من هو ستيفن برويت؟
تخيل أن هناك شخصًا واحدًا ساهم في تشكيل ما تقرأه وتتعلمه كل يوم، دون أن تطلبه أو تراه. هذا الشخص هو ستيفن برويتSteven Pruitt ، رجل ترك بصمة واضحه في عالم الانترنت.
ربما لم تسمع باسمه من قبل، لكنه ساهم في كتابه وتحرير جزء كبير من المعلومات التي تستند إليها يوميًا، سواء كنت طالبًا، أو باحثًا، أو حتى مجرد قارئء عادي يتنقل بين صفحات الموسوعة العالمية الشهيرة المعروفة باسم " ويكيبيديا" .
ستيفن برويت الذي ولد في 17 أبريل 1984 ليس مؤسس ويكيبيديا بالمعنى الرسمي، لكنه المؤسس الحقيقي لروحها التطوعية والمعرفية. فقد قام على مدار سنوات من حياته بأكثر من 2.5 مليون تعديل على الموسوعة، وكتب 35 ألف مقال أصلي، كل ذلك دون مقابل، بدافع حب المعرفة والرغبة في مشاركة العلم مع الجميع.
بطل خلف الكواليس
عندما نفتح ويكيبيديا للحصول على تعريف أو معلومة او الاجابه عن سؤال اواستفسار، قلّما نتساءل عمّن كتب تلك الكلمات. لكن ستيفن برويت هو أحد أولئك الأبطال المجهولين الذين يعملون خلف الكواليس ليجعلوا من ويكيبيديا مرجعًا مفتوحًا وموثوقًا.
كان برويت يعمل بدوام كامل، لكن هذا لم يمنعه من تكريس ساعات طويلة كل مساء للبحث والتحرير والكتابة على ويكيبيديا. لم يكن ذلك عملًا مدفوعًا بل عمل تطوعي بالكامل، وهو شغف نقي بالمعرفة، وانتماءً حقيقيًا لفكرة أن "المعلومة حق للجميع".
هذا الشخص عمل لساعات طويلة جدا وبذل جهدا خارقا ولم يسعى لأي مقابل مادي ، بل كان يبذل كل هذا الجهد معززا فكرة العمل التطوعي لخدمة الإنسانية جمعاء.
الرقم لا يكذب: 6000 زائر في الثانية
من الصعب تخيّل أثر هذا الجهد حتى ندرك أن ويكيبيديا أصبحت اليوم واحدة من أكثر المواقع زيارة في العالم، بمعدل 6000 زائر في كل ثانية.
هذه الأرقام ليست مجرد بيانات؛ إنها شهادة على أثر آلاف المتطوعين حول العالم، يتقدّمهم ستيفن برويت، الذين جعلوا من المعرفة كنزًا متاحًا للجميع، حيث استطاع برويت ان يستقطب عدد هائل من الكتاب والمتطوعين للمساهمة في تحرير موسوعة الويكيبيديا وان يثير شغفهم حب العمل التطوعي.
لقد ساعد برويت في جعل ويكيبيديا أكثر دقة وتنوعًا، وساهم في إثراء محتواها بلغات متعددة، بما في ذلك دعم تمثيل أفضل للنساء والأقليات في الموسوعة، وهي نقطة ظلّت موضع نقد طويل للموقع.
لماذا نفعل ما نفعل؟ دروس من برويت
قصة ستيفن برويت تطرح سؤالًا مهمًا: لماذا قد يكرّس شخص حياته لمشروع لا يجني منه أي عائد مادي؟
الإجابة تكمن في القيم التي يحملها برويت، والتي نحتاج أن نستحضرها في زمن يُقاس فيه كل شيء بالربح والخسارة.
هو مثال حيّ على أن العطاء من أجل المعرفة هو استثمار لا يُقاس بالمال، بل بالأثر. لقد اختار أن يكون جزءًا من شيء أكبر، أن يُحدث فرقًا في حياة الملايين، وأن يبني جسرًا يصل بين المعلومة ومن يبحث عنها.
الإلهام الحقيقي لا يحتاج أضواءً
ستيفن لا يملك ملايين المتابعين على مواقع التواصل، ولم يظهر على أغلفة المجلات. لكنه غيّر حياة الملايين حول العالم دون أن يعرفوه. هذا النوع من التأثير هو الأعمق، لأنه لا يسعى للشهرة، بل يصنع المعنى في الظل.
قصة برويت ليست فقط ملهمة، بل تحمل دعوة صريحة لكل من يؤمن بقوة المعرفة: ابحث، اكتب، شارك. ربما لا نحرر ملايين المقالات، لكن كل مساهمة، مهما كانت صغيرة، قد تكون الفرق الذي يحتاجه شخص ما في لحظة ما.
المعرفه مسؤولية مشتركة
في عصر تتدفق فيه المعلومات من كل صوب وحدب، تزداد أهمية المصادر الموثوقة. وويكيبيديا، رغم كل ما يُقال عنها، تظل تجربة فريدة في تاريخ الإنترنت، إنها منصة يصنعها الناس من أجل الناس. وقصة ستيفن برويت تذكير حي بأن الإنترنت يمكن أن يكون مساحة للخير، إذا اخترنا أن نكون جزءًا من الحل.
ففي كل مرة تضغط فيها عزيزي القارئ على رابط خاص بموسوعة ويكيبيديا، تذكّر أن هناك أشخاصًا مثل برويت جعلوا تلك المعرفة ممكنة. وتذكّر أيضًا أن لديك القدرة على أن تكون مثلهم، وأن تترك أثرك في العالم، ولو بسطر واحد من الحقيقة.
أمجد قاسم
X@amjad
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادعم إضاءات بالتعليق على المواد المنشورة واعادة نشر موادها في شبكاتكم الاجتماعية
سيتم نشر التعليق بعد الاطلاع عليه