لا يقل تأثير الألوان على إمتاع البصر ، وراحة النفس ، ورياضة الذوق ، بل يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك ، فللألوان سلطانها الشامل على النفوس والطبائع والأمزجة .
وفي مقدور رجال الأعمال في دنيا التجارة والصناعة ، استغلال قوة التأثير الكامنة في الألوان ؛ لزيادة الإنتاج وبيعه على أوسع نطاق .
لقد أدرك علماء النفيس من أبحاثهم ، أن الحرارة ليست شيئا ماديا فحسب ، بل هي شيء نفسي ، يرتبط مزاجنا وأحاسيسنا ، وعلى ذلك : أصبح استخدام الألوان المناسبة في المنازل ، والمصانع ، والمكاتب .. أمرا له أهميته ، في ضمان الشعور بالدفء في الوقت المناسب ، وقد ثبت أن من الألوان ما يوحي بالشعور بالدفء، كاللون الأحمر ومشتقاته ، ومنها ما يوحي بعكس ذلك كاللون الأبيض والأزرق .
وقد نلاحظ في أحد المصانع سأم العمال وتعبهم ومللهم في الساعات الأخيرة من اليوم ، مع كثرة ما يكسرون من أدوات ، ولما نفذت إدارة المصنع نصيحة خبراء الألوان ، غيروا لون الجدران والمناضد من اللون البني إلى اللون الأزرق السماوي ، قلت حوادث الكسر ، وارتفعت أرقام الإنتاج .
وفي حانوت لبيع الأحذية ، قلت المبيعات حين فرشت في أرض الحانوت سجادة جديدة ، تزینها رسوم صارخة حمراء ، وكان من حسن حظ التاجر أن زار الحانوت أحد منظمي الزينة ، الذين يترددون عليه ، فلاحظ أن المشترين تنصرف أنظارهم عن شكل الحذاء ولونه ، إلى شكل السجادة ولونها المتميز الصارخ ، فأشار بأن تستبدل بها سجادة أخرى ، ذات لون رمادي أزرق ، لا يجتذب انتباه الحرفاء إليه ، وباتباع هذه النصيحة زادت المبيعات .
وفي متجر للحوم بمدينة شيكاغو ، انخفضت المبيعات بعد دهن جدرانه وقفية باللون الأصفر ، ولم يدرك صاحب المتجر أن اللون الأصفر ، كان يوحى لزبائنه بأن اللحوم فاسدة ، حتى نبهه أحد خبراء الألوان إلى ذلك ، فلما أعيد دهان الجدران من جديد باللون الأزرق الخفيف ، بدت اللحوم أشد ځمرة من المعتاد ، وبدت العظام أكثر بياضا مما كانت ، فكانت بذلك موضع إعجاب الناس ، فعاد لذلك المتجر نشاطه السابق .
ومن قوۃ تأثير الألوان ، نذكر ما حدث في أحد الفنادق بأمريكة ، فقد اجتمع الضيوف حول مائدة العشاء ، حيث كانت مملوءة بأحسن الأطعمة وأجملها شكلا ولونة ، وفجأة وفي أثناء تناول الطعام تغير لون المصابيح وراحت تشع أضواء غريبة ، فأصبح لون الخضراوات قبيحة ، واضحت شرائح اللحم خضراء اللون ، وتحول لون اللبن دما ، وبدت السلطة في لون بغيض ، ولم تمض فترة قصيرة حتى هجر الجميع المائدة بسبب هذه الألوان المنفرة ، وخسر الفندق - بسبب هذا الحادث - الكثير من زبائنه .
وفي لندن كثرت حوادث الانتحار من فوق أحد الجسور المقامة على نهر التيمز ، وكان مدهونا بطلاء أسود اللون ، وعندما أعيد دهانه بلون أخضر قلت حوادث الانتحار ، مما يدل على أن هناك ألوانا تخفف من حدة الغضب والانفعال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه