مدونة ثقافية تعنى بالإبداع والابتكار والتنمية البشرية

اخر الأخبار

Post Top Ad

الأحد، 25 أغسطس 2024

الفراغ العدو الحقيقي للإنسان وسبب التعاسة

 


في عالم مليء بالتحديات والمسؤوليات، قد يعتقد البعض أن الفراغ هو وقت للراحة والاستجمام، ولكن الحقيقة تكمن في أنه العدو الحقيقي للإنسان.

 

الفراغ يجر الإنسان نحو التعاسة والبؤس، ويضخم مشاعره السلبية بشكل ملحوظ، هذه الفكرة تتجلى بوضوح في مقولتين شهيرتين، الأولى لمحمد شكري، والثانية لغازي القصيبي، اللتين تقدمان رؤية عميقة حول تأثير الفراغ على نفسية الإنسان.

 

 الفراغ والتضخم العاطفي

 

يقول محمد شكري: "على المرء أن يبقى مشغولاً للحد الذي يلهيه عن تعاسته".

 

هذه المقولة تعكس حقيقة نفسية أن الانشغال يعمل كدرع واقٍ من المشاعر السلبية، فعندما يكون الإنسان مشغولًا، لا يجد الوقت للتفكير في مشاكله أو التركيز على ما ينقصه، مما يجعله أقل عرضة للشعور بالتعاسة.

 

إن الفراغ، على الجانب الآخر، يعمل على تضخيم هذه المشاعر، فهو يضخم الألم والتعب، ويزيد من حدة العواطف السلبية التي قد يشعر بها الإنسان في لحظات الضعف.

 

أما غازي القصيبي فيقول: "العمل لا يقتل مهما كان شاقا ولكن الفراغ يقتل أنبل ما في الإنسان".

 

هنا يؤكد القصيبي على أن العمل، مهما كان صعبًا أو مرهقًا، لا يؤدي إلى الضرر الذي يسببه الفراغ،  بل على العكس، العمل يسهم في بناء شخصية الإنسان وتطويرها، بينما يؤدي الفراغ إلى تآكل هذه الشخصية وإضعافها.

 

الفراغ يترك للإنسان مجالًا واسعًا للانغماس في أفكاره السلبية، ويجعله يشعر بالعجز والضياع، مما يؤدي إلى تدمير "أنبل" ما في داخله.

 

 الانشغال كحل للتوازن النفسي

 

الحقيقة التي يمكن استنباطها من هذه المقولات هي أن الانشغال ليس مجرد وسيلة للابتعاد عن التعاسة، بل هو أيضًا مفتاح للتوازن النفسي، لذلك الإنسان الذي يبقى مشغولًا في أعماله ومهامه يكون أكثر اتزانًا في انفعالاته تجاه الحياة، هذا الاتزان ناتج عن عدم وجود وقت كافٍ للانجراف خلف المشاعر السلبية أو الوقوع في فخ الفراغ القاتل.

 

إن الانشغال يعزز من قدرة الإنسان على التعامل مع الضغوط والتحديات اليومية بشكل أكثر فعالية، فهو يملأ الفراغ بأمور إيجابية ويمنع العقل من الانغماس في الأفكار السلبية.

 

وبهذا، يصبح الانشغال أداة لتحقيق السعادة والاستقرار النفسي، على عكس الفراغ الذي يمكن أن يقود إلى الاضطراب والقلق.

 

ختاما بينما قد يبدو الفراغ لبعض الناس فرصة للراحة، فإنه في الواقع يمثل خطرًا كبيرًا على الصحة النفسية للإنسان.

 

فكما أشار محمد شكري وغازي القصيبي في مقولتيهما، الانشغال والعمل هما الحصن الذي يحمي الإنسان من الوقوع في شرك التعاسة والبؤس، اذ ان الفراغ يضخم العواطف السلبية ويقتل الإبداع والطاقة الإيجابية داخل الإنسان، مما يجعله العدو الحقيقي الذي يجب الحذر منه.

 

لذلك، من المهم أن يبقى الإنسان دائمًا مشغولًا بأمور تساهم في نموه الشخصي وتطويره، ليحافظ على توازنه النفسي وسعادته في الحياة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه

Post Top Ad

الصفحات