
وهنا لفت نظري مرةً ثانية اللوحة التي تحتوي على صور واسماء الموظفين والإداريين المتميزين في مدخل المصنع.
حيث لاحظت بأن أحد المهندسين هو على راس قائمة الموظفين المتميزين.
وما لفت نظري أكثر بأن هذا المهندس كان على رأس القائمة لمدة ٦ أشهر متواصلة - أي منذ بدأت مشكلة إنفجار الإطارات بدون سبب.
ولا ادري لماذا بدأت أن اربط مشكلة إنفجار الإطارات بدون سبب مع هذا المهندس المتميز الذي تم ذكر اسمه ٦ مرات متواصلة على لوحة الموظفين المتميزين.
لذا قمت بطلب هذا المهندس للمقابلة في مكتبي والتحدث معه عن إنجازاته والتي كانت سبباً في تفوقه لمدة ٦ أشهر متوالية.
قال:
أن سبب تميزي في الشركة هو انني قد استطعت أن أوفر الملايين من الدولارات للمصنع والشركة.
فقلت له:
وكيف استطعت أن تحقق ذلك؟
قال:
بكل بساطة قمت بتقليل عدد الأسلاك المعدنية في الإطارات وهكذا استطعنا توفير مئات الأطنان من المعادن يومياً وتقليل تكلفة صناعة الإطارات وزيادة الربحية.
هنا عرفت سبب مشكلة إنفجار الإطارات بدون سبب.
الحكمة
عندما تُدار المؤسسات على عقلية - الإدارة المتميزة بناءاً على تقليل التكلفة (Cost Cutting) والنظر الى الأرقام فقط وتجاهل الكفاءة في الخدمة أو المنتج - فإن المؤسسة ممكن أن تنجح على المدى القصير (والقصير جداً) ولكن مؤكداً النهاية ليست ببعيد.
عندما تكون الأرقام اهم من الإنسان والمسميات الوظيفية اهم من كفاءة الموظفين وتكون رؤية ورسالة وقيم المؤسسة هي شعارات فقط ومواضيع إنشائية فإنها تستطيع أن تحصل على جسد الموظف ولكن بدون عقل وقلب.
ليس بالضرورة أن يكون الانسان فاسداً أو سارقاً ليؤذي ويدمر من حوله، فقط يكفي أن يفتقر الى الحكمة والمعرفة الصحيحة في اتخاذ قراراته.
مصدر الصورة pixaba
المصدر صفحة BeManager
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه