زيت الزيتون: الذهب السائل بين بركة التاريخ وحقائق العلم الحديث

 

الزيتون في الحضارات القديمة

يُعد الزيتون من أقدم النباتات التي عرفها الإنسان، وقد غرسه واستثمر ثماره وزيته منذ آلاف السنين. ورد ذكر الزيتون في الكتب السماوية؛ في التوراة والإنجيل والقرآن الكريم، حيث وصف الله شجرة الزيتون بـ "الشجرة المباركة". وقد عُرفت هذه الثمرة رمزاً للصحة والسلام والبركة عبر العصور .

 

التركيب الغذائي للزيتون

تتميز ثمرة الزيتون بجلدتها الخضراء اللامعة التي تتحول عند النضج إلى اللون الأسود الأرجواني، وتحتوي على مركبات الجلوكوسيدات، إضافة إلى نحو 85% من الأملاح المعدنية مثل الفوسفور، البوتاسيوم، المغنيسيوم، الكالسيوم، الحديد والنحاس. كما تعدّ مصدراً غنياً بالفيتامينات (A, B, C, E). وتمنح كل 100 غرام من الزيتون حوالي 224 سعرة حرارية.

 

الزيتون بين الطب الشعبي والحديث

ذكرت المصادر الطبية القديمة أن الزيتون وزيته يعززان الشهية للطعام، ويساعدان على الهضم، ويقويان الجسم. كما استُخدم زيت الزيتون موضعياً لعلاج تشقق اليدين، الأكزيما، تساقط الشعر، والتهابات المفاصل.

وفي الطب الحديث، أثبتت الدراسات أن زيت الزيتون يعمل كـ مُلين طبيعي، مدر للصفراء، مفيد لمرضى السكري، ويقي من الإمساك واضطرابات الجهاز الهضمي.

 

زيت الزيتون وصحة القلب

شهد العالم نقلة نوعية في فهم فوائد زيت الزيتون بعد نشر دراسة عام 1985 للدكتور "غرندي" التي بينت أن زيت الزيتون يخفض الكوليسترول الضار (LDL) ويرفع الكوليسترول النافع (HDL).

ومنذ ذلك الحين، توالت الأبحاث، خصوصاً في مؤتمر روما الطبي 1997 الذي جمع 16 من كبار العلماء وأكد أن زيت الزيتون يحمي من:

• أمراض شرايين القلب التاجية.
• ارتفاع ضغط الدم.
• مرض السكري.
• البدانة.
• بعض أنواع السرطان (خصوصاً سرطان الثدي والقولون).

 

أحدث الأبحاث الطبية (2023 – 2025)

تشير دراسات حديثة إلى أن زيت الزيتون:

• يحتوي على البوليفينولات (Polyphenols): مضادات أكسدة قوية تقلل من الالتهاب وتؤخر الشيخوخة الخلوية.
• يدعم صحة الدماغ: الأبحاث أظهرت أن الاستهلاك المنتظم لزيت الزيتون يقلل من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر ويحسّن الذاكرة.
• يحمي الكبد: بعض الدراسات الحديثة أثبتت دوره في تقليل دهون الكبد وتحسين وظائفه عند مرضى الكبد الدهني غير الكحولي.
• يدعم المناعة: زيت الزيتون البكر الممتاز (Extra Virgin Olive Oil) يحتوي على مركبات تساهم في تعزيز الجهاز المناعي والوقاية من العدوى.

 

هل القلي بزيت الزيتون مضر؟

تدور تساؤلات كثيرة حول استخدام زيت الزيتون في القلي.

• زيت الزيتون البكر الممتاز يتحمل درجات حرارة تصل إلى 190 – 210° مئوية، وهو ما يكفي لمعظم طرق الطهي.
• عند تسخينه لدرجات أعلى لفترات طويلة قد تتحلل بعض مكوناته المفيدة، لكن الأبحاث تشير إلى أنه أكثر استقراراً وأقل إنتاجاً للدهون المتأكسدة مقارنة بزيوت نباتية أخرى مثل زيت الذرة ودوار الشمس.
• لذا، يُنصح باستخدامه في الطهي والقلي الخفيف والمتوسط، مع تجنب تكرار استخدام الزيت أكثر من مرة.

 

الزيتون في القرآن والسنة

جاء ذكر الزيتون في القرآن الكريم في أكثر من موضع، منها قوله تعالى:

"يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ" (النور: 35).

كما قال النبي ﷺ:

"كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ، فَإِنَّهُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ" (صحيح الجامع 4498).

 

زيت الزيتون.. سرّ طول العمر

تؤكد الإحصائيات أن شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط، التي تعتمد على زيت الزيتون كمصدر أساسي للدهون، تتمتع بأدنى معدلات الإصابة بأمراض القلب مقارنة ببقية العالم. ويعود ذلك إلى اتباعهم النظام الغذائي المتوسطي (Mediterranean Diet) الغني بالخضروات، الأسماك، الحبوب الكاملة، وزيت الزيتون.

 

إن زيت الزيتون ليس مجرد مكوّن غذائي، بل دواء طبيعي متكامل. فوائده تمتد من القلب والدماغ إلى الجلد والمناعة. ومع أنه مناسب للطهي وحتى للقلي المعتدل، تبقى أفضل طريقة للاستفادة منه هي تناوله خاماً بصفته "الذهب السائل" الذي منحته الطبيعة وصيةً للصحة وطول العمر .

 

اقرأ أيضا

 

تأثير الألوان على نفسية الإنسان ومشاعره

أسباب وأعراض احتشاء عضلة القلب

تحذير .. المشروبات السكرية تؤثر على الذاكرة

معلومات هل تعلم عن جسمك والمحافظة عليه

كيف تعرف أنك لا تشرب الكمية الكافية من الماء؟

أطعمة تضر جهازك المناعي

مضار استخدام الزيوت المهدرجة على الصحة